المقالات

كل الخيارات مغلقة عدا خيار الديمقراطية


بقلم: عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

لعل من اصعب الاستحقاقات الوطنية هو عملية اعادة بناء الدولة على انقاض حقبة مظلمة عبثت بمقدرات البلاد طيلة عقود اربعة اتسمت تمخضاتها عن المزيد من الحروب وانتاج الازمات وتهميش المكونات وانتهاك الاعراف والقوانين الانسانية والتشريعية والدولية وادارة البلاد بمبدأ الحزب الواحد والرجل الواحد والمدينة الواحدة المطبوعة بالممارسة العنفية ذات القسوة المفرطة في مواجهة الآخر الذي يشكل بالاضافة الى مكوّن آخر الاغلبية المطلقة من شرائح ومكونات هذا الوطن الذي بقي حتى الآن يدفع فواتير تلك الحقبة سواء على صعيد الهجمة الارهابية الشرسة والمقيتة لقوى الارهاب الوافد والموروث ام على صعيد انعدام المؤسسات والمنظومات القيمية السياسية الثقافية الاجتماعية الادارية الخدمية ام لجهة ربط العراق باستحقاقات مادية ضخمة كديون لاكثر من خمسين دولة ام في اتجاه تقييد حركته بمجموعة من القوانين الصادرة عن المنظومة الدولية والمفروضة على هذا البلد بالقوة، فضلاً عن التمخضات المحلية والخارجية التي افرزتها عملية التغيير وبالصورة التي تمت بها.

لقد برهن الشعب العراقي وقواه السياسية المخلصة، انه الشعب القادر على فهم الازمة والتعايش معها واستيعابها واحتوائها لغرض ترويضها وتفكيكها وفي هذا السياق قدم ابناء شعبنا منذ لحظة السقوط الاولى للنظام الغابر نماذج فريدة من التجارب السياسية والدستورية والميدانية، فهو الشعب الذي عرف أي نظام يريد وهو الشعب الوحيد الذي ادرك ان تشخيصه لاهدافه النبيلة يحتاج الى جهود ودماء وتضحيات ما لا تحتاجه اية تجربة اخرى في العالم، وبناءً على ذلك فقد تمسك ابناء شعبنا بخياراتهم القائمة على التعددية واللامركزية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروة واشاعة مفهوم وممارسة حقوق الانسان كبديل عن السياقات التي كانت بمجموعها تشكل هوية النظام السابق.

اسقاط النظام وان كان الهدف الاول من اهداف شعبنا الا ان ذاك الاستحقاق يشكل ايضاً نقطة الانطلاق نحو بناء التجربة الجديدة التي تضمن للجميع حقهم الكامل غير المنقوص في ظل هذه التجربة وابعاد شبح المؤامرات الهادفة الى اعادة المعادلة الظالمة، خصوصاً ان تلك المؤامرات وجدت لها بيئة محلية وعربية واقليمية واحياناً دولية كحاضنة لها، نجحت الى حد ما في تعطيل مشروع البناء واعادة الاعمار ليس على صعيد بناء التجربة السياسية الجديدة فحسب بل على صعيد النهوض بالمشاريع الحضارية المعاصرة التي ينبغي ان تشاد على ركام الموروث من جهة اخرى.

ان عملية بناء الدولة وكما اوضح ذلك زعيم كتلة الائتلاف رئيس المجلس الاعلى في كلمته التي القاها نيابة عنه سماحة السيد عمار الحكيم بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لشهادة شهيد المحراب خلال الحفل الكبير الذي اقيم اول امس في بغداد، عملية ليست بالامر الهين، بل هي عملية شاقة وعسيرة وتتطلب التنازل عن المصالح الشخصية الى المصلحة العامة، في ظل انعدام الخيارات واغلاقها لصالح الخيار الديمقراطي، اذ من الخطأ ان يتصور البعض ان غير خيار الديمقراطية بامكانه ان يحقق المشروع الوطني الناجز وهنا لابد ان نؤكد وبشكل غير قابل للتأويل بان جميع الخيارات التي قد يفكر فيها البعض باتت مغلقة الا خيار واحد هو خيار الديمقراطية.

ان بلادنا تمر اليوم بازمات عديدة داخلية وخارجية ومن المهم ان نسعى جميعاً لايجاد الحلول المناسبة لمثل هذه الازمات على ان تتصف الحلول المفترضة بصفة الحل الوطني الشامل وفي اطار الدستور والا فان أي حل خارج هذا الاطار سيخلق لنا ازمة جديدة تضاف الى هذا الكم من الازمات الموجودة.

نعتقد جازمين ان الارادة الوطنية العراقية التي اثبتت قدرتها في تحمل مسؤولياتها التأريخية والوطنية والاخلاقية، قادرة على تجاوز المرحلة والانتقال بوطننا وشعبنا الى الضفة الاخرى، ضفة السلام والوئام والمحبة والتعايش والشراكة الحقيقية فشعبنا لم يعد يحتمل منهج الازمة بعد كل تلك التضحيات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك