بقلم: ولاء الصفار
في ظل إحداثيات القرن الحادي والعشرين يشهد العالم اليوم طفرات نوعية في مجال التطور العلمي والثورة المعلوماتية في شتى ميادين المعرفة والذي أصبح العالم بفضل ذلك التطور كالقرية الصغيرة. ومن هذا المنطلق فان على الدول المتقدمة وحتى دول العالم الثالث مواكبة ذلك التطور لتحقيق مصالحها وتأمين حياتها.
ومن أهم ما افرزه هذا التطور هو مفهوم (العولمة) هذا المصطلح الذي يصبح العالم معه أشبه بدائرة اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، تتلاشى من خلالها الحدود الجغرافية بين الدول، وتسهل من حرية انتقال رأس المال، وترفع الحواجز الكمركية، وتزيد من سرعة المبادلات التجارية.
وان هذا المفهوم حتم على الدول النامية أو دول العالم الثالث ان تقوي اقتصادها وتضع خطط تنموية تمكنها من الاعتماد على مواردها، وسد حاجتها لاعتمادها على سياسة الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى رفع إمكانياتها لمواجهة الدول العظمى لان الدول النامية في ظل ذلك النظام معرضة للانهيار.ولو تأملنا قليلا إلى الدول العربية فإننا نلمس البعض منها قد التجأت إلى إجراء عقود تجارية مع شركات أجنبية لتأمين مصالحها وأخرى قدمت استثمارات كبيرة في مجال السياحة، والبعض الآخر ارتقت في بعض الصناعات الحرفية.
ولكن المتابع لواقع العراق قد يصاب بالإحباط، إذ إن الواقع الاقتصادي للعراق ينحدر نحو الهاوية ولا نجد لحد هذا الوقت لمسة عطف جدية من بعض الساسة المختصين بالجانب الاقتصادي بإجراء فوري يدفع بعجلة البلاد اقتصاديا لينافس ولو حتى الدول الفقيرة.
وبما إن العولمة تدعوا إلى انفتاح السوق العالمية وتمنع الاحتكار فانه سيكون هناك سوق منافسة تامة أي ان المواطن حينما يريد اقتناء بضاعة معينة فانه سيجد عشرات الماركات لنوع واحد من سلعة معينة ومن مناشئ مختلفة، وبذلك فان السلعة الأكثر جودة ستحظى بقبول عام وستكون ذات رواجا واسعا وتدر أرباحا على الشركة التي قامت بتصنيعها، أما الصناعة غير الكفوءة فإنها ستتعرض للكساد، وبذلك ستؤول الشركة المصنعة لها إلى غلق المصنع أو التوقف عن الإنتاج وبالنتيجة فانها ستتعرض للخسارة او الافلاس.
وبينما انا كذلك اتجهت إلى بيت صديقي المتخصص في مجال الاقتصاد وأخبرته بأنني اطلعت على مفهوم العولمة فأصبت بالذعر فاخبرني ما هو مصير العراق في ظل هذا المفهوم، فأجابني قائلا ان واقع الاقتصاد العراقي يثير القلق ولابد من الحكومة العراقية الإسراع لوضع خطط تنموية تعزز من رفع شأن الواقع الاقتصادي، ولابد من رسم سياسة اقتصادية مستقبلية تسعى لانتشال الاقتصاد العراقي من واقعه المزري.
وطالما نحن نتحدث بهذا الموضوع دخل علينا احد زملائنا وهو باحث في مجال الاقتصاد ولكن الذي لفت انتباهي حالته السيئة، إذ كان على وجهه آثار تعب وتضجر وإرهاق فأشار قائلا هل تعلمون إنني ولأكثر من (6) ساعات واقف في طابور الثلج علني احصل على قالب ثلج امسح به ملامح الظمأ الذي رسمت على وجوه أطفالي، وأضاف ان المفاهيم والقواعد الاقتصادية تشير إلى ان سعر أي سلعة معينة تتحدد وفق قاعدة العرض والطلب بالنظر للمستوى المعاشي ومتوسط دخل الفرد وتحت رقابة الدولة، إلا إن الملفت للنظر ان السلع في العراق ومنها الثلج تتحدد وفق قاعدة مزاجية صاحب المعمل ومزاجية البائع المتجول، وهل تعلمون ان سعر القالب الواحد قد تجاوز (15000) دينار عراقي.
فحينها أحسست بألم كبير ولا اعلم هل ابكي ام اضحك على واقعنا المر، وتسائلت نفسي كيف لنا أن نطور بلدنا ونقف في مصاف الدول المتقدمة طالما نحن نعاني من شحه في ابسط مادة وهي (الثلج)، فحينها طلبت من صديقي ان يخاطب المسؤولين في الحكومة العراقية وخصوصا المتضلع منهم بالجانب الاقتصادي إلى إجراء عقود مع بعض الدول المجاورة لاستيراد مادة الثلج طالما إنها المادة الوحيدة التي لم نستوردها لحد الآن من خارج البلد!!!
https://telegram.me/buratha