( بقلم : امجد الحسيني )
الا أن هذه المسألة ارتبطت هذه المرة بالاعلام العربي والعالمي الذي يصور ان احترابا طائفي يقع في العراق من اجل التشويش على عمليات القتل التي يقترفها الصداميون والبعثيون المتحالفون مع التكفيريين والتصوير على ان عمليات القتل هذه حرب طائفية حتى تثير مخاوف دول المنطقة كلها من تداعيات الموضوع الشيعي على استقرار مجتمعاتها.فقد شكّل انتصار الثورة في إيران، وإقامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979، بداية الصراع الطائفي الذي صوره القوميون العرب في منطقة الخليج خاصة، والمنطقة العربية عامة. لامداد نظام صدام بالمال والسلاح من اجل القضاء على دولة فتية بعد ان قضت على الحكم الشاهن شاهي.ولاسيما أن إيران تبنت مشروع اسلامي إلى دول المنطقة، وهي السياسة التي نظرت إليها هذه الدول بوصفها تهديداً لأنظمتها القائمة.ثم جاءت حرب الأعوام الثماني الدامية بين إيران والعراق (1980-1988)، لتمد الصراع المذهبي بأسباب البقاء.
وفي تلك الحقبة تصاعدت حينها اضطهاد الشيعة في دول الخليج؛ مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت.وصوروا للعالم ان معارضة الشيعي على حكمهم لانهم شيعة فحسب يوالون ايران وليس لان هذه الانظمة فاسدة .ولم تكد الحرب الإيرانية - العراقية تضع أوزارها، وما أعقبها من تخلي الدول العربية لصدام بعد غزوه الكويت الدولة ذات الاغلبية السنية عام 1991 حتى انحسرت موجة الصراع المذهبي بين الشيعة والسنة إلى حد بعيد بيد أن التوتر الطائفي برز من مكمنه من جديد، عقب الحرب على العراق عام 2003،بعد ان اثار الصداميون الهاربون من العراق بدعم من دول عربية مما دفع وسائل الاعلام العربية التي كان نظام صدام يمدها بالاموال للسكوت عن جرائمه حتى استثمرت الهاربون واغلبهم مجرمون انقطع املهم في العودة للعراق فترددت عبر وسائل الإعلام تصريحات لقادة دول عربية تتحدث عن "الهلال الشيعي" و"ولاء الشيعة العرب لإيران"، وآراء لمحللين وسياسيين تشير إلى "الخطر الشيعي" و"المد الشيعي" في المنطقة، وغيرها من المقولات والمقاربات التي تدلل على حقيقة واحدة تمثل الحقد على التغيير الجديد في العراق.ويقول البعض أن عملية الإطاحة بنظام صدام حسين أدت الى تقويض هيمنة السُّنة على السلطة، وتنامي نفوذ الشيعة في العراق، مما عزز طموحات الشيعة، وبعث هواجس السنة، على حد سواء، في دول المنطقة، التي تتألف مجتمعاتها من تركيب طائفي/ مذهبي شيعي مضطهد وسني حاكم.
وقد انكشفت عملية مؤامرات تصوير الوضع في العراق على انه طائفي بعدعملية إعدام المقبور المدان صدام حسين،فانكشف ان خلفيات الصراع سياسي يريد اعادة معادلة سابقة وليس صراع طائفي ويرى محللون أن الفتنة الطائفية التي أخذت تجتاح المنطقة، إنما هي في حقيقتها وأصلها غطاء وواجهة للاستقطاب السياسي الذي يستغل المشاعر المذهبية ويوظفها لخدمته.إلا أن محللين آخرين يرون أن هذا الرأي، على حجيته، لا ينفي أن الأزمة التي تعصف بالمنطقة، أياً كانت حقيقتها وماهيتها، لها تمظهراتها واصطفافاتها الطائفية، ليس على مستوى الرسمي فحسب، بل على المستوى الشعبي أيضاً.وهكذا، تزايدت في الآونة الأخيرة، التحليلات التي تحاول استشراف التغيرات التي قد تهدد النظم السياسية والاجتماعية في المنطقة، والأطروحات التي تدعو إلى إعادة هندسة كياناتها على أسس طائفية وإثنية.
وكان آخرها مقال رالف بيترز، الذي حمل عنوان "حدود دموية: كيف يمكن أن يبدو الشرق الأوسط"، والذي نشر في دورية "آرميد فورسيز جورنال" في يونيو/ حزيران 2006.ويرى مراقبون أن الحمأة الطائفية التي ثارت بعد إطاحة نظام صدام حسين، أدت إلى إعادة فتح ملف التجمعات الشيعية في دول المنطقة، وتسليط الضوء على واقعها الاجتماعي والسياسي ومدى اقصائها في الدول العربية، وإثارة النقاش حول مدى اندماجها في مجتمعاتها، وطبيعة توجهاتها إزاء أنظمة الحكم.
https://telegram.me/buratha
