( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
أي مجتمع شهد قفزات نوعية في مجال التطور السياسي والاقتصادي والدستوري والديمقراطي، لابد ان يكون مجتمعاً قد تجاوز وبامتياز معادلة النظرية السياسية الاحادية التي يقف ورائها عادة الحزب الواحد او الحاكم الواحد او نظام الثكنة العسكرية التي لا تفقه سوى لغة الحروب والاوامر والعنف والقسوة حتى مع انعدام وجود الخصوم سواء في الداخل ام في الخارج.
وقد اثرتنا التجارب العالمية وبعض العربية كذلك بارقام وشواهد تؤكد صحة هذه النظرية وصحة اتجاهاتها، فأينما وجدت فقراً وتخلفاً وبطالة وتضخماً اقتصادياً فان ذلك يعني بالدرجة الاساس وجود خلل فاقع بالنظام السياسي الحاكم في تلك الدائرة الدولية او العربية، وكلما انفرجت الاشكالات الاقتصادية وازدادت فرص التطور الاقتصادي والتربوي والثقافي وحركة السوق فان ذلك يشير الى وجود نظام سياسي يختلف تماماً عن الحالة الاولى، وهذا السبب دون غيره هو المسؤول عن حالة الانكفاء والتراجع المعيشي ضمن الدائرة الخاصة او ضمن الدائرة الاوسع.
من المفارقة ان لا توجد في دولة تمتلك الثروة الطبيعية الاولى في العالم سوقاً للاوراق المالية والمفارقة تزداد اتساعاً مع انعدام وجود الشركات المساهمة في ظل تسيّد القطاع العام وتحجيم القدرات والطاقات والامكانيات التي يمتلكها القطاع الخاص وكذلك عدم وجود مصارف وبنوك عراقية معتمدة من قبل عواصم عربية ودولية عدا بنوك الدولة المحدودة وذات الانظمة البيروقراطية والمتورمة بفسادها الاداري وضحالتها الاقتصادية والعلاقاتية.هذا المشهد يجب ان ينتهي لصالح تفعيل دور القطاع الخاص في كل المجالات خصوصاً لجهة الاستثمار، اذ لا يصح ان تحشر الدولة نفسها باستيراد الطحين والسكر والشاي والرز والوقود والسيارات والمعدات وحتى اواني الطبخ في حين يبقى المواطن يتفرج على نفسه وهو يمتلك القدرة على الحركة في السوق والاستثمار.
وبهذا الخصوص يشير الخبراء بان حالة الاستثمار باتت مطلوبة، ولكي تتحول الى ممارسة وثقافة فانها بحاجة الى مزيد من الجهود المكثفة من الجهات ذات العلاقة على ان تكون منسجمة واهداف الخطة الانمائية للدولة.في حين يؤكد اخرون ان آليات الاستثمار يجب ان تخضع الى تعديلات جوهرية واعادة بناء شمولي يتناسب والجهود المبذولة التي بامكانها ان تخلق بيئة استثمارية آمنة للقطاعين المحلي والاجنبي وان الاتجاه نحو تحرير حركة النقد وتبسيط نقل الارباح ووضع قواعد التنظيم هي من ابرز تشريعات الاستثمار التي يجب ان تركز عليها الدولة باعتبار الاستثمار يمثل ركيزة اساسية في بناء الاقتصاد الوطني وهو المحرك الاساس له ولا يمكن بدون الاستثمار تحقيق معدلات نمو مرضيِّة في الناتج المحلي الاجمالي الذي يعاني تخبطاً جراء الوضع غير المستقر.ان رسم استراتيجية وطنية على قول احد الخبراء لجذب الاستثمار وبناء تصور متكامل عن طبيعة التحديات التي تواجه الاستثمار اضافة الى العمل على بلورة رؤية علمية حول العلاقة بين فرص الاستثمار والتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني تعد بمثابة الثقافة المطلوبة للدخول في هذه الدائرة التي ظلت محرمة على العراقيين طيلة العقود التي حكم فيها البعث الفاقد للشرعية السياسية والغارق حتى اذنيه في الامية الاقتصادية التي ورثنا نتائجها الكارثية كديون وتضخم وانعدام كامل للمؤسسات والتشريعات اللازمة لدخول هذا الميدان الواسع الذي نتمنى تفعيله بكل تأكيد كي نضمن معادلة المواكبة بين الحراك الاقتصادي الوطني والآخر السياسي الذي يشهده العراق منذ اربع سنوات.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)