انطوت سنوات من عمري في زمن الطاغية في خوف وتحدي وصمت وصراخ في الاعماق استمر لسنوات عجاف خلتها تقصر الا انها ابت الا ان تستمر لتقتص من حياتي، كما اقتصت من اعمار الشعب باجمعه فترات من حياتهم ،ولتكن حصتي منذ أول يوم ولدت فيه ولاخر يوم تخرجت فيه من الجامعة ويالها من فترة مهمة يكوّن فيها الفرد شخصيته وكيانه ويترجم ما تعلمه في حياته الواقعية ، عشت بداية تلك الفترة بطريقة غير طبيعية في خوف وتحفظ وتسائل أتعب أقرب المقربين مني .
فلقد بدأت حيرتي وانا في الصف الخامس الابتدائي عندما قرأت كتاب التاريخ ولاجد الاول والثاني مثالاً وقدوة وخالد ابن الوليد قائد رائع وصلاح الدين الايوبي فاتح عظيم بينما عهدت هذه الشخصيات ظالمة ومستبدة وانا اتلقف ما يفلت به لسان اهلي في حاوراتهم التي يقطعها دائماً وجود الاطفال !! وكم من مرة تناقشت مع اهلي في ان الثاني كان صديقاً لرسول الله معاتبة والدتي على ذمها له في اكثر من زلة لسان ! لتربت الوالدة سريعاً على ظهري قائلة كلامك صحيح وانها لم تقصده بل قصدت شخصاً اخر بذات الاسم !!.
ولتكبر هذه المعضلة في المرحلة المتوسطة حينما دخلت دورة لحفظ القران في مسجد قريب من منزلنا ولتمر الايام لاجد من يوجهني الى رمي الزاد المطبوخ باسم الحسين ع ولاجد محمداً اخر غير الذي عرفت محمد يخطأ ويعبس ويتراجع عن اقواله ويقدم الثاني على نفسه في المنزلة !!! وهنا عشت اياماً عصيبة باحثة عن الحقيقة والتي ساعدني في اكتشافها احد اقاربنا الذي استعان به اهلي لوضع حد لحيرة بدت واضحة في مقلتي وما كان منه الا ان جاءنا الى منزل يحمل بعض الكتب وقد اخفاها وكانها مخدرات ! وقال لي اقرئيها وعندما تنتهين اخبريني وفعلاً قرأت وعندما انتهيت جاءني بالمزيد والمزيد خاصة في فترة العطلة الصيفية واستمر الامر لسنين .
ومنذ ذلك اليوم لم اعد أتسائل فكل سؤال وجدت له جواباً وأي جواب انه جواب لصادق وباقر وجواد وهادي وعسكري من أأئمة هدى غيب الطغاة كلامهم عن مسامعنا قهراً وظلماً ولنخفيهم في قلوبنا كنوز ودرر تنير لنا دواخلنا ونخشى ان يظهر بريقها من نظراتنا فيستشعر بها من لا يخاف الله ، حتى جاء يوم خلناه بعيداً وهو يوم سقوط الطاغية غير انه صار حقيقة في ليلة وضحاها ولنجد كل الابواب المغلقة غدت مفتوحة على مصارعيها ولتظهر مشكلة جديدة في حياتي فرغم اني حاولت بالمستطاع ان انير عقلي بفكر ال محمد عليهم السلام وخطهم حق الحق غير انني استدركت امراً مهم الا وهو حتمية وجود شخصيات دينية نثق بها ونحاورها في المستجدات وفي كل تسائل يصعب على عقلنا تفسيره لا ان نحتاج المرجعية ليوم واحد في السنة وهو يوم عيد الفطر كما في العهد البائد اما بقية المعضلات فكانت تحتاج لمن يذهب للنجف وبسرية تامة يستحصل على الجواب وهذا ما كانت تقوم به القلة القليلة من الناس .
وهنا اقف مترحمة على روح عميد المنبر الحسيني الدكتور احمد الوائلي الذي ترك لنا ارثاً من المحاضرات أسال الله ان يجازيه بها بالمرتبة الحسنى في جنان الخلد ففي محاضرة للدكتور المرحوم تكلم فيها عن اهمية العلماء ورجال الدين وفي استعراض للمضللين وعذابهم الشديد يوم القيامة لما لهم من دور في اغواء الامة وتدمير العقول تسائل الدكتور هل اننا نختار مذهبنا ؟ فكان الجواب بان اغلبنا قد ارث هذا المذهب عن ابويه وحتى لانكون كالقوم الجاهلين لابد لنا من التأكد من صحة هذا المذهب ونهجه ومقارنته مع بقية المذاهب والاديان في مناظرات لابد لخط الحق فيها ان ينتصر ولما كان هذا هو المطلوب فهل على كل واحد منا القيام بهذا ؟ وان كان ذلك منطقياً فمن الذي سيعمل؟ ومن سيكون فلاحاً ونجاراً وبزازاً وطبيباً وصحفياً ؟!! وصولاً الى حقيقة ان هذا الدور يـُلقى على عاتق العلماء ورجال الدين في توجيه العامة لدرب الصواب ما استطاعوا .
وحيث ان هناك حقيقة بان الشاب العراقي واخص بالذكر فئة الشباب لاهمية الامر بالنسبة لهم على وجه الخصوص فهم حلقة الوصل بين الماضي والمستقبل ومحور متى ما استقام استقام المجتمع باكمله والحقيقة تؤكد ابتعاد الشباب عن ارثهم الديني بشكل عام في ما خلا جانب ونخبة لديهم هذا الارث الا انه مقطوع الاتصال بالحاضر بمعنى انه لا توجد شخصيات على الساحة انذاك تمثل هذا الارث في ما خلا مراجعنا العظام والتي بالكاد نسمع اسمها حرصاً منا عليها اما رجال الدين فلم يكن لهم اثر واضح المعالم في الفترة الغابرة الا ان بعد سقوط النظام امتلئت بفضل الله الساحة العراقية وصار الشاب المتوكل على الله والغير متشكك وصادق النية يستلهم فيهم ابواب الفرج لمخاوفه وقيوده وخاصة تلك الشخصيات التي احتضت الشباب بدون قيد او شرط وأذكر منها من باب الشهادة بتلك الحقيقة الشيخ جلال الدين الصغير والذي تناقلت الالسن نهجه الثائر بوجه الظلم والذي تلمسنا من شخصه خطوات رائعة ومدروسة جذبت عقول الشباب نحوها كما كثير من الشخصيات الرائعة التي ساهمت وتساهم كذا شخصيات ننتظر منها ترجمة لمضمون لا نشك لحظة بقيمته العالية .
واليوم وكما نعرف ظهر على الساحة من ينطق كلمة يا حسين على لسانه غير ان افعاله لا تطابق سر هذه الكلمة ، شخصيات لا تنتظر الاقلام كي تفضحها بل هي من تفضح ذاتها بذاتها وليس خوفاً على حسها البعثي المرهف بقدر ما هو تقدير واحترام منا لرأي كبارنا ووجهائنا بان غايتنا ابعد من مواجهتهم تلك المواجهة التي يتمنونها منا لتنسدل ستائر العملية السياسية بما تشتهي نفوسهم المريضة في محاولة لهز كيان مذهب ما انفك اعتى عتاة العصور في محاربته ليزداد زهواً وعزاً وليزدادوا ذلة ومهانة .
ومنذ يومين خلت أًهدي لي كتاب من شخص أسال الله انه يجازيه خيراً لكشفه حقيقة لي و ل 999 شاب ممن سيصلهم كتاب طبعت منه الف نسخة وهي تهدى ولا تباع وربما هذه الحقيقة معلومة للكثيرين ممن هم خارج الوطن وربما داخله ممن لم يكن لي الحظ في معرفتها فلقد تكلم هذا الكتاب عن شخص بيروتي الاصل أثار من الفتنة ما أثار منذ عام 1414هـ حيث كنا في غياهب الجب لا نعلم ما يتعرض له مذهبنا الشريف من محن وصدمتي كانت كبيرة بمعرفة ذلك الشخص ،والذي اشارت له مرجعيات بانه ضال مضل ، فلقد كانت محاضراته تبث بين الحين والاخر على قناة دينية ارضية وفضائية وكنا نستمع لها فرحين بهذا الانفراج الكبير لمعتنقي المذهب الجعفري وان كنت اتسائل لماذا محاضرات لشخص لبناني !! بشكل مكثف دون البقية ممن عهدنا صدقهم على منابر النور ولكني سرعان ما كنت اقول لننفتح اكثر ولانكون متعصبين فقط لمن نعرف واضعة ثقتي في غير محلها في هذه القناة .
اليوم اشعر بكم من الغضب واللوعة والعتب ، حيث انني اوجه كلامي بادء الامر بهيئة استنكار لهذه القناة التي تدعي انها على خط الحق وتـُ ظهر محاضرات لضال مضل في رأي الكثير من الثقات وبالادلة القاطعة ( فهذا الكتاب حوى من الادلة الكثير ) فان كان عمداً فلتحضر جواباً لامام الزمان عج وان كان سهواً فهذا خطأ فادح لايمكن السكوت عليه واعتباره سهواً ومن ثم انتقل عاتبة على كل من علم بالامر ولم يلقي عليه الضوء وربما القاه على استحياء حد انه لم يشعر به احد ، فالله المشتكى فبعد ان كنا نطمئن من اننا نشاهد قنوات دينية بأسم المذهب نكتشف ان لها خطاً تدميراً لمعتقد مهيب لتكون اسوء تأثيراً من قنوات اللهو والاسفاف هل هذا جزاء شعب عانى كبتاً لعقود ؟!! وهل اوجه ملامة على شباب لايسعهم الوقت لطلب المعرفة ليدققوا في كل شيء وفي هذه الظروف الصعبة ؟ وهل هو واجبهم ؟ وهل لنا ان نترك قنوات دينية بدون مراقبة حيث اجد ان مراقبتها صار من اهم الضروريات ولابد ان يكون الاشراف عليها من ثقات وان لم يكن فلابد من الاشارة بالبنان الى سلبيات قناة تشوه مذهباً بنصرتها لمضلين وتجعلنا ضحايا لهذه الموجة فعلى اقل تقدير ان تشير قناة ثانية بعكس التيار المطروح وبطريقة غير مباشرة ان صعب عليها قول الحق !!حتى تـُشعر المتلقي ان ثمة تباين ليبدأ بالتسائل ؟!! .
هل من الانصاف ان يكرس الانسان عمره للبحث عن الحقيقة ليهمل حياته ودوره الاجتماعي هل علي ان أقرأ وأقرأ وأقرأ لاصل الى حقيقة سبقني اليها غيري وتخصص في البحث عنها واستقصائها حتى غدت عمله وشغله الشاغل في هذه الدنيا أم هل له ان يصمت وانا حائرة في امري ؟ الامر اكبر من القراءة بحد ذاتها فهناك امور تحتاج لعقول جبارة للبحث والاستقصاء وان لم يحتاج مذهبنا ذلك فماذا وجدت الحوزة العلمية ؟! نأمل ونعقد أمالنا في مواقع رصينة وقنوات رصينة تنقذنا من موجة ترمي بنا بعد ان استرجعنا قوانا ووقفنا من جديد ونطمح في ان تشير الى حقيقة القنوات الاخرى في حال وقوعها بالمحذور وهذا اقل واجب تجاه مذهب مقدس كالمذهب الجعفري وان صعب عليها هذا وفتح ثغرة مواجهة البعد عنها افضل فلتدعم شباباً في العراق يعملون بطريقة مشرفة هؤلاء الذين يقطعون من مصروف عوائلهم ليطبعوا وريقات توزع في كراجات السيارات والمناطق التي يتوقع ان تـُقرأ فيه ومحتواها بسيط وواضح وسلس بعدد بسيط ليقوم اخرون باستنساخها باعداد كبيرة وكما كان يقول لي احدهم بان ما كان لله ينمو فلتكن اعمالها حبا بالله ورسوله وال بيته لا ان نـُطعن باسم الحسين ع ، قال الامام الباقر عليه السلام ( مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القز : كلما ازدادت من القز على نفسها لفاً كان ابعد لها من الخروج ، حتى تموت غماً ) ونسال الله ان ينير بصيرتنا بالخير والصلاح ويبعدنا عن دروب المضلين انه سميع الدعاء
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha