( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
يتردد في الآونة الأخيرة مصطلح تدويل القضية العراقية في وقت كان البعض يتهرب من هذا التدويل حتى في اكثر محطات الملف العراقي سخونة كالأحداث والمتغيرات التي حصلت قبل وبعد التاسع من نيسان عام 2003 بل ان هناك العديد من الدوائر الإقليمية والدولية راحت تطعن بشرعية قرارات مجلس الأمن بالرغم من وضعها تحت البند السابع كالقرار 687 الذي بموجبه استمر فرض الوصاية الأممية على العراق لجهة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل وفرض الحصار الشامل عليه، وكلنا يتذكر المحاولات التي كانت تقوم بها تلك الدوائر العربية والأوربية وحتى الأمريكية الساعية الى كسر القرارات الدولية ومحاولات إنهاء التدويل الذي رافق المشهد العراقي منذ غزو نظام صدام لدولة الكويت وحتى سقوطه عام 2003.
ما يبعث على الاستغراب ان نفس تلك الأطراف التي كانت تقف بالضد من تدويل القضية العراقية او المشككة بشرعية تدويلها نراها اليوم تتحرك بكثافة لوضع العراق تحت الوصاية الدولية كما ذهب الى ذلك مؤخراً مبعوث الجامعة العربية للعراق مختار يماني، و لا ندري ما هي المبررات التي يسوقها أصحاب المشروع التدويلي المراد إدخال العراق في دائرته بعد ان قطع العراق كل هذه المسافات على طريق بناء تجربته الدستورية الشرعية القائمة على ركائز التعددية والشراكة واستعادة دوره في المحافل كافة حتى وصل به الأمر الى ان يشغل مقعد نائب الأمين العام للهيئة العمومية للأمم المتحدة بعد ان كان وبسبب سياسات نظامه السابق مطروداً من المحافل هذه.ان أصحاب المشروع التدويلي من المحليين والإقليميين والدوليين هم أنفسهم الذين يراهنون على إفشال تجربتنا من الخارج بعد ان يأسوا من محاولات تهديمها من الداخل او أضرام نار الفتنة فيها عبر مشاريعهم التي أرادوا من خلالها إشعال فتيل الحرب الأهلية الطائفية المذهبية العرقية المقيتة، فهؤلاء الذين وجدوا المشهد العراقي الحالي بات اقرب الى المعافاة منه الى الشلل أدركوا على ما يبدو ان دورهم الارتزاقي في هذا البلد قد انتهى بعد ان أصبحت العملية السياسية العراقية قادرة وواثقة من صياغة قراراها السيادي، وهذا ما تؤكده انجازات عديدة منها نجاح العراق في إطفاء ديونه لدى الأوربيين واتساع تمثيله الدبلوماسي مع مختلف بلدان العالم وتنامي قوته العسكرية والأمنية في كل البلاد واستعادته لاقتصاده المنهار بسرعة قياسية ونجاحه في حصر دائرة الإرهاب في جيوب مقدور عليها ودخوله النادي الديمقراطي من أوسع أبوابه واقترابه من تدشين نظامه الفيدرالي الاتحادي.. لذا فإن هكذا تجربة يبدو إنها باتت تشكل إزعاجاً للأطراف المحلية التي وجدت نفسها عارية في طقوس تتسم بالحركة في كل الاتجاهات.
نعتقد ان الأوان قد فات على كل من يعتقد بأنه قادر على إرجاع العجلة العراقية شبراً واحداً الى الوراء، لان أي اعتقاد من هذا القبيل يجب ان يستعد أصحابه لمواجهة احد عشر مليون ناخب عراقي وثلاثين مليوناً آخرين مستعدين للمواجهة نفسها.
https://telegram.me/buratha