بقلم: المهندس قيس علي البياتي
بغض النظر عن تباين مواقف المتفائلين والمتشائمين تجاه إقرار المصالحة الوطنية في العراق، يلاحظ المراقب الحصيف بوجود عقبات كثيرة تقف في وجه المصالحة المطروحة من قبل السيد رئيس الوزراء، ولكن وبالرغم من حجم العوائق الكثيرة، من الداخل والخارج، فإن موضوعة المصالحة تظل الخيار الوحيد لإخراج البلاد من أزمتها، والدفع بها قدما إلى الأمام في أتجاه الإصلاح والتقدم والتطور والرفاهية. وفوق هذا وذلك، فإن تحقيق المصالحة أمر واقعي وممكن، إذا توفرت الإرادة السياسية، ووطد العزم على السير في اتجاهها. أما التلكؤ في العمل من أجلها فإنه سيفاقم الأزمة ويفجرها مجددا ولو بعد حين. ولا يغرينّ أطلاق المبادرة ، أحدا بالاطمئنان إلى السيطرة على الوضع بالسرعة المتوقعة لأن المجتمع العراقي ينام على بركان هائل من الغضب والإحباط والفقر والظلم لمدة طالت عشرات السنين، وهو ما يمكن أن ينفجر في أية لحظة .في المقابل فإن المصالحة الوطنية المطروحة وحدها هي ما يمكن أن يسجل إنجازا تاريخيا عظيما في سجل رئيس الوزراء العراقي الأستاذ نوري المالكي. وأعتقد مخلصا بأنه قادر على الوصول إليها إذا لم يتدخل الأطراف الدولية والأقليمية بالضد من تطبيقها بإرادة عراقية حرة محبة للعراق ولشعبه العظيم، وستكون رؤية لإعادة التوازن الوطني وإيقاف مسلسل التصفيات الدموية، والأعتماد على معايير المواطنة الحرة المتساوية العادلة، وحينها من شأنها تحقيق معافاة الوطن ونهوضه ورفاهيته وتقدّمه وإطلاق جميع طاقاته الإبداعية للمساهمة الفعالة في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية الموحدة وإعادة بناء مؤسساتها والقضاء على الفساد وتطبيق القانون والعدالة.. ومازالت أمام دولة رئيس الوزراء الفرص الثمينة لإخراج العراق وشعبه المظلوم من أزمة دموية طاحنة، لا يقلل من وطأتها تراجع درجة العنف في البلاد، طالما ظلت عجلة أقتصادها ومجتمعها متوقفة بسبب الوضع الأمني المتردي.. وطالما أستمر الأرهاب والأرهابيين القتلة في سفك دماء أهالينا المستضعفين، ونهاية هؤلاء الجلادين الجلاوزة التي تنتهي بالموت الحقير ، بما هو إرتداد عن الإسلام وكل القيم الأنسانية لصالح الجماعات والمنظمات الأرهابية المتطرفة الحقيرة الناشطة بكثافة في كثير من الدول بدفع من الدول العربية الغنية، والذين يريدون إبعاد إرهاب هؤلاء المتطرفين من دولهم وحكوماتهم وتصديرها الى العراق وأمريكا وأوربا ليتعافوا هم ولتستقر حكوماتهم، وبعبارة أخرى فان هذه الدول الغنية بالنفط وبدولاراتها يستمتعون بدماء العراقيين الأبرياء المراقة في الشوارع والمساجد والأماكن المقدسة الأخرى، والدماء التي أريقت في عرس الأردنيين في فندق عمان في حادثة مشهورة في العام الماضي حيث لم تنتهي محاكة المجرمين والمجرمات اللذين قاموا بالعملية الجبانة، وكذلك بقتل الالاف من الأمريكيين في 11 سبتمر، وفي لندن 7/7/2005، وفي أسبانيا وأماكن أخرى من العالم، والذي يكشف بشكل واضح عن تفسخ أخلاقي غير مسبوق، وإنهيار شامل في عالم العلاقات والقيم الانسانية. أن " سياسة البر " و" الصلح مع بقاء الأختلافات الصغيرة " لها اهمية بالنسبة الى عراقنا الغارق في الدماء وبالنسبة الى القادة والسياسين والمراجع الدينية. ويجب ممارسة " سياسة البر " و" الحكم الرشيد " والعدالة. ولا يمكن ان تبقى وتتطور الثقافات المختلفة للأطراف والطوائف والقوميات المختلفة بشكل مشترك إلا بممارسة " سياسة البر " و" الحكم الرشيد " وتطبيق أعلى حد من العدالة بقدر الامكان.وأما ممارسة " الطغيان والتهميش ومسح الآخر " ستثير صدامات حضارية وقومية وطائفية (نحن في غنى عنها) تجعل الثقافة تتجه الى صيغة ستشكل هيمنة ثقافية أحادية الجانب. وإذا ما أستخدمت نظرية " الرحمة والعطف "(ليس مع القتلة الصداميين والسلفبعثيين والأرهابين الذين تلطخت أياديهم القذرة بدماء العراقيين الزكية) فى معالجة العلاقات بين القوميات والمكوّنات المختلفة فعندها يكون من الممكن تجّنب أي صدام بينها ولا حرب داخلية بينها وأنما يتحقق " البقاء المشترك الحضارى القومي المذهبي للجميع" .وإذا ما أستخدمنا " الصلح مع بقاء الأختلافات الصغيرة " كمبدأ فى معالجة العلاقات بين الثقافات المختلفة لأبناء الشعب العراقي فأن ذلك يتحلى بأهمية ايجابية للغاية بالنسبة الى حل النزاعات بينهم فى الوقت الحاضر وخاصة بالنسبة الى حل التناقضات والصدامات الناجمة عن الأختلاف الثقافى / مثل الاختلاف فى العقائد الدينية ومفهوم القيم والمفهوم القومي والطائفي بينها .وأعتقد أن المثل العليا للثقافة التقليدية العراقية هى " كل الاشياء تنمو دون أن تضر ببعضها البعض وتسير موازية على الطريق دون أن تستبعد بعضها البعض ". وهذه الفكرة توفر مبعثا أيديولوجيا لا ينضب معينه للتعايش الثقافي التعدد، وحينها يكون الشعب العراقي خير أسوة للتعايش السلمي مع التعدد المذهبي والقومي لبقية الشعوب الاسلامية في العالم. وإنني أعتقد جازما أن على القيادات السياسية والمراجع الدينية أن تدرك يجب أهمية الحضارات المختلفة الموجود في العراق بمذاهبها وقومياتها وأن تبقى بقاء مشتركا، دون إثارة أي نوع من الصراع من جراء الأختلاف الثقافى وهم يرون أنه يمكن للأمم والقوميات والطوائف والدول المختلفة أن تقوم بالأتصالات والتحاورات الثقافية وتتوصل من خلال الحوار والنقاش الى " توافق ما" وهذه عملية تجري من " الاختلاف " الى " اعتراف " متبادل من حيث الأهمية، علما بان هذا " الاعتراف " المتبادل لا يعنى ان أحد الجانبين يقضى على الجانب الآخر ولا أن أحدهما " يذوّب ويهمّش " الآخر وأنما يبحث الجانبان معا عن نقطة التقاء من خلال الثقافات والعادات المختلفة والقاسم المشترك والتأريخ المشترك في الوطن الواحد ويدفعون تطور ثقافتهم على هذا الأساس وإعادة ترتيب قوى المجتمع، وفرزها، وإعادة اصطفاف غالبيتها المطلقة الى جانب النظام الاجتماعي الجديد، ولفظ العناصر والأوساط الإجرامية منها، ومحاسبتها بشكل قانوني يتناسب مع ماتحمله المرحلة الجديدة من مبادىء وقيم جديدة على السياسيين في العراق التعامل معها بروح إيجابية وشفافة، ولا سيما أولئك الذين يتعاطفون من الماضي فيجب عليهم نسيان الماضي وأنها قد أصبحت جزءا من التأريخ ولا يمكن إعادة عقارب الساعة الة الخلف مطلقا وبأي شكل من الأشكال، ويجب السير مع عقارب الساعة الجديدة التي نصبت في العراق الجديد، وهذا هو دور " الصلح والمصالحة " بالضبط . وقد تشكلت التقاليد الثقافية المختلفة لوجود الأسباب الجغرافية والتأريخية بين القوميات والطوائف المختلفة المنصهرة في بودقة العراق وأن الأختلاف الثقافي جعل الثقافات البشرية فيها متنوعة وأغنت الانسانية بصورة عامة والاسلامية منها بصورة خاصة بثقافات وعلوم جمة لايمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال، ولاسيما مع تطورالعلوم والتكنلوجيا الحديثة اليوم، وأذا ما حدث صراع طائفي أو قومي لاسمح الله فربما تؤدي ذلك الى الفناء الذاتي للبشرية في هذا الوطن ولايتم أجراء كل ذلك من دون ترتيب الأوضاع الملتهبة في كركوك ذات الأغلبية التركمانية(العراق المصّغر) فأن أوجب القضايا في تطبيع أوضاع المدينة يتم من خلال تطبيق هويات القاطنيين في كركوك على سجلات ووثائق الدولة العراقية الأصلية الموجودة في بغداد لكشف الكركوكيين الأصليين عن المستوطنيين الذين جلبوا لأجل التغيير الديموغرافي في المدينة ولذا ينبغى ويجب علينا شرعيا وأخلاقيا ووطنيا أن ندعم جهود الأستاذ نوري المالكي في قراره التأريخي الشجاع والى إيجاد الحوار الايجابي والبناء لتحقيق التعايش المنسجم بين القوميات والطوائف المختلفة التي عاشت جنبا الى جنب عبر عصور ويجب أن يكون مبدأ " الصلح والمصالحة مع بقاء الأختلافات الصغيرة " القائم على أساس " الصلح خير " مبدأ أساسيا لمعالجة العلاقات بين القوميات والطوائف والمذاهب المختلفة بروح مسؤولة لبناء العراق الجديد ونسيان نظرية تهميش الآخرين ونظرية التسلط على رقاب العراقيين بالحديد والنار، وبناء عراق ديمقراطي حر يشترك جميع العراقيين في السلطة وإدارة بلدهم بإرادتهم الحرة والحديدية بتعايش أخوي وتفاهم دائم على اساس الخير والعدالة النابعة من الاسلام العظيم والذي يؤمن به الشعب العراقي وبعدالة دينه الحنيف، مع الاستفادة الكاملة مما وصلت اليه البشرية من مفاهيم ونظريات راقية في كيفية تطبيق العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية تسييس حكوماتها وإدارة شعوبها من دون ظلم وتهميش وقتل ودمار وأن أي تهاون من أي طرف كان في تطبيق مبادرة المالكي سيجعل الأوضاع في العراق والحكومة الى ضعف يوما بعد يوم مما يقّّّوي أعداء الشعب العراقي الى تقسيم العراق الى دويلات متعددة بالضد من أرادة الشعب العراقياشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha