المقالات

احلام الجائعيين أيحق للجائع ان يحلم؟


( بقلم : المهندس احمد عبد الجبار رزج )

يقال ان الفقير هو من لايملك طعاماً ولامسكناً ولاهواءاً صحياً ولاقدرة له على ان يتعلم ولا امل عنده وبالنهاية فأن محصلة كل هذا يأس واحباط.. فيا ترى عندما ينعدم لدى الإنسان الامل وعندما يعيش في وسط هذا الكم الهائل من اليأس وعدم الايمان بأن القادم قد يحمل شيء افضل مما هو قائم فيا ترى هل يمكن لذلك الإنسان ان يحلم؟.. واذا قدر له ان يحلم فيا ترى ماهو حلمه والى اين يصل مداه؟..

قد يبدوا الموضوع باكمله مكرر والناس قد ملت تكراره واعادته في كل يوم ومن خلال وسائل والاعلام المتوفره في هذا الزمان من صحف واذاعات وفضائيات فمع اقتراب تشكيل اي حكومة او انتهاء انتخابات او بداية عام ونهاية آخر نسمع ماذا تحلم وماذا تتمنى ان يتحقق لك. والاجابات هي ايضاً متكررة ومتشابهة وكأنها انشودة في منهج من مناهج المرحلة الابتدائية والطلاب يحفضوها ويرددوها يومياً امام معلتهم.. فالكل يريد المال والكل يريد الخدمات ماء وكهرباء والكل يريد عمل والكل يريد استقرار وامان والبعض يريد السفر للاستجمام، وهكذا قائمة طويلة من الاماني والاحلام قد تكبر حسب فقاعة المتكلم.

لكن نحن هاهنا لن نسمعكم فقط شيئاً من تلك الاحلام والامنيات فكلما قلنا سابقاً بأنها معروفة والناس قد ملت تكرارها فنحن اليوم نريد ان نتعرف سوية على الفقير الحالم.. نتعرف على حياته وطبيعة معيشته وعن الصعوبات التي يلاقيها وبالتالي نفهم لماذا اختار هذا الحلم دوت غيره.. اذا ما اود ان اصل إليه هو اننا اليوم سنكون في عالم الجوع والفقر نتجول في شوارع الحرمان والمعانات.. نقارن بين حجم احلام الجائعين واحلام المترفين لنحكم بعدها ان كان حلم الجائع حلم.. وان كان للجائع حق اسمه حلم ام ان حتى هذا الحق قد سلب منه. وهل الجائع حر في حلمه ام حتى في حلمه هناك حدود وخطوط حمراء لايمكن ان يتجاوزها.. لااريد ان اطيل وان ابعثر الموضوع فأنا داخل الآن كما قلت سابقاً الى عالم الجوع والحرمان وباب هذا العالم مفتوح امام الجميع.. فمن يحب فليدخل معي..

ام احمد امراءه عراقية زوجها انسان مقعد مقدار الشلل لديه 100% لديها ثلاثة بنات وولد اكبر بناتها لم تتجاوز الثالثة عشر وولدها الوحيد عمره عشرة سنوات بيتهم عبارة عن غرفة واحدة مبنية من الطين وبابها (بطانية) الدولة تعطيها مئة وخمسين ألف كأعانه تقول ان ثلاثة ارباع هذا المبلغ يذهب كدواء لزوجها المقعد لهذا هي مجبرة لان تتوجه الى (الساحة) بصورة يومية لتبيع الخضار وتوفر شيئاً من المال من اجل لقمة اطفالها.. واملها الوحيد هو ان (يعطيها الله العافية) وتكون قادرة على العمل وتستمر في اعانة اطفالها..

 وعندما سألناها ماذا تطلب من الحكومة ان تقدم لها قالت (يمه خلينه منهم وخلي اشبعون همه).ومن لقطات عالم الجوع الاخرى هي ام هدى التي هي واحدة من فقراء الشعب امراءة وحيدة لاتملك اولاد وزوجها متوفي اصيبت قبل اشهر بالسرطان وبقيت تصارع الالم وتنتظر الموت هل يمكن لاحد منا ان يتصور مقدار العذاب الذي يعشعش الفرد حيث يبقى في الحياة لينتظر الساعة التي يغادر فيها هذه الحياة على العموم.. نعود الى ام هدى وسرطانها ولانها فقيرة ومستشفيات الدولة افقر منها في علاج هكذا مرض لم يكن بمقدار اي زائر لهذه المراءة ان يعطيها اي جرعة امل بالغد يعني ألم وعذاب الا اذا كانت رحمة الله قد اذنت للروح بأن تذهب الى بارئها وينتهي هذا العذاب اما عن احلام ام هدى فلا حلم لها الان لانها اليوم قد اصبحت تحت التراب وانا على يقين بأن كلماتها الاخيرة هي دعواتها بأن تقوم الدولة بتوفير العلاج لمرضى السرطان وان تكون مستشفياتها غنية بأجهزة الكشف عن هذا المرض المرض الذي راح بسببه ألوف العراقيين مع العلم ان الطب الحديث اليوم اصبح بمقدوره علاج الكثير من حالاته.

تعينات الشرطة واحلام الشباب: رأئيه يحمل علب المناديل الورقية ويقف في احدى تقاطعات الطرق عمره لايتجاوز العشرين عاماً اقتربت منه فعرفت ان اسمه علي لديه شهادة الثالث متوسط يعمل ليساعد والده في اعالة اخوانه يسكنون في بيت ايجار لهذا فأن معظم (واردهم) يذهب لتغطية مبلغ ايجار المسكن تحدث معنا عن احلامه قائلاً:- احلم ان اكون في شرطة النجف لكي يتم تعييني والاستفادة من الراتب الكبير الذي يتم اعطاءه للشرطة فاليوم التعينات في الشرطة لاتتم الا بواسطة (زنية) وانا على استعداد ان ادفع اي مبلغ لاي شخص بمقدوره ان يقوم بتعيني بالشرطة واضاف على انه تقدم كثيراً للتعيين ولكن دون فائدة فعلى حد تعبيره شخص بدون (ظهر) لايمكن ان يفعل شي فالكل اليوم (ميسوي شي لوجه الله) والكل يريد مقابل عن اي شيء.

حسين شاب آخر لكن معاناته تختلف عن معانات علي فحسين معاق ومصاب بالشلل لهذا فأن حلمه الوحيد ان يحصل على كرسي معوقيين ليستطيع ان يتجول ويرى العالم ويراه ولتتقلص معانات امه معه فهو على امل بأن يتلطف المسؤوليين ويسعون الى توفير هذه الكرسي لكل المعاقيين في البلد وان يحولوا سفراتهم الترفيهية للدول الاوربية الى سفرات عمل يسعون من خلالها حل كل مايستطوعون من مشاكل المواطنين انهاء معاناتهم وفي نهاية كلامه قال حسين عندما حكم الإمام علي (عليه السلام) حمل الطعام على ظهره للفقراء والمساكين فماذا حمل لنا اليوم حكامنا وماذا قدموا لنا اتمنى ان يجيبني احدهم.

اما الاخ حيدر حمزة فكانت احلامه تتجسد في قطعة ارض فحيدر متزوج من ثلاث سنوات ولديه طفلان وهو معلم لايتجاوز 125 ألفدينار ساكن هو واخوه الذي هو الآخر متزوج ولديه طفل مع اهله في بيت مساحته مئة متر مع ثلاثة اخوة آخريين واختيين ولهذا فهو واطفاله وزوجته يعيشون في غرفة صغيرة ويقول ان اقل (عرصه) اليوم لاتقل عن خمسة ملايين دينار وان الدولة لاتعطيني سوى 125 ألف فكيف بمقدوري ان اشتري عرصة وحتى لو اشتريتها كيف استطيع ان ابني وكلنا نعرف اسعار مواد البناء اليوم لااعرف لماذا كل هذا التلكؤ من قبل الدولة.. (يااخي هاي الصحراء اشكده.. انطي للوادم واخلص) بهذه الكلمات انهى الاستاذ حيدر كلمات التي عبر لنا فيها عن حلمه في الحصول على قطعة ارض يبنيها ويستقر بها مع اطفاله وزوجته.

ونهاية المشوار كانت بالجلوس مع احد متسولي المدينة والذي ازدادوا وتوزعوا على كافة احياءها وشوارعها التجارية وتقاطعات الطرق سالته عن امانيه واحلامه وما يتمنى ان يتحقق له فكانت امنيته ان يصدق الناس انه بالفعل فقير وجائع وان الظروف الصعبة هي التي اجبرته على التسول وان يعرفوا ان التسول بالنسبة له حاجة وليست مهنة يرتزق منها وان يتوقف الناس عن اسماعه الكلمات الجارحة والمؤلمة وان كانوا يريدون الثواب وقبول الاعمال فاليرموا لي صدقة وان كانوا لايريدون ان يعطواني شيء فلا داعي لكلمات الاساءة والتجريح بي. وعن سبب حاجته تحدث:- انا وكما ترى نظري ضعيف جداً ولا ارى من الشخص سوى اثره ولا استطيع اميز اي شيء من ملامحه ولهذا من الصعب علي ان امارس اي عمل منذ ان اصبح نظري هكذا اولادي (ملوني) ورموني ولم يعد احد يسأل عني وليس لدي سكن وعندما سألناه هل كل المتسوليين اليوم هم محتاجيين قال والله ياعمي ما اعرف مثل ماحجيتلك اني رجال ما اشوف والله اعلم بحال الناس بس ترى هذا إلي الله غاضب عليه يكون عنده افلوس ومامحتاج ويمد ايده للناس..

بقي عن نسأل هل من يمكن ان يسمع مسؤول وبرغم كل (المشاغل) و(الهموم) التي يحملوها كل هذه الاصوات ويطلع على كل هذه الاحلام احدهم اجاب عن تسائلني هذا قائلاً:- (ان النظام السابق -اي صدام حسن واعوانه- وضعوا القطن في افواه كل العراقيين حتى لا يتكلم احد منهم... اما اليوم فما حصل ان المسؤوليين اخرجوا هذا القطن من افواهنا ووضعوه في آذانهم حتى لا يسمعوا شيء من مشاكلنا وهمومنا... واذا اعتمدنا قول اخونا هذا فعلى مايبدوا لم يبقى إمام كل هؤلاء الفقراء الجياع الحالمين إلا ان يناموا وهم يرددوا نشيد الجياع للراحل الجواهري:-نامي جياع الشعب نامي حرستك إلهة الطعام نامي فأن لم تشبعي من يقظة فمن المنام نامي على زيد الوعوديراف في عسل الكلام نامي تزرك عرائس الاحلام في جنح الظلام تتوري قرص الرغيف كدورة البدر التمام نامي فما الدنيا سوى (صبر ) على نكد مقام نامي ولا تتجادلي القول ماقالت حذام

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك