المقالات

الخلافة والإمامة والدين والسياسة


بقلم : سامي جواد كاظم

عبثوا كثيرا بعقول المسلمين الذين يتأرجحون مع ما يستجد من أفكار غريبة غربية او ممن يتأثر بسرعة بالمصطلحات الغربية التي كثيرا ما يطلقها الغرب على الإسلاميين فقط دون غيرهم ومن هذه المصطلحات العبثية ( المتشدد والمتطرف والمحافظ والإصلاحي ) وما الى ذلك من مصطلحات ، وأخر صيحة من هذه الصيحات المصطلحاتية كانت الليبرالية والتي أصبح معناها الشائع لدى الكل هو فصل الدين عن السياسة واكثر الناس تشبثا بهذا المصطلح هم ذوي الأفكار المهزوزة مع اخذ قشور الليبرالية دون الابعاد الحقيقة لهذا المصطلح والذي لا يخلو من الايجابية وان كان الأغلب هو السلبية .

على غرار فصل الدين عن السياسة ابتكرت فكرة اختلاف الخلافة عن الإمامة وهي تعتبر نفس المعنى الذي يلوح به الليبراليين وهي جعل الإمامة في ما يخص الدين اما تمشية أمور المسلمين فيما يخص حياتهم اليومية من تجارة وصناعة فهي من اختصاص الخليفة . وكلمة الخليفة لم تستخدم في التاريخ الإسلامي لغاية يوم وفاة رسول الله (ص) واكتشفت هذه الكلمة بعد جلسة السقيفة حيث تعتبر نقطة الانطلاقة للمتهورين وقصيري الفكر بالبحث والتأكيد على اختلاف معنى الخلافة عن الإمامة .

وجاءت هذه الفكرة الان بعد ما فشلت كل الجهود من الغاء مبدأ الإمامة المحصور بمن خصهم رسول الله (ص) في اكثر من حديث ومناسبة ووجود هذه الإقرارات في كتب المخالفين بما فيها الوهابية ولعل يعتبر من اشد ما كتب بعداء لال الرسول عليهم السلام هم البخاري ومسلم وابن كثير وابن تيمية ورغم ذلك هنالك نقاط صارخة بحق امامة ال الرسول عليهم السلام لم يستطيعوا من طمرها .

والمعلوم الان بدأ السلفيون والوهابيون إيجاد تفاسير ومخارج لما هو منصوص لديهم بسلبيتهم وأحقية ( الروافض ) بدعواهم ، ولعل الأمثلة كثيرة جدا في هذا المجال فعلى سبيل المثال لا الحصر تفسير اية المباهلة والتي لم يستطع ابن كثير ولا ممن هو اكثر منه ناصبية من زحزحة معنى هذه الاية وتغير ولو جزء يسير من معناها اقروا أخيرا أنه صحيح كان رسول الله يحبهم حب أبوي ولا يعني تسلطهم على رقاب الناس كما ادعى ذلك الناصبي عثمان الخميس عندما زلزله المستبصر عصام العماد في كتابه الزلزال .

حديث في البخاري يقول ان رسول الله قام فينا خطيبا وقال من هنا الفتنة قالها ثلاث وأشار الى بيت عائشة ومن ثم قال من هنا حيث يطلع قرن الشيطان وجاء المفسرون الجهابذة الوهابية بتفسير هذه الواقعة بان رسول الله (ص) كان يؤشر باتجاه الشرق وصادف ان بيت عائشة في نفس الاتجاه ، استحلفكم بالله هل هذا مخرج شرعي ومنطقي لهذه المصيبة بل ان هذا المخرج اقل بكثير مما يقال عنه تافه .

وللإمامة نصيب من هذه الخزعبلات الوهابية بعد ما عمى نور الإمامة عيونهم وعليه لا بد من بذل الجهد لإيجاد مخرج شرعي لمؤتمر السقيفة ، فجاؤا بتفريق الخلافة عن الإمامة ومتبجحين بأسباب تافهة وهي ان الخليفة عمر كثيرا ما كان يستعين بالإمام علي (ع) في الأمور الفقهية التي يعجز عن حلها عمر ولعل مقولته المشهورة (لولا علي لهلك عمر ) وغيرها من المقولات منها (ما من معضلة الا ولها ابا الحسن )،لهي خير دليل لديهم على معنى الإمامة لعلي والخلافة لعمر ، والملاحظ انه بعد ما يسعفهم الإمام علي (ع) بالحلول الصحيحة نجدهم لا يخالفونه برأي لعلمهم بأحقيته فيما يدعي ويقول .

واليوم كثيرا ما اقرأ من إصدارات سلفية تفصل الخلافة عن الإمامة وكأنها ليبرالية الخلفاء الراشدين كانت مطمورة ولا يعلم بها هم أنفسهم الخلفاء وأرادوا أتباعهم اليوم ان يظهروها للملأ كمخرج شرعي على اقل تقدير من وجهة نظرهم لما اقدموا عليه من بخس حق الائمة (ع) في التصدي لامور المسلمين بشتى مجالات حياتهم وطبقا للأمر الإلهي الناص على ذلك .

المؤلم انه هنالك من الكتاب المحسوبين على اتباع اهل البيت بدأوا يتفلسفون في هذا المصطلح السلفي الجديد (الخلافة والإمامة ) وبالتالي يعود بنتائج سلبية على ما يتولد منهم من أفكار سلبية . اعتقد انا ومن وجهة نظري ومدعما بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية ان كل من يقول بفصل الخلافة عن الإمامة يكون قد اقحم نفسه في مهلكة مؤكدة الا وهي غضب الله عز و جل عليه وان كل من يدعي ذلك فانه يكون قد ارتكب كبيرة من الكبائر وانه يكون قد اشرك بالله عز و جل وحاشى الله من النقص تكون رسالته للبشرية ناقصة وانه اتهم بأمور تخص عبادته وترك الناس همجا ورعاعا في تمشية بقية مسالك حياتهم .

من يستطيع ان يثبت ان هنالك عمل معين ليس له علاقة بالأخلاق الإنسانية والتي كانت جل اهتمام الرسالة المحمدية هو الارتقاء بهذه الأخلاق ، ما هو الأمر السياسي الذي لا حساب عليه يوم القيامة واذا كان عليه حساب فكيف يحاسب الله عز و جل من لم يلقي عليه الحجة في هذا الامر المحاسب عليه .

كثيرة جدا المناظرات التي حصلت للائمة الأطهار عليهم السلام وابتداءا بالإمام علي (ع) وانتتهاءا بالإمام الحجة (عج ) أرواحنا له الفداء هل هنالك مناظرة واحدة اعتذر الإمام المعصوم عن الاجابة عليها على اعتبار انها خارج فكرة الإمامة ؟ قطعا لا يوجد واذا كان الامام يجيب على كل ما يسال عن شتى امور الحياة اذن فماذا بقي للسياسة التي تهتم بها خارج فكرة الامامة .

نحن نعلم كثير من الاقوام والامم ومن غير ملة الاسلام كانت تجتهد في صياغة الصعاب من المسائل وقطع المسافات الطوال لغاية المواجهة مع الامام المعصوم وطرح ما لديهم من مسائل يعتقدون صعوبتها على الإمام الا إنهم بنذهلوا بعلم الإمام والكثير منهم يسلم ويعود مسلم الى دياره بدل من ان يعود منتصر على اقل تقدير من وجهة نظر من بعثهم وان كان حقا هو منتصر في داخله لتحوله من الظلام الى النور ، ولعل الكل يعلم ما كان يقع فيه من حرج شديد من الذين اغتصبوا الخلافة عندما يقدم إليهم مستفسر عن أمور الإسلام فكانوا يبعثون بهم الى إمام زمانهم لغرض الاجابة ، ويا لكثرة النداءات التي وجهت للائمة الحقوا لنصرة دين جدكم فهنالك من يجادل فيه بغير علم .

ونتيجة الفصل حسب ادعائهم تكون خلافة الإمام علي (ع) فلتة وليست خلافة ابي بكر فلتة كما قال عنها عمر ، وان هنالك من قال ما اجتمعت الخلافة والنبوة في بيت بني هاشم والتي تعتبر حجر ا ساس لدعاة الفصل بين الخلافة والإمامة ،الا إننا نجد إنها اجتمعت في خلافة أمير المؤمنين والتي يشهد لها كل من كتب عن التاريخ بانها نقطة مضيئة في تاريخ الإسلام .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك