( بقلم :الدكتور عبد المنعم الناصر )
بسم الله الرحمن الرحيموالصلاة والسلام على نبينا وإمامنا ومعلمنا محمد رسول الله وآله الطيبين وأصحابه المنتجبينيمر المجتمع الإسلامي في هذه المرحلة من تاريخه بأزمة خطيرة تحتاج إلى تأمل وإمعان نظر. فقد أصبح اسم الإسلام على مستوى وسائل الإعلام الدولية ولشديد الأسف عرضة للتهم بالإرهاب والعنف.نتيجة ما يفعله البعض باسم الإسلام ضد مجتمعاتهم وضد جهات من المجتمع الدولي بدعوى الدفاع عن الإسلام. نعم. كان الإسلام وما يزال بحاجة لمن يدافع عنه ويحميه، غير أنه أخذ يصبح رهينة بأيدي جماعات أعطت لنفسها الحق في إصدارالفتاوى واتخاذ القرارات المصيرية بحق آخرين نصبتهم في موقع العداوة والخلاف. وأخطر ما في الأمر أن هؤلاء الجماعات يعدون أنفسهم الوحيدين الذين يمتلكون الحقيقة ويتمتعون بصواب الرأي، ويخطئون كل من عداهم ويكفرونهم ويصفونهم بالخروج على الملة.؛ كما يصنفون بقية الأمم في صنف أعداء الإسلام، حتى إن كانوا يعيشون ضمن دولة مسلمة فيفتون بقتلهم تحت أي مبرر، أو بدون مبرر.
واليوم ونحن نحتفل بميلاد أمير المؤمنين (ع) وهو الذي حمل عبىء المحافظة على نقاوة الإسلام بعد وفاة النبي (ص) وضحى في سبيل ذلك بكل ما يستطيع، ليجدر بنا أن نستلهم من سياسته وكلماته ما يرشدنا الى الطريق الإسلامي الصحيح في أموركثيرة ولا سيما في ما يتعلق بتحديد علاقة المسلمين بغيرهم ، وعلاقاتهم بعضهم بالبعض الآخر. وعندما نتبع الطريق الذي اتبعه الإمام (ع) فنحن على طريق الحق، مصداقا لقول رسول الله (ص) "علي مع الحق والحق مع علي". وضمن ما يسمح الوقت في هذااللقاء لتأخذ مثالا واحدا من موقف اٌلإسلام في التعامل مع الناس كما بينه الإمام (ع) في عهده لمالك الأشتر (رض) حين ولاه مصر. " وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم؛. ولا تكن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم؛ فإنهم صنفان: إما أخٌ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق."
يطلب الإمام من مالك أن يحيط قلبه بمشاعر الرحمة والمحبة واللطف بمن سيتولى رعاية أمورهم.فإذا أخذنا معنى كلمة واحدة وهي المحبة للناس فكيف يستطيع أحد أن يحب قوما لم يعرفهم سابقاً، ربما عدا القليل منهم؟ إن الناس الذين يوصي أمير المؤمنين (ع) مالكاً بمحبتهم هم أهل مصر، منهم المسلم ومنهم المعاهد من أهل الكتاب من يهود ونصارى، ومنهم غيرهم من بقايا الفراعنه والرومان والإغريق. فكيف تكون محبتهم وهم إما غرباء عن الوالي شخصياً، أو من أهل ملل أخرى غير الإسلام؟ وكيف يطلب من أحد أن يحب من لا يعرفهم؟ إن العبرة في هذا الأمر هي أن الإمام (ع) قد رفع علاقة المحبة للناس من المستوى الشخصي ووضعها في مستوى المسؤولية الجماعية، فارتقى بذلك من الذات نحو الموضوع. من الفردية إلى المجتمع. وهذا هو الإسلام الحقيقي.
أما العبارة الأخيرة من قول الإمام فهي تصنيف البشر الى صنفين: أخ في الدين، وهو الإسلام، أو نظير في الخلق، بشر خلقه الله تعالى وله حق الحياة كما لغيره، والله يحكم بين الناس. لا شك في أن هذا التعريف لحقوق البشر في الحياة قد سبق به الإمام كل الشرائع الدنيوية الوضعية التي انتبهت في العصور الأخيرة لحقوق الإنسان، فقررت في المادة الأولى من ميثاق حقوق الإنسان حقه في الحياة. ما أجدر بنا أن نبقى تلاميذ مخلصين لهذا الإمام الذي كان رسول الله (ًص) يزقه العلم زقاً؟ اللهم صل على محمد وآله الطيبين وأصحابه المنتجبين. والحمد لله رب العالمين.
الدكتور عبد المنعم الناصر،أوكلند،
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)