عاشوراء ليست مناسبة تاريخية تُستذكر فحسب ، بل هي منهج دائم في وعي الأمم ، وبوصلة ترشد من التبست عليه السبل. وحين يُطرح اليوم حديث عن هدنة مؤقتة بين إيران والكيان الصهيوني ، لا بد من استحضار كربلاء لا كذكرى بل كميزان نزن به المواقف .
في الواقع العدوان بدأه الكيان الصهيوني وكان رد إيران نابعاً من حق مشروع في الدفاع عن النفس . وبعد أن توقف العدوان ، توقفت إيران ، فجاءت الهدنة كتوقف متبادل لا تنازل فيه عن الثوابت ، ولا تراجع عن خط المقاومة .
هذا السياق مهم حتى لا يُفهم الموقف الإيراني خارج إطار العزة والسيادة . فالكيان الصهيوني ليس خصماً عادياً ، بل هو رأس مشروع استكباري قائم على القتل والغصب ، ولا يعرف سوى منطق الهيمنة .
أما إيران فهي اليوم في قلب محور المقاومة ، تحمل راية الحسين في زمن طغت فيه حسابات المصالح على ثوابت المبادئ .
لم يكن خروج الحسين (عليه السلام) طلباً للسلطة ، بل ثورة ضد الانحراف ، ووقفة في وجه الظلم حين سكت الناس . علّمنا أن التعايش مع الباطل خيانة ، وأن الصمت زمن الانحراف جريمة لا تُغتفر . من يسير في درب الحسين يعرف أن قلة العدد لا تعني الهزيمة ، وأن طريق الكرامة لا يُقاس بالكلفة بل بالنتيجة. والهدنة حين لا تمسّ جوهر الموقف ، قد تكون تكتيكاً ،لكنها لا تعني القبول بالظالم أو مصافحته .
لكل من يقف في هذا الخندق ، تذكّروا أن الحسين رفض شربة ماء من يد الظالم ، ورفض البيعة على حساب المبدأ .فكربلاء تقول لكل حر: لا تساوم ، لا تنكسر فإن طريق الحق قلّ سالكوه ، لكن الله معهم .
https://telegram.me/buratha
