المقالات

العشائر العراقية سور الوطن


( بقلم : عمار العامري )

رغم اتساع قاعدة التمدن ألا أن قاعدة العشائر العراقية بقية محافظة على مساحة وجودها في العراق فلم يغفل التاريخ عن ذكر دور العشائر إثناء الاحتلال العثماني وما قامت به تلك العشائر من إحداث من شأنها الحفاظ على تقاليدها وهيبتها وقد يضطر الباب العالي في اسطنبول إلى الخضوع أمام قبائل العراق خاصة حينما يشعر أنها قد تؤثر على سيادته في الولايات العراقية فيحاول إن يسلط ممثليه من الإقطاع على العشائر الثائرة ضد سلطانه ومنذ بداية القرن العشرين حيث أسدل الستار على السلطان العثماني وأصبحت المملكة العظمى هي صاحبة الجلالة في العراق بدء العد التصاعدي لدور العشائر يبرز للوجود من خلال نهضة العشائر بقياده المرجعية الدينية عام 1914 لتستقبل الاحتلال الإنكليزي بالفالة والمكوار معارضين وليس مؤيدين وتوج النصر لأبناء قبائل الفرات الأوسط والجنوب في ثورة العشرين الخالدة عندما قال مهوالهم (الطوب أحسن لو مكواري) والتي اخضع فيها الثوار التاج البريطاني للرضوخ لشخصية القبيلة ووجودها.

واستمرت العشائر العراقية في نفس النهج من قبيل رفض الحاكم المستبد والدعوة إلى حفظ وحده الوطن وحمايته من المحتل والطامعين فشهد القرن العشرين الكثير من الثورات والانتفاضات العشائرية التي تطالب بحقوق أبناء العراق المهضومة فهناك ثورة السماوة 1935 وثورة الرميثة 1937 وانتفاضة عشائر كعب وانتفاضة عشائر النجف وأيضا الأكراد والدليم وغيرها من مآثر التاريخ البطولي لأبناء العشائر كما وأنجبت العشائر أرقام من الرجال لم يغض التاريخ بصره عنها ولم يستطيع أن يمحى ذكرها أمثال شعلان أبو الجون وعبد الواحد أل سكر وسيد علوان الياسري وسيد كاطع العوادي وغيرهم.

وطيلة الحكومات الملكية والجمهورية المتعاقبة على العراق كانت للشخصية العشائرية المتزنة والملتزمة بالشريعة الإسلامية والمساندة لفتوى المرجعية الدينية في النجف الاشرف الدور الفاعل في حل الخصومات العشائرية وفض النزاعات وعلى طول السنين كان هناك تكاتف وتعاون مشترك بين الشخصية القبيلة العشائرية والزعامة والمرجعية الدينية فقد حاول الإنكليز نفي رجال الدين إلى خارج أوطانهم فكان معهم شريك في النفي هو شيخ العشيرة والمذكرات والمراسلات لتقارب وجهات النظر ومعرفة التكليف الشرعي لكثير من ألازمات موجودة نسخ منها بتوقيع شيوخ العشائر وتهميش المرجع الديني وخاصة في الأمور المصيرية لتاريخ العراق السياسي والاجتماعي.

ورغم تسلط البعث على مقاليد الحكم في العراق ومحاولاته البائسة لتسييس العشائر حسب ما يراه مناسب له أوجد موالين له والطائعين لسياسته فلم تسلم الزعامات العشائرية الأصيلة من محاولات القتل والاغتيال والتهميش حتى آفل بعبع ذلك النظام فاستطاعت العشائر العراقية أن تعيد أمجادها وتحيي ذكريات أسلافها وتصلح مخلفات النظام السابق بحق نظامها العشائري وتعيد باعتبارها ركن أساسِ من أركان بناء العراق ومن مقومات سياسة التجديد باعتبار العشائر العراقية سور الوطن ماضيا وحاضرا.

فمجالس الصحوة في الانبار وصلاح الدين وجنوب بغداد وديالى والديوانية هي الإسناد الحقيقي لقيام النظام ألتعددي الفدرالي في العراق ورغم هذه المجالس في بعض المحافظات فان العشائر في المحافظات المستقرة كان لها الدور الفعال في الاستقرار كما هو الحال في السماوة والناصرية والنجف الاشرف وكربلاء وأيضا الداعم القوي للحكومة الوطنية المنتخبة من أبناءها ومع هذا فلم تسلم العشائر من تخر صات الأعداء حيث حاول البعض زرع بؤر فساد في النسيج العشائري من أيتام المجالس اللا وطنية البائدة لطعن الجسد العراقي وإيجاد هفوات في بناءه.

اثبت العشائر العراقية أنها الإسناد المتين للمرجعية الدينية الرشيدة والمقوم المثالي في وجود الدولة العراقية الدستورية وما محاولات تسليح العشائر ألا خطوة فاشلة أريد منها أيجاد قوى عشائرية ضاربة ولكن ليس للمصلحة العامة بل لمصالح الخاصة انتهت وتفتت هذه الفكرة بجهود وفطنة المراجع العظام والقيادات السياسية. ولهذا يمكن أن نحيي العشائر على أنها العامل المشترك في وضع اللبنات الأولى والصحيحة لبناء جديد يشمل كل شرائح المجتمع فبدون أبناء العشائر لا يمكن أن نبني مدينة افلاطونية في العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك