بقلم: صباح البهبهاني
.سيد صباح بهبهانيبسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28 .(الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) الرعد/29 .(أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) الزخرف /18 .إن مشكلة العصر ومحنة الأبناء والآباء في عالم اليوم، أشد خطرا على سعادة الطرفين، لعدم فهم الآباء أسس التربية الصحيحة من جهة!.. من جهة أخرى: هو تمرد الأولاد على أوامر الوالدين!.. قبل التحدث عن منشأ هذا الإحساس من الجانبين ينبغي للمربي، أن يوضح مصدر تلك التربية الصالحة التي رسمها الله -سبحانه- بالصدق، والأمانة، والورع، والتقوى حتى ينشئ الجيل عكس الآية 18 من سورة الزخرف أعلاه ... مثل الأئمة الأطهار -عليهم السلام- كانوا يبذلون قصارى جهدهم في تعليم الأحكام الشرعية، وتلقين الموالين المعارف المحمدية، ويعرفونهم ما لهم وما عليهم.. ولا يعتبر الأئمة رضوان الله عليهم) الرجل تابعا لشيعتهم، إلا إذا كان مطيعا لأمر الله، مجانبا هواه أخذ بتعاليم الإسلام وإرشادات السنة).. وكانوا يريدون من أتباعهم أن يكونوا دعاة الحق، وإدلاء على الخير والرشاد، بالعمل واللسان. وقال الإمام الصادق (رضوان الله عليه): ( كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع)، وعلى هذا أخذ أئمة أهل البيت على أنفسهم، أن يقوموا بمهنة بناء الشخصية الإسلامية.. لكي تتحقق المواصفات التي يتصف بها الموالي ..! .. فكيف إذن يكون الوالدين لكونهما المعلم والمرشد ..؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام في وصف التربية الصالحة : إن الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة .وقال (ص) أيضاً : من سعادة الرجل الولد الصالح . وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضوان الله عليه : الولد الصالح أجمل الذاكرين . وقال أبو عبد الله رضوان الله عليه : ميراث الله من عبده المؤمن ولد صالح يستغفر له .قال رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام : مر عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر يعذب صاحبه ، ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب ، فقال : يا رب مررت بهذا القبر عام وهو يعذب ، ومررت به اليوم وهو لم يعذب ؟ ! فأوحى الله جل جلاله إليه : يا روح الله قد أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً وآوى يتيماً ، فغفرت له بما عمل أبنه .وسائل الشيعةج2ص560 .وقال الإمام علي كرم الله وجهه ورضوان الله عليه : ولد السوء يهدم الشرف، ويشين السلف .وقال أيضاً : ولد السوء يعر السلف ،ويفسد الخلف. وأن كل ما ورد من آيات وأحاديث في الإصلاح والتربية هي من تراثنا الإسلامي وعليه يجب أن يكون الأباء القدوة ..! يكون خير خلف لخير سلف .يقول الإمام الباقر (رضوان الله عليه) (يا جابر، يكتفي من اتخذ التشيع يقول بحبنا أهل البيت!.. فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبر بالوالدين، والتعهد للجيران من: الفقراء، وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس إلا من خير.. وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء).. وهذه المواصفات التي أشار إليها الإمام الباقر (رضوان الله عليه) ..على أساس بناء الشخصية، لترتفع بها نحو السمو.. ويلاحظ فيها المؤشرات التربوية الأخلاقية التي يقوم عليها بناء الفرد. ويا عزيزي طالب الذرية الصالحة، وترجو منهم بعد الممات أن يكونوا صدقة جارية!.. ألفت نظرك روى أبو إسماعيل قال: (قلت لأبي جعفرـ (رضوان الله عليه): جعلت فداك!.. إن الشيعة عندنا لكثير، فقال: هل يعطف الغني على الفقير، ويتجاوز المحسن عن المسيء، ويتواسون؟.. فقلت: لا، فقال ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل ذلك). المرجو أن تكون تربيتكم على هذا الغرار، لأن مسألة تربية الطفل تشغل مكانة كبرى من المسائل الاجتماعية في عصرنا هذا.. فالطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع، إن أحسن وضعها بشكل سليم، كان البناء العام للمجتمع مستقيما، مهما ارتفع وتعاظم.. ولهذا يحتاج الطفل إلى هندسة وموازنة بين ميوله وطاقاته، ويفتقر كذلك إلى تربية صالحة، ينشأ فيها وتصقل مواهبه.. وكما يعوزه تنظيف موارد الثقافة التي يتلقاها والحضارة التي يتطبع عليها.. والتربية التي ينشأ عليها؛ لأنه عالم قائم بنفسه، يحمل كل سمات الحياة بصورة مصغرة، في جميع مكونات المجتمع.. هذا ما يقوله كل باحث تربوي. وجاء عن الإمام زين العابدين (رضوان الله عليه) ودور الأسرة في التربية: ((وأما حق ولدك: فأن تعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره.. وإن عمل ابنك عملاً حسناً، قال له الناس: رحم الله أباك!.. وإن عمل سوءاً قال الناس: لعن الله أباك!.. وأنك مسؤول عما وليته من حُسن الأدب والدلالة على ربه -عز وجل- والمعونة على طاعته.. فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، ومعاقب على الإساءة إليه). وعن الإمام زين العابدين (رضوان الله عليه) أيضا: ( وحقّ الصغير: رحمته في تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له).. ولهذا يسعى الإسلام دائما إلى جعل الأسرة المسلمة قدوة حسنة طيبة، تتوفر فيها عناصر القيادة الرشيدة في تربية الأبناء.. وأهم قاعدة من قواعد التربية الإسلامية، هي توجد عملية تربوية لقدوة الصلاح، وحب الخير، والعمل الصالح.. لذ قال الإمام الصادق (رضوان الله عليه): (وتجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه).. ومن هنا يعتبر الأبوان هما المسؤولان الأول عن تربية أبنائهم تربية صالحة، ليكونوا قرة عين له في مستقبله. ويقول الإمام علي كرم الله وجهه ورضوان الله عليه: (ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك، أن يكون ذلك وأنت مُقْبِلُ العُمُرِ وَمُقْتَبِلُ الدَّهْرِ، ذو نيَّة سليمة، ونفس صافية، وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامه) ...وإن كنت -يا عزيزي- ترجو صدقة جارية بعد الممات كم ذكرت: عليك بتربيته حسب الكتاب والسنة والمجتمع الصالح، وقد رسم الرسول -صلى الله عليه وآله- مناهج في التربية الصالحة والوفاء.. روي عنه قال: (أحبوا الصبيان وارحمهم، وإذا وعدتموهم، ففوا لهم؛ فإنهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم.. إن الله –عز وجل- ليس يغضب لشيء، كغضبه للنساء والصبيان).. وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: (من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ).. وقوله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام أيضا: (أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم؛ يغفر لكم). وقد ورد عن أبي لزهراء محمد -صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام - قال: (لأن يؤدب أحدكم ولده، خير له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم).. وإن كانت تربيتك لهم على هذه الوصايا والأوامر، فلا تقلق.. وإن نجاح تربيتك تكون كالإناء ينضح بما فيه. وأرجو منك أن تتعمق بقول الله في عباده الصالحين قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )الفرقان /74 ... والعبء والمسئولية لا بد أن تكون عهدتا في رقاب الوالدين.ونعم ما قيل في هذا الصدد :ما يبلغ الأعداء من جاهل * ما يبلغ الجاهل من نفسه والشيخ لا يترك أخلاقه * حتى يوارى في ثرى رمسهإذا أر عوى عاد إلى جهله * كذي الضنى عاد إلى نسكه وإن من أدبته في الصبى * كالعود يسقى الماء في غرسه حتى تراه مورقا ناضرا * بعد الذي أبصرت من يبسه.المحب المربيbehbahani@t-online.de
https://telegram.me/buratha