علي عنبر السعدي ||
- متى ولماذا تلجأ التظاهرات للعنف ؟ وماهي حيثياته وعوامله؟
- أكثر المجتمعات استقراراً ظاهراً ، أكثرها قلقاً على صعيد الأفراد .
- العجلة اللاهثة – والقلق القاتل .
في الدراسات ، التي تحاول ايجاد مخرجات لتفسير حالات العنف ، المرافقة للتظاهرات الاحتجاجية في العالم ، باعتبارها من الظواهر الطبيعية للتعبير عن رفض ممارسات السلطات القائمة ،أو غياب عدالة في توزيع الثروات او ايجاد فرص العمل أو التمييز العرقي أو الديني - الخ .
لكن ذلك العنف ليس استجابة تلقائية لروح الجماعة ، أو انقياداً يغيب عنه الوعي ويسيطر عليه السلوك الجمعي في حدث معين ، محكوم بزمانه ومكانه وحيثياته وحسب ، بل هناك ما هو جدير بالنظر اليه ،بدءاً من السؤال : متى وكيف ينطلق العنف ؟ هل علينا أن نحرق شرارة أولى ، كي نرى قابلية الغابة اللاحتراق ؟؟
ينبغي الاشارة ،إن ليس كل احتجاجات محكومة بالعنف ، فالكثير من التظاهرات المطلبية أو الاحتجاجية أو السياسية، تنطلق وتستمر دون ان يرافقها عنف من المحتجين أنفسهم ، أما تلك التي تلجأ الى العنف ، فهي الاستثناء في القاعدة ، وتكون دوافعها كما يلي :
1- إذا توفرت لها عوامل تحريض متواصلة ومتراكمة ،وصولاً الى التسلّح بالكراهية ، التي تعتبر المحرك الأول للعنف .
2- إذا كان العنف جزءاً من متطلبات الصراع على السلطة ، خاصة عند قوى فقدتها وتريد استعادتها ، أو قوى تطمح بالوصول الى السلطة ، أو تعزيز مواقعها في السلطة .
3- إذا غا ب عنها الحضور العددي والحاضنة الاجتماعية معنوياً ، أو انحسر تأييدها لسبب ما .
4- إذا تخللتها عوامل دينية أو فئوية أو عرقية – مخفية أو ظاهرة.
5- الاعتقاد بأن العنف يجلب الإهتمام أكثر من غيره ،ويترك أثراً أكبرعلى السلطات .
6- إذا كانت هناك حركة سياسة تهيء وتتجهز ، انتظاراً لحصول (شرارة) تتخذها اشارة انطلاق .
7- إذا تحوّل القلق الفردي ، الى اضطراب مجتمعي .
ليس هناك من مجتمع ، لايحمل أسباباً للاحتجاج ، سواء في العلاقات اليومية والسلوكيات العامّة ، أو فيما يراه من ممارسة السلطات الحاكمة ،أو التفاوت في مستوى المعيشة وطرق الحصول عليها ، لكن المفارقة ان سايكولوجيا العنف الاحتجاجي ،تظهر في مايفترض انه مجتمعات متحضرة ،أكثر من ظهوره في المجتمعات الأخرى ، فلماذا ؟
دراسة واقع المجتمعات ،يظهر ان أكثرها استقراراً ظاهراً ، أكثرها قلقاً على صعيد الأفراد ، فالأنظمة الرأسمالية / الليبرالية ، تنهج مبدأ : الفرصة الجميع ، والشحّة للفرد ، أي إنها أتاحت للجميع السباق للوصول ، لكن لمن يمتلك الوسيلة القادرة ، أما من يفقد تلك الوسيلة ،فتسحقه العجلة المسرعة دون توقف .
هنا يدخل (الجميع) في القلق بصفته الفردية ،قلق عدم الحصول على الفرصة أو التنافس عليها ، وقلق فقدها او التراجع عن السباق ، او عدم القدرة على تحسين وضعه المادي والاجتماعي حيث لامجال للتوقف أو الاكتفاء ، والقلق على عدم امتلاكه خميرة للمستقبل حين يخرج من المنافسة .
تلك عوامل ينبغي دراساتها بعمق وما تخلقه من دوافع للعنف المستتر أو المعلن .
وسنكمل ذلك في حلقات قادمة بعون الله
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha