( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
لا نريد في كل مرة استحضار طبيعة وصيغ الخطاب العربي ابان حقبة صدام لتفحص الاتجاهات الانحيازية لتلك الحقبة ورموزها نكاية بالشعب العراقي واستفزازاً لمشاعر ملايين العراقيين الكرد والشيعة والسنة ايضاً.لكن ايضاً ليس بمقدورنا ان نتجاوز هذا الخطاب وهو يتحدث عن الدولة العراقية الحالية التي طالما يصفها بالطائفية والعرقية متجاهلاً ان الطوائف والاعراق جميعها متمثلة بهذه الدولة عبر سلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
نعتقد ان عقدة الخطاب العربي وبعض المحلي لا تكمن في غياب الوضوح المطلوب لصنع مفردات هذا الخطاب، اذ اننا نرى وغيرنا كذلك ان الدولة العراقية بتركيبتها منحت المراقب والمحلل السياسي وضوحاً قد لا يكون موجوداً في أية تجربة سياسية اخرى، فعندما تكون التركيبة العراقية الاجتماعية نتاجاً للتعددية المذهبية والعرقية والفكرية فمن الطبيعي ان يكون نظامنا السياسي مفتوحاً على مكوناته الاساسية والثانوية ايضاً، بمعنى آخر عندما يكون نظامنا السياسي لا يمتلك شرعية لتمثيل مكوناته الاجتماعية شيعية وسنية وكردية ومسيحية وتركمانية فانه سيكون في حال كهذا نظاماً ينتمي الى حظيرة الانظمة الشمولية الدكتاتورية التي تحاول ان تختزل كل الطوائف والقوميات والاديان والعقائد والاثنيات الاخرى بعقيدة سياسية واحدة وهذا ما لم يمكن تحقيقه مطلقاً بغير العنف والقسوة واعتماد نظام الغرف المغلقة كما كان الوضع عليه ابان حقبة نظام صدام وكذلك هذا ما نصطلح عليه بالحالة اللاطبيعية.
نعتقد جازمين ان التجربة العراقية فيها من الوضوح ما يرغم خصومنا على قراءتها بوضوح اكثر، لكن الاعتبارات النفعية والثقافة الديماغوجية وكثير من العصبية القبلية والطائفية المقيتة هي التي تدفع بهؤلاء لاتهام التجربة العراقية بالطائفية وهم يدركون بأن الدولة الطائفية شيء والدولة متعددة الطوائف شيء آخر وكذلك فإنهم الاكثر ادراكاً بأن ما تحمله التجربة العراقية من امتيازات ومميزات حضارية عصرية هو اكبر بكثير من كل الامتيازات والمميزات التي تحملها اكثر الانظمة في منطقتنا تحضراً وتعددية.. وهذا هو ما يجعل هذه التجربة غير مستساغة في منطقة تعج بالتعدديات التي وجدت بالتعددية العراقية مفتاحاً سحرياً للوصول الى عالم التحرر والديمقراطية.
https://telegram.me/buratha