المقالات

كيف نستثمر المشتركات الوطنية في التنمية؟!


إنتصار حميد ||

 

إن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة - في أي بلد في العالم - مرهون بتحقيق الوحدة الوطنية التي هي الضامن لاستمرار الدول وبقاء المجتمعات.

غالباً ما تجد الدول المتعددة القوميات صعوبة في التفاهم، والتناغم، والانسجام بين مختلف مكوناتها المجتمعية وهو ما قد يؤدي أحيانا إلى فقدان الثقة بينها، والدفع بالأمور إلى الاصطفافات، والتخندقات القبلية، والعرقية الضيقة.

إلا أن هناك حالات استثنائية تم فيها ليس التغلب على تلك المشاكل فقط وإنما تم تحويلها إلى مصدر تنوعٍ وثراء وقوة محركة للتنمية والتطور والإزدهار.

في الحالة العراقية، يوجد تنوع عرقي ومجتمعي كبير، غير أن المشتركات الوطنية تشكل أداةً قوية، وكفيلة بدعم وترسيخ الوحدة الوطنية بين مختلف الأطياف.

في أول هذه المشتركات يأتي الدين الإسلامي الحنيف الذي يمثل أقوى رباط يربط بين الشعوب. فالشعب العراقي بغالبيته المسلمة أنعم الله عليها بنعمة عظيمة ألا وهي الإسلام الذي تحث تعاليمه على الوحدة والمحبة والاحترام بين مختلف أفراد المجتمع وتنهى عن التفرق والتباعد والتباغض...

منها أيضا الثقافة؛ حيث أن جميع أطياف المجتمع العراقي تشترك في تراث ثقافي مادي وغير مادي غني ومتنوع، سواء كان ذلك المستمد من الحضارة الإسلامية أو المكتسب عن طريق الجوار، والاحتكاك، والاختلاط بين السكان منذ قرون.

منها التاريخ؛ لأن مكونات الشعب العراقي يربطها تاريخ مشترك جذوره ضاربة في القدم، حيث تتعايش جميع المكونات في جوٍ يسوده الاحترام المتبادل وحسن الجيرة والتكافل الاجتماعي.

يبقى من نافلة القول التنويه أن سوء الحكم، وانعدام الشفافية، وانتشار الظلم، والغبن يشكلوا معاً معول هدمٍ يقوِّض كل مقومات الوحدة والبقاء والاستقرار، ويضع الدول والمجتمعات على حافة الهاوية.

علاوة على الخطر الذي يمثله التأثير المتنامي للتنظيمات القبلية والمنظمات والأحزاب الشعبوية، والشرائحية، والعرقية التي تتبنى خطابا سياسيا متطرفا، وعنصريا يفرق بين الناس ويحرض بعضهم على بعض.

وبناءً على ذلك، فإن الجميع مطالب بتحمل مسؤولياته في حماية وتقوية مشتركاتنا الوطنية من أجل عراق قوي موحد، ويستوي في ذلك المجتمع المدني، والأسرة، والمدرسة، وأئمة المساجد، والحكومة، والأحزاب السياسية، ...إلخ.

في الأخير، فإنه لا بُدَّ من تشجيع الخطابات والمشاريع الوطنية الجامعة والتصدي للخطاب الشرائحي والعنصري، والاستثمار بقوة في المشتركات الوطنية كمنطلق لتعزيز الوحدة الوطنية.

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك