بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين
في صباح الثلاثين من حزيران الماضي دعيت الى حفل يختلف عن كل الاحتفالات العراقية، ربما وغير العراقية، فالمناسبة هي ثورة العشرين والموقع هو مضيف ومضارب شعلان البو جون مفجر وقائد الثورة وعلى الرقعة الجغرافية التي تشغلها عشيرة الظوالم والواقعة بمحاذاة مدينة الرميثة – المثنى-.عندما وصلت وكان معي احد مشايخ عشيرة عربية معروفة بامتدادتها في كل ارجاء العراق، ترجلنا من السيارة فكنَّا وجهاً لوجه امام الثورة وليس الاحتفال، بل وبالرغم من ان كل ما حولك من سيارات وسلاح وجيش وشرطة وضيوف ومكبرات صوت واعلام عراقية تنشر على طول الطريق المؤدية الى مضارب البو جون الا ان ذلك اظهر عجزاً كبيراً في ابعادك عن المشهد الحقيقي للثورة، الى الحد الذي يجعل المرء يشعر وكأن (العشرين) قد انطلقت الآن.اللغة التي فرضت نفسها في تلك اللحظة هي نفس اللغة التي تحدثت بها (العشرين) قبل 87 عاماً، كراديس (البرنو) و(الفالة) و(الهوسة) كانت سيدة الموقف، وبالرغم ايضاً من ان لغة الرصاص باتت من اللغات غير المحببة لدى العراقيين، الا انني لم اشعر بعذوبة لغة قط كالتي سمعتها قبل عشرة ايام في مضارب عشيرة الظوالم.الذي اضفى على الحفل هيبته ووقاره هو ان المكان قد تحول فعلاً الى ملحمة وطنية وهو يحتضن الآلاف من مشايخ القبائل والعشائر العراقية كشيوخ قبائل شمر، عنزة، زبيد، بني زريج، آل غانم، آل غزي، البدور، الفضول، العبيد، عموم بني حجيم، الجبور، الخزاعل، السواعد، آل فتلة، حجام، كعب، تميم والى غير ذلك من الاسماء.الذي فرض عليَّ دهشة اللحظة، انني وجدت نفسي كما الآلاف نقف باجلال واحترام امام نشيدنا الوطني الذي برع القائمون على الحفل بوضعه الفقرة الثانية في منهاج الحفل بعد التلاوة العطرة للقرآن الكريم والتي لم يكن الاختيار فيها اقل براعة عندما جيء بواحد من احفاد شعلان البو جون لم يتجاوز عمره العشر سنوات ليرتل ايات من الذكر الحكيم وكأنهم ارادوا بهذه الفقرة ان يشيروا للحضور الغفير الى عمق العلاقة بين الدين والثورة او بين المرجعية وقادة الثورة وما يؤكد هذا الرأي ان الكلمة المرادفة الى الكلمة التي القاها حفيد ابو الجون الشيخ حاتم شعلان والتي رحب فيها بضيوفهم كانت كلمة المرجعية العليا القاها وكيل المرجعية في عاصمة الثورة.دهشت عندما فاجأني عريف الحفل بدعوته لي لإلقاء كلمة بهذه المناسبة وانا لم اكن على استعداد نفسي وفي محفل كهذا المحفل الكبير، لكني لم اجد اية حيلة سوى القبول بالتوجه للمنصة وعند ذلك بالتأكيد سيحل التفاعل مع الحدث بدلاً من الدهشة التي تلبستني واعتقد انني استعدت انفاسي بعد ان تذكرت، انني هنا في مكان ربما هو الوحيد الذي تطأطأ فيه رأسك الى حد ما تستطيع وترفع رأسك فيه ايضاً الى حد ما تستطيع.وربما اكون امام الحالة الوحيدة التي شعرت بها انني اطأطأ رأسي لنشيدي الوطني دون اكراه ودون سرقة او توظيف سيء لهذا النشيد فيما وجدت نفسي في الحالة الثانية وانا اقف شموخاً لسبب بسيط ايضاً هو ان هذا النشيد هو الابن الشرعي للعشرين.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha