نبيل محمد سمارة
منذ تأسيسه، لم يكن الحشد الشعبي مجرد تشكيل عسكري وطني وفاعل في مواجهة الإرهاب، بل تحوّل إلى عقدة حقيقية في وجه المخططات الأمريكية–الإسرائيلية الرامية إلى تمزيق العراق، ونهب ثرواته، وتحويله إلى ساحة نفوذ دائمة.
لقد مثّل الحشد الشعبي، منذ انطلاقته عام 2014، عنصر المفاجأة الكبرى التي أربكت معادلات واشنطن وتل أبيب في العراق والمنطقة. حين كانت داعش تُستخدم كأداة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، خرج الحشد من رحم فتوى المرجعية، ومن صميم الإرادة الشعبية، ليقطع الطريق على هذا المشروع التخريبي، ويقلب المعادلة رأسًا على عقب.
لم يكن إفشال مشروع داعش مجرد هزيمة لتنظيم إرهابي، بل كان ضربة موجعة لمشروع "الفوضى الخلاقة" الذي صاغته عقول في واشنطن وتل أبيب. فشلوا في تقسيم العراق طائفيًا وعرقيًا، وفشلوا في إحكام السيطرة على القرار الوطني، ووجدوا في الحشد الشعبي القوة التي كسرت هيمنتهم وأربكت تحركاتهم.
ولذلك، لم يكن مستغربًا أن يصبح الحشد هدفًا دائمًا لحملات التشويه الإعلامية، والعقوبات، بل والضربات الجوية الغادرة، كما حصل في قصف مقراته مرارًا، سواء عبر الطائرات الأمريكية أو المسيّرات الإسرائيلية. إنها محاولة يائسة لإضعاف هذا الكيان الذي أثبت أن العراق لا يُدار من خلف المحيط، وأن السيادة ليست شعارًا، بل دماءً وتضحيات.
ما تخشاه واشنطن وتل أبيب هو ما يمثّله الحشد من وعي شعبي وطني، ومن ارتباط وثيق بقضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين. فالحشد ليس فقط جيش الأرض، بل هو وجدان الناس، وهو الصوت الأعلى في رفض التطبيع، والداعم للمقاومة، والرافض لتحويل العراق إلى قاعدة عسكرية أمريكية أو محطة تجسس إسرائيلية.
اليوم، ومع اشتداد الضغط الدولي والإقليمي على محور المقاومة، تزداد الهجمة ضد الحشد، لأنه بات عنوانًا لمعادلة جديدة: عراق قوي، حر، لا يُدار بالريموت من السفارات. ولذلك، فإن التهديدات الأمريكية والإسرائيلية، مهما تصاعدت، لن تغيّر حقيقة راسخة: أن الحشد الشعبي وُلد من رحم الخطر، ولن يختنق تحت التهديد.
إن الدفاع عن الحشد الشعبي، هو دفاع عن سيادة العراق، وعن دماء شهدائه، وعن قراره المستقل، وعن فلسطين، وعن كرامة الشعوب العربية التي سئمت الاحتلال والاستعمار بأشكاله الحديثة.
https://telegram.me/buratha
