بقلم: د.فخري مشكور
كتب الاستاذ ضياء الشكرجي مقالا حول حرية الاعتقاد تناول فيه التباين الشديد بين ما هو مدون في دستور العراق المقر عام 2005 وما هو عليه واقع الحال في العراق وتطرق المقال الى حرية الاعتقاد الديني والسياسي والقى الضوء على الجهات والاطراف التي تهددها وتمنع المواطن من التمتع بحقه الدستوري في هذه الحرية.ولكي لا اوقع القارئ الكريم في خطأ فهمي للمقالة فاني ارجوه اولا ان يراجع المقالة على الرابط التالي قبل ان يتابع هذه السطورhttp://www.kitabat.com/i29562.htmفي هذه العجالة اريد فقط ان امارس حرية ابداء الرأي لاكتب بضع كلمات تعليقا على ما ورد في مقالة الصديق الاستاذ الشكرجي فيما يتعلق بحرية الاعتقاد الديني اذ بدا لي ان الكاتب يعتقد ان الاسلام كفل حرية الاعتقاد الديني بلا حدود ولا قيود حيث اورد في مقالته ما فهمت منه-وارجو ان لا اكون مخطئا-ان الاستاذ يرى ان الاسلام يسمح بحرية الارتداد والالحاد والبهائية والوثنية وغيرهما من العقائد كما يسمح بالدعوة اليها ايضا .وقد فهمت ذلك من خلال النصوص التي وردت في مقالته والتي اشتكى في بعضها من حالات مثل: - ما زال البهائي لا يستطيع أن يفصح عن عقيدته.- ما زال الملحد لا يستطيع أن يعبر عن إلحاده- ما زال أصحاب الديانات الأخرى من مسيحيين وصابئة وبهائية وإيزيديين ويهود لا يستطيعون أن يُروِّجوا لعقيدتهم حتى في أوساط أتباع دين الأكثرية.- ما زال المسلم لا يملك حرية ترك دينه والانتقال إلى دين آخر، أو إعلانه عدم انتمائه لأي دين، بحسب ما أوصلته قناعته الذاتية، حتى لو اعتبرناها ضلالا.يرى الاستاذ الشكرجي ان فهمه لحرية العقيدة في الاسلام صحيح بموجب القران الكريم الذي اختار من اياته ما يدلل على صحة ما ذهب اليه، يقول الاستاذ الشكرجي في تلك المقالة: قد يظن البعض أن بعض ما ذكرته يمثل نكوصا عن الإسلام، ولكني على يقين أن مثل هؤلاء لم يفهموا إسلامهم حق الفهم. ففي تقديري إنه إذا لم يتحقق كل هذا الذي ذكِر أو لا أقل أكثره، فستبقى الديمقراطية وهمًا، والدستور أكذوبة، والإسلام مخالـَفـًا في أسُسه الحقة العقلانية والإنسانية.ويسوق الكاتب -للتدليل على رايه- عددا من الايات من القران الكريم مثل:«لا إكراه في الدين»، و«فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، و«إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر» و«وما أنت عليهم بوكيل»، و«أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» وغيرها.واعتبر الاستاذ الشكرجي ان فهمه هذا يستند الى فهم فلسفي معمق لم يرشدنا الى مصدره للاطلاع عليه، مكتفيا بالاشارة الى حرمان جميع علماء الاسلام الذين يخالفونه الراي من ذلك الفهم الفلسفي المعمق مانحا اياهم وسام عدم فهمهم للاسلام حق الفهم. ان التامل في مقالة الاستاذ الشكرجي هذه يظهر لنا بوضوح المرحلة الفكرية التي وصل اليها، وهي مرحلة -قد لا تكون نهائية- في مسيرة عقائدية حافلة بالحيوية والنشاط، غنية بالتغييرات والتبدلات تكفـّل هو ببيانها بشجاعة وصراحة في بعض مقالاته السابقة التي بدأ خلالها يكتب بغزارة اشهد بعجزي عن مجاراتها دون الوقوع في مزالق الكتابة الغزيرة خصوصا عندما يتعلق الامر بمواضيع ذات طبيعة تخصصية كالفقه والتفسير، والرجل ليس فقيها ولا مفسرا للقرآن.وارجو ان لا اكون مخطئا في رصدي لهذه الظاهرة (الغزارة) في كتابات الاستاذ الشكرجي التي تطرقت الى مسائل علمية بحتة بدا لي انه لامسها ملامسة سطحية او بحثها دون ان يتقيد بالمنهج العلمي، وان كنت احتمل انه قاربها من خلال منظمومة فكرية خاصة به ومنهج في البحث لم يفصح عن طبيعته ولم يشرح آلياته.لاحظت مثلا انه يعتمد على فهمه للامور الشائكة باستظهاره عددا من الايات القرانية دون ان يتلف وقته الثمين في الرجوع لتفسيرها او استيفاء الايات الاخرى التي تتعلق بنفس الموضوع، وانه يكتفي بالقران دون ان يتجشم عناء البحث في السيرة. ان هذه المنهجية من الاستاذ الشكرجي تتطلب منه علميا ان يقدم لنا اطروحة مدروسة تدلل على علمية الاكتفاء ببعض الايات وجواز فهمها بالادوات المتيسرة بين يديه وعدم الحاجة الى السنة النبوية، وامكانية الفتوى دون الوصول الى درجة الاجتهاد، وصواب التقريرات العلمية قبل الاطلاع على اراء الاخرين حولها....الخ من مفردات منهج الاستاذ الشكرجي الذي تبدو بعض ملامحه من خلال مقالاته الكثيرة . ان قارئ مقالته هذه يبقى في حيرة من امره عندما يقرأ آيات اخرى لا يدري اين موضعها من نظرية الاستاذ الشكرجي حول حرية العقيدة، كما يحار في موقف النبي (ص) الذي انتهك حرية المشركين في عبادة الاصنام، وحرية اهل الكتاب في البقاء على دينهم مجانا، ولا يجد في هذه المقاله أي نقاش علمي مع القائلين بعدم حرية الانسان في الاعتقاد بديانة وثنية مثلا وهم كثر، ويستحق القارئ-ان لم يستحق هؤلاء- الاطلاع على نقد لارائهم يجلّي الحقيقة لطالبها ولو كان منشغلا بمقالات سريعة الكتابة سهلة القراءة. اتمنى على الاستاذ الشكرجي ان يكتب اولا عن منهجه العلمي -شرحا استطراديا او عرضا استدلاليا- لكي يسهـّل على القارئ متابعة الافكار في اطارها المنهجي وليقطع الطريق على طلاب مدرسة التمريض الذين يحاولون اجراء عمليات جراحية بعد قرائتهم لكتب الجراحة التخصصية.
https://telegram.me/buratha