المقالات

السيد الحكيم يعود الى الوطن تحريك العملية السياسية ... وعقلنة الخلافات


يسألونه عن صحته فيسالهم عن صحة العراق ...... ( بقلم : كريم النوري )

لا شك ان حضور ودور سماحة السيد الحكيم في العملية السياسي كان عامل تفعيل وتنشيط لكل مفاصل الواقع السياسي في العراق كما انه يضفي على العملية السياسية الثقة والامل ويضيف اليها القوة والاقدام والجراة على المضي قدماًَ باتجاه تحقيق الاهداف العليا للشعب العراقي.

شخصية السيد الحكيم وما تتسم بمزايا وسجايا قلما تتوفر مجتمعة في غيره تمنح العملية السياسية الفعالية والثبات وينعكس ذلك بالضرورة على هيبة الدولة والحكومة وبقية القوى التي تشكل اركان الدولة.قد لا نبالغ ان قلنا ان الثقل السياسي للسيد الحكيم وما يتميز به من نظرة متبصرة ورؤية معمقة للاحداث العراقية بكل سياقاتها الفاعلة دفع العملية السياسية باتجاهات ترسخ المسار السياسي وتحقق الخيار العراقي وتنهي او تخفف من سطوة القوى التكفيرية والصدامية في العراق.

مع اعتقادنا الجازم بان تيار شهيد المحراب يحمل نقاط قوته من داخله وتتأسس من خلاله عوامل القوة والاستمرار وصنع القرار عبر مؤسسات ناهضة يتداول فيها القضايا الكبرى ويتم من خلالها بلورة القرار وهي ما نطلق عليه الشورى المركزية للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي يضم نخبة واعية وكادر متقدم يقع على عاتقها مناقشة القضية المراد تقريرها وبيان وجوه القوة ونقاط الخلل ومناقشة كل الزوايا.

مع اعتقادنا بوجود الشورى المركزية للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي التي يعتمد في صنع القرار داخل مؤسساتنا السياسية فان وجود شخص السيد الحكيم بحد ذاته يسهم في اضفاء حالة من النشاط والامل والتفاؤل ويوجه مسار السفينة العراقية باتجاه شواطىء الامان والمحبة والسلام. القدرة التي يمتلكها السيد الحكيم في فك الاحتقانات الطائفية والازمات السياسية كانت مؤثرة في انجاح المسار السياسي برغم التحديات والمخططات لاجهاض العملية السياسية في العراق.

استطاع السيد الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ان يدير المسيرة السياسية التي اسسها ورسخ جذورها شهيد المحراب بطريقة اذهلت المراقبين والمتابعين والمراهنين على افشالنا في المعترك السياسي في العراق. وتأتي اهمية هذه القيادة في ظروف العراق الجديد وبعد سقوط ابشع الديكتاتوريات في المنطقة والعالم من كونها قادرة على عقلنة الانفعالات وتقنين الخلافات وتركيز المشتركات بين ابناء الوطن الواحد من جهة وبين ابناء المذهب من جهة اخرى. والتناقضات العراقية واختلاف الامزجة والتوجهات تحتاج الى قيادة استثنائية تتسم بالمزيد من الخصائص وهذا الامر لا ينطبق على القوى والاحزاب العراقية وحدها بل الحزب او الكيان الواحد يحمل مثل هذه التناقضات والخلافات.

وندرك بان الخلافات في وجهات النظر والاجتهادات هي من سمات التطور والابداع والاستمرارية.والخلافات بين الكيان الواحد حالة ايجابية ومظهر عافية على سلامة المسار والفكر. وليس من الصحيح ان نتفق جميعاً على اليات وسبل تفعيل التفاصيل لان العقول متفاوتة والاذواق مختلفة والتصورات متباعدة فيصبح الخلافات سمة مقبولة بين المذاهب والاديان بل حتى بين المذهب الواحد والا ما معنى ان تتعدد المرجعيات والاراء في مسائل قد تبدو قطعية ومتسالم عليها. وحتى في عهد الرسول مع وجود العصمة والوحي كان الرسول يستشير اصحابه في معركة الخندق ومواجهة جيوش خيبر اليهودية عن الخطة العسكرية لمواجهة الاعداء مع اعتقادنا جميعاً بان الرسول الاكرم "لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى"

فلقد اتّصل اليهود بقريش وغطفان واتفقوا معهم على مهاجمة المدينة واستئصال الرسالة الاسلامية، إلاّ أنّ أنباء هذه المؤامرة تسرّبت إلى الرّسول (ص) فشاور أصحابه فأشار عليه سلمان الفارسي (رض) بتحصين المدينة بخندق يُحفرُ من حولها، فقبل الرّسول هذا الرأي واستنفرَ المسلمينَ لِحفرِ الخندقِ وشاركَ هو (ص) بعمليّة الحفر هذه.

وفي قصة طويلة جاء والد زيد زائرا لمكة ، و طلب من الرسول ان يشتري ولده ، فجعل الرسول الخيار لزيد في البقاء معه أو الرحيل مع والده - بعد أن اعتقه - فاختار البقاء مع المسلمين و في كنف النبي (ص) .الرسول الذي لا ينطق عن الهوى يريد ان يعطينا درساً بالغاً في اهمية المشورة ومناقشة العقلاء في القضايا المصيرية التي تهم مصير الاسلام وارواح المسلمين.

لكنه هذا كله لا يعفي اهمية وجود وعزم القائد في القضايا الاستراتيجية وضرورة اطاعته والوقوف معه وهو ما يؤكده وحي السماء بقوله تعالى " ما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم" فلا خيار لاحد امام امر الرسول القائد(ص) ولا اجتهاد مقابل النص والامر النبوي.ومن هنا فان الخلافات بشكل عام وفي عصر غياب العصمة وانقطاع الوحي امر طبيعي ومؤشر سلامة على مساراتنا الفكرية والسياسية والاجتماعية.

ولكن يجدر بنا الاجابة على السؤال الذي يفرضه الواقع في هذا السياق العابر وهو اية خلافات نقصد تكون مصدر سلامة وعافية وهل الخلافات في القضايا المصيرية والاستراتيجية او في الاصول العامة والكليات والثوابت؟الخلافات المقصودة في سياق الفكرة السابقة هي الخلافات في التفاصيل والاليات وسبل المعالجات واما الخلافات على مستوى الثوابت والمبادىء والاصول العامة فهي خلافات مهلكة وتزيد التمزق والتفرق بين المسلمين الذين صورهم الحديث النبوي في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم "كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" كما يقول الرسول الاكرم(ص).

يمكن ان نختلف في اوقات الصلاة وفي تفاصيل الوضوء ونواقضه ولكن من الكفر ان نختلف في اساس وجوب الصلاة ومقدمته الوضوء. ويمكن ان نختلف في الكثير من الامور التفصيلية والاليات والسبل ولكن من الخطأ الفادح ان نختلف في الاساسيات والكليات والمبادىء والثوابت. وبراعة القائد هو الذي يقنن هذه الخلافات ويضع اولويات المشتركات بين الفرقاء ويكون شعاره " نتفق في المشتركات ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه" او " رأيىء صواب يحتمل الخطأ ورأي غير خطأ يحتمل الصواب" القائد الاستثنائي هو الذي يتعامل مع الفرقاء بهذه الروح الشفافة ويحاول الاتفاق على المشتركات وعدم جعل الاختلافات مهدمة ومانعاً من الاتفاق على المشتركات لاعتقادنا بانه لا يترك الميسور بالمعسور كما هي القاعدة الفقهية.

وقد يقال ان التفرق والتمزق في اوساط المسلمين بل في اوساط ابناء المذهب الواحد قد تمنع من الاتفاق على أي شىء متصور، ولكن قيادة السيد الحكيم استطاعت ان تجمع اكبر ائتلاف عراقي موحد بروح تسامحية وابوية للخروج من التحديات والرهانات على افشال العملية السياسية في العراق برغم ما يبرز على السطح الاعلامي من خلافات وتوترات على بعض القضايا والتصورات بين كتل الائتلاف العراقي الموحد.

التجربة الميدانية السياسية للسيد الحكيم في اطار العملية السياسية اثبتت حرص واخلاص سماحته على سلامة العراق من التجزئة والتقسيم وابعاد اشباح الحرب الاهلية التي خطط لها اعداؤنا في الداخل والخارج.كما غيرت هذه التجربة قناعات لدى الكثير من الرموز والشخصيات داخل الائتلاف وخارجه فحكمة الحكيم وانسانيته وعراقيته صارت حقيقة لا تحتاج الى المزيد من الادلة والبراهين لان الوجدان ابلغ من البرهان.والبعض من قادة الكيانات السياسية المشاركة في العملية السياسية قد يختلف مع السيد الحكيم في بعض القضايا التي ينادي بها سماحته وقد لا يتفق معه في طبيعة الخطاب السياسي لهذه المرحلة ولكنه يثق به ويحترم وعوده وعهودة ويعترف بمصداقية السيد الحكيم والوفاء بتعهداته.

وعودة السيد الحكيم من مشفاه سيكون عامل تحريك لسكون العملية السياسية وتفعيل للكثير من القضايا التي تحتاج الى الحراك والمران. وعودة سماحة السيد الحكيم الى الوطن بعد محطاته علاجه لم تكن مؤشر سعادة لافراده تيار شهيد المحراب فحسب بل لكل ابناء العراق بكل مكوناتهم. والجدير بالتذكير ان سماحة السيد الحكيم عندما يسئل عن صحته يسالهم عن صحة العملية السياسية واوضاع ابناء شعبه الذين يضحي من اجلهم هو واسرته الكريمة التي دفعت ضريبة دفاعها عن الشعب العراقي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو هاني الشمري
2007-07-28
اول ماشدني الى الموضوع وقبل قراءته هو صورة السيد حفظه الله من كيد الحاقدين فقفزت الى فكري المقارنة بين هذه الصوره التي يشع منها النور المحمدي كونها لاحد انجال الدوحة العلوية وبين ماينشر من صور لآخرين يتطاير منها الشؤم وخبث الشيطان واحابيله ومنكراته. فلك الحمد اللهم على نعمة محبتنا لاناس صورتهم تضفي على القلب بهجة واطمئنانا. اللهم احفظه وعائلته وجميع من يريد للعراق خيرا من شرار الانس والجان بحق محمد وال محمد(ص).
زهراء الحسيني
2007-07-27
هذا مقال اتمنى من قوى وكيانات العراق قراءته بدقة وحيادية وتشخيص الحكيم الحريص على العراقيين جميعا ندعو له بالشفاء العاحل لانه الاب والقائد والموجه لربان السفينة في العراق. والكاتب استطاع ان يستكشف مزايا متألقة في شخصية السيد الحكيم حفظه الله
احمد الثوري
2007-07-27
الحمد لله على سلامتك يابقية السيف اللهم احفظه وشافيه من كل الم بحق الامام السجاد عليل كربلاء
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك