( بقلم : باسم العوادي )
طالعت باهتمام بالغ مقالين مهمين لاستاذي العزيزين محمد عبد الجبار الشبوط وغالب الشابندر حول شخصية الزعيم المفترضة التي يمكن ان تقود العراق و تحلحل الوضع العراقي والمقالان منشوران على صدر موقع الملف في قسم حوار ساخن
الاستاذ الشبوط يؤكد عدم وجود زعامة في الوقت الحالي باعتبار انه لايوجد استطلاعات محايدة يمكن من خلالها تثبت اسم زعيم عراقي من خلال حصوله على غالبية الأصوات وأكد على عدم وجود حتى زعيم موحد في داخل المذهب الواحد او القومية الواحدة وان العراقيين يبحثون عن حلول وليس عن زعامات ، وانكر وجود الزعيم الوطني في الوقت الحالي وبالمحصلة فهو يعتبر ان من يقدم حلا فسيكون زعيما لكنه للأسف لم يحدد نوعية الحل هل هو الحل السياسي ام الاقتصادي ام الاجتماعي ام الحل الطائفي ويبقى السؤال من يستطيع ان يقدم حلا كاملا وشاملا وجامعا ومانعا للوضع العراقي الحالي انا اعقتد ان الاستاذ الشبوط يبحث عن زعيم اشبه بسوبرمان او سابيدر مان او بات مان حيث يـأتي كل واحد من هؤلاء لينقذ امريكا او احد ولاياتها من خطر داهم حسب افلام هوليود وبما ان هناك فارق بين الافلام والواقع وعليه لايوجد في العالم كله شيء يسمى زعيم يملك حلا لان الانبياء لم يستطيعوا ان يحلوا المشلكة فكيف بالبشر ؟؟؟!!!
الاستاذ الشابندر ايضا وضع شروط وصفات للزعيم الذي يجب ان يكون متخرجا من مدرسة الواقع ، الشعب ، الأزمة ، الأمة ، وانه الزعيم الجماعة وليس الفرد الزعيم الذي يحيط نفسه بأهل الفكر والثقافة والعلم والابداع وانه الزعيم المثقف والزعيم الموضوعي والزعيم الجامع للكل وليس للجزء سواء المذهب او القومية.وعندما حاولت ان اطبق الموصفات اعلاه التي سطرها الشابندر لم استطع تطبيقها حتى على علي بن ابي طالب عليه السلام الذي يعتبر بعرفنا الشيعي هو القمة طبعا بعد الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن الرسول دائما يستثنى نظرا لميزة النبوة التي حباه الله تبارك وتعالى بها . كذلك الشابندر قدم اصل وجود الزعيم على اصل وجود الحل فقال الزعيم ثم الحل وانا أؤيد هذا الرأي والاستاذ الشبوط أكد ان اعطني حالا اعطيك زعيما بل اعطني حلا ولا اريد زعيما كما فهمت من تلميحه .
وردا على المقالين اريد ان اثبت راي آخر بخصوص قضية الحل والزعيم لعله متعلق بجذور الواقع الاجتماعي العراقي وهو ان الأمة العراقية امة ولود زاخرة بالقيادات لكنها لم تنتج زعيما وهناك فارق كبير بين ان تكون الأمة ولودة ولكنها غير منتجه للزعامة ، ودعوني اتحدث هنا عن التاريخ العراقي الحديث ابتداء من تأسيس المملكة العراقية وانتهاء باليوم الحالي ، فمن هو الزعيم الذي حصل على قبول ورضا واستحسان الشعب العراقي عامة وبالخصوص اثناء حياته ، ومن هو الزعيم الذي سانده الشعب العراقي ووقف الى جنبة في السراء والضراء وحين البأس الى حين ايصاله الى مرتبة الزعامة الخالدة في السياسية او في الثقافة او في الأدب او الفنون او الرياضة او غيرها ، والسؤال الجوهري هو من هو الزعيم الذي انتجته الأمة العراقية ؟؟؟
معروف لدينا نحن العراقيين اننا نتذكر الزعامة ونبلورها ونبدأ باعادة صياغتها وانتاجها بعد الموت حيث تبدأ مرحلة الزعامة للافراد والاشخاص في العرف العراقي بعد طمرهم بالتراب آنذاك تدبج بهم اعظم المقلات وتبدأ قصائد المدح والرثاء تنهال عليهم وتظهر الكثير من حسناتهم التي كانت في ايام حياتهم سيئات ينالون من اجلها ابشع انواع القذف والسب والشتائم فلم يكن محمد باقر الصدر زعيما حتى قتل ولم يكن محمد باقر الحكيم زعيما حتى قطع ولم يكن عبد الكريم قاسم زعيما حتى اغتيل ولم يكن نوري السعيد زعيما حتى سحل ولم يكن الجواهري زعيما ادبيا حتى رفعته المهاجر ولم يكن الوردي زعيما اجتماعيا حتى مات وهو يقاسي الذل والهوان ،فمن هو الزعيم الذي خلقناه ودعمناه ووقفنا معه في الظروف العادية لكي نكتب عن الزعيم في الظروف الصعبة حاليا ، نعم العقلية العراقية بالخصوص الشيعية منها عقلية صعبة ومعقدة في مسألة النظر للزعامة ، فالعقل الفردي الشيعي يحاول ان يطبق ما يسمعه من الخطاب الحسيني وما يقرأة عن عظمة علي بن ابي طالب عليه السلام وعن مميزات أهل بيت النبوة عليهم السلام وخلص اصحابهم من معجزات وكرامات ومآثر على الزعيم الذي يراد له ان يكون زعيما وهنا تبدأ المشكلة لانه لايوجد من في الكون وليس في العراق من يمتلك جزء من مواصفات علي و الحسين عليهما السلام لكي يوجد في العراق من يكون مثلهم او جزءا منهم وعليه تسقط الزعامة لدى شيعة العراق بعد فترة عندما يريد شيعة العراق ان يكون زعيمهم نسخة طبق الأصل او مطبقا لكي ما سمعوة او قرأوه او يتوقعوه عن علي ابن ابي طالب وبما ان الزعيم انسان يختلف عنا انه يتقدم للقيادة السياسية او الاجتماعية او الثقافية وهذا يعني انه يخطى ويصب يأكل ويشرب ويتفاعل قد يغضب ويسب ويشتم وقد يعفو ويصفح ويتنازل ويكرم وقد يبخل ويزجر وهذا لايجوز في العرف العراقي عموما مع اختلاف بسيط مع السنة العراقيين الذي بصورة غالبة وقفوا مع اغلب القيادات التي حكمت العراق باعتبارها منهم وبهم بذلك يتقدمون على الشخصية الشيعة بهذه الخصلة.
الذي يريد ان يكون زعيما في العراق بحسب نظرة الشبوط والشابندر هو الذي يرضي الشيعة السنة والاكراد والتركمان والصابئة والمسيح ويرضي امريكا وبريطانيا والاتحاد الأوربي والصين وروسيا ويرضي السعودية ودول الخليج ومصر والمغرب العربي ويرضى القاعدة وجماعات التكفير والجماعات المسلحة و المليشيات والاعلام والفضائيات ويرضي العامة والخاصة ويقدم الحل فيكون زعيما وعكسه فلا زعيم و الحال ان الله تبارك وتعالى لم يرض هؤلاء فكيف الزعيم.
المشكلة يا استاذي الكريمين الشبوط والشابندر ان الزعيم لايخلق نفسه بنفسه ولكن الجماهير تخلقه وتقف الى جنبة واذا كانت استطلاعات الراي لم تسند او تأيد اي زعيم عراقي حالي فأنها لم تخلق ولم تسند ولم تأيد اي زعيم قبله على الاطلاق لأن المشكلة متجذرة ومرتبطة بالثقافة والوعي قد يكون هذا الكلام قاسيا لكن هذه حقائق اجتماعية قد ينكرها البعض ولكنها اوضح من ان يعلق عليها بالنكران ، ان لم نخلق زعامة فليس لان الزعامة غير موجودة او ان الجماهير تريد حلا قبل الزعامة بل لان المشلكة اننا لانملك قابلية خلق الزعيم ان لم نكن متفننين في تفتيت قوة الزعيم ان كان موجودا وهو ما يحصل اليوم في العراق وبالخصوص داخل اطار الوضع الشيعي العام ،
لقد وقف الايرانيون مع الخميني رحمه الله حتى النفس الآخير لدرجة كانوا يلقون بانفسهم على حقول اللغام لكي يفتحوا ثغرة في الحرب العراقية الأيرانية وقد خلقت الأمة الايرانية عشرات الزعامات لانها تمتلك خاصية خلق الزعيم وتأييده بل احيانا يبالغ الايرانيون في صفات زعيمهم لدرجة قريبة من العصمة وقد خلق الاتراك من اتاتورك زعيما خالدا وخلق المصريون من جمال عبد الناصر زعيما مخلدا وخلق الاكراد من مصطفى البارزاني زعيما عملاقا وخلق الهنود من غاندي زعيما كونيا وخلق الروس من ستالين زعيما بطوليا وخلق الباكتسانيون من محمد علي جناح زعميا محررا وخلق الافارقة من مانديلا زعيما اسطوريا وخلق الامريكيون جورج واشنطن والبريطانيون تشرشل والشيوعيون جيفارا والحال ان عندنا في الوسط الشيعي والعراقي الآن من يضاهي هؤلاء سابقا والآن لكن لم تكن لدينا اليد الطولى ولا النفس الطويل لنخلق من احدهم زعيما او رمزا والقضية متعلقة بالمقتضى والمانع الاجتماعي.
الأمة العراقية في الوقت الحالي فيها الكثير من الزعماء وبالخصوص في الائتلاف طبعا هذا مع التأكيد على ان نتعامل معهم كبشر في الصفات و الافعال لكن اذا اردنا ان نبحث في زوايا متبنياتنا اللاشعورية ونطبق مفاهيم معصومية ونظرية شمولية وشبة مستحيلة ونحاول ان نقيس عليها طول وعرض الزعيم فسوف لن نحصل على زعيم الآن ومستقبلا مثلما لم نحصل على زعيم سابقا ، والزعيم لا يمكن ان يكون زعيما مالم يقف معه الشبوط والشابندر والعوادي وجميع الواعين لانتاجه ونصحه ونقده والوقوف خلفه وغظ النظر احيانا كثيره عن اخطائه لكي يمتلك الثقة بنفسه ويتحول الى زعيم ، أما الأمة التي تحاسب الزعيم على النفس والنظرة والكلمة وتريده معصوما من الخطأ والزلل والعثرة وهو ما تفعله الأمة العراقية مطلقا والطبقة المثقفة العراقية خصوصا فهذه الامة وهذه الطبقة لن تتمكن من ان تخلق زعيما على الاطلاق ودليلي الثمانون سنة الماضية فأتوني بدليلكم .
باسم العوادي
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)