في عالم السياسة ، تبقى بعض الحقائق مغلّفة بالضباب وإن كانت واضحة للعارفين ببواطن الأمور .
الجانب الأمريكي عُرف عنه التصريح الواضح بأفعاله ، مهما كانت قسوتها أو خطورتها ، بينما اختار الكيان الإسرائيلي نهج التعتيم والمراوغة ، يضرب حيث يشاء دون أن يترك خلفه أثراً مباشراً ، وهذا سلوك صار جزءاً من سجله المعروف .
إذا استعرضنا حادثة مرفأ بيروت ، نجد أن المشهد بدأ بحريق أعقبه انفجار مزلزل هزّ العاصمة اللبنانية وأعاد خلط الأوراق في المنطقة .
حينها ، وصلت الرسائل لمن يلزمهم الأمر دون أن يُعلن الفاعل صراحة .
صمت الجميع ، يترقبون ويتكهنون ، حتى انتهى الأمر بتوجيه الاتهامات إلى حزب الله ، من قبل أعدائه في الداخل والخارج على حد سواء .
اليوم ، تتكرر المشاهد ولكن في موقع آخر !!
ميناء بندر عباس الجمهورية الاسلامية . اندلع الحريق وتلاه انفجار لافت ، بالتزامن مع عقد الجولة الثالثة من المفاوضات بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية .
توقيت الحادثة يكشف عن رسائل سياسية موجهة بأدوات غير مباشرة، تعبر عن مأزق تفاوضي حاد ومحاولة لفرض أوراق ضغط جديدة على طاولة المفاوضات .
في خلفية هذه الأحداث ، يظهر واضحاً أن الولايات المتحدة تعاني من أزمة اقتصادية خانقة . الاستفلاس السياسي والمالي الأمريكي لم يعد سرّاً ، بل باتت واشنطن بحاجة دائمة إلى خلق أزمات مفتعلة تبرر بها تحصيل الأموال أو السيطرة على مصادر جديدة للثروة .
أما التصريحات المتداولة حول الزيارة المتوقعة للرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب إلى السعودية خلال الفترة القريبة القادمة ، فهي مؤشر إضافي إلى عمق الحاجة الأمريكية للمال والدعم السياسي ، وسط مشهد إقليمي متوتر وعلاقات معقدة مع الحلفاء التقليديين .
العلاقة السعودية-الأمريكية-الإسرائيلية اليوم لم تعد محكومة فقط بالمصالح الاستراتيجية ، بل تداخلت فيها الحسابات الانتقامية والخطط الاقتصادية القائمة على الابتزاز والضغوط الخفية .
في النهاية ، تتقاطع الرسائل الملتهبة في الموانئ مع الملفات السياسية المفتوحة ، لترسم مشهداً مستقبليّاً غامضاً ، عنوانه الأبرز صراع البقاء في زمن الانهيارات الكبرى .
اذاً :
كل شيء يدفع نحو سؤال مفتوح:
من يدير النار اليوم … ومن يحترق بها غداً ؟
https://telegram.me/buratha
