التقارير

العراق بلا منظومة سلامة ولا رادع للكارثة القادمة.. هل سيفلت "المسؤول المجهول" كالعادة؟


لم تكن فاجعة الحريق الذي اندلع في أحد المجمعات التجارية وسط مدينة الكوت بمحافظة واسط، وأسفر عن سقوط أكثر من 60 ضحية، بينهم نساء وأطفال، مجرد حادث مأساوي عابر، بل جاءت لتعيد طرح السؤال الذي يلاحق العراقيين منذ سنوات بلا جواب: لماذا تُترك أرواح الأبرياء رهينة لمبانٍ تفتقر إلى أبسط معايير السلامة، ومؤسسات عاجزة عن تطبيق القانون، وسلطة تكتفي بإعلان لجان تحقيق لا تُفضي إلى شيء؟ وهل سيفلت المسؤول من العقاب كما في كل مرة؟

النائب عارف الحمامي قال في حديثه لـ"بغداد اليوم"، اليوم الخميس (17 تموز 2025)، إن هذه الفاجعة تمثل صدمة للرأي العام، وتتطلب تحقيقاً شفافاً وشاملاً لكشف ملابساتها وما إذا كان الحريق مفتعلاً أو نتيجة إهمال جسيم. وأشار الحمامي إلى تشكيل لجنة مركزية للتحقيق، لكنه حذر من تكرار السيناريو المعروف سلفاً، حيث لا تُعلن النتائج، ولا يُحاسب أحد، ولا تظهر الحقيقة للناس، بل يتم طيّ الملف بهدوء بانتظار مأساة أخرى تشتت الانتباه. وأكد أن وجود مجمع تجاري ضخم بعدة طوابق من دون إجراءات سلامة حقيقية يمثل خللاً كارثياً يستدعي إعادة النظر بكل ملف السلامة في البلاد، مضيفاً أن هذه الحادثة فتحت ثلاثة ملفات خطيرة طال إهمالها: المجمعات والمخازن والشركات غير الملتزمة، ضعف تنفيذ القوانين بحق المخالفين، وتقصير الجهات الرسمية في متابعة تطبيق معايير الحماية، محذراً من أن هذا الإهمال لا يهدد حياة المدنيين فحسب، بل يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب.

مراقبون للشأن الأمني والاقتصادي يرون أن ما جرى في الكوت لا يختلف عن مشاهد كثيرة سبقتها، كلها تُظهر هشاشة الدولة في فرض أبسط معايير السلامة العامة، وسط غياب حقيقي للرقابة، وتهاون واضح من قبل الحكومات المحلية في إلزام أصحاب المشاريع بتنفيذ أنظمة الحماية الحديثة، رغم تكرار الكوارث.

 الخبير الأمني اللواء المتقاعد صفاء الأعسم أوضح خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن الأسباب التي تقف وراء هذه الحوادث معروفة، من غياب أنظمة الإنذار المبكر، إلى ضعف ثقافة السلامة، إلى البنية التحتية المتهالكة، إلى استخدام المواد الرديئة وعدم الالتزام بالمواصفات. لكنه أشار أيضاً إلى عامل جوهري يعمّق هذه الأزمات، وهو الفساد الإداري والرقابي الذي يسمح بتمرير المشاريع والمجمعات دون التحقق من استيفائها لشروط السلامة.

وأشار الأعسم إلى أن الكوارث الإنسانية في مثل هذه الحوادث تتفاقم بسبب تأخر وصول فرق الدفاع المدني نتيجة الازدحام وسوء التنظيم، إضافة إلى نقص المعدات الحديثة، داعياً إلى إعادة النظر في المنظومة الوقائية من جذورها، بفرض الأنظمة الحديثة في كل المباني العامة والخاصة، واستخدام مواد مقاومة للحريق، وإنشاء هيئة مستقلة تعنى حصراً بملف السلامة العامة.

لكن خلف كل هذه الدعوات، يبقى السؤال الأعمق: هل ستُحاسب الجهات المقصّرة؟ وهل ستُعلن نتائج التحقيقات؟ العراقيون يتذكرون جيداً عشرات اللجان التي شُكّلت على مر السنوات، من لجان التحقيق في تفجيرات الكرادة، إلى كارثة مستشفى ابن الخطيب، إلى كارثة مستشفى الحسين في الناصرية، إلى حرائق الوزارات والمولات والأسواق، إلى لجان سقوط الموصل بيد داعش، وقبلها لجان الكهرباء، وملفات فساد شركات النفط، وسوء إدارة المنافذ الحدودية، والاغتيالات السياسية، وعمليات اختطاف الناشطين. كلها انتهت بلا نتائج تُعلن، بلا محاسبة واضحة، وبلا كشف للمسؤول الحقيقي.

تقول الوقائع إن معظم هذه اللجان انتهى بها المطاف إلى الصمت، أو تم دفن تقاريرها في الأدراج، أو استُبدلت بأزمات أخرى تُشغل الرأي العام. أحياناً تأتي فاجعة جديدة، وأحياناً تُفتعل أزمة سياسية، وأحياناً يُخرج الإعلام قضية مصطنعة، والنتيجة واحدة: "المسؤول المجهول" يفلت كالعادة، والدم يُنسى، كما نُسي من قبل.

وبحسب مراقبين، فإن فاجعة الكوت اليوم لا تختلف في جوهرها عن هذه السلسلة الممتدة منذ 2003، وما دامت الدولة بلا منظومة واضحة للسلامة، ولا جهة رقابية تملك صلاحية المحاسبة لا مجرد إصدار التقارير، مع ضعف وانتقائية بتطبيق القانون، فإن الكوارث ستتكرر، والخسائر ستُدفن، والمسؤول الحقيقي سيظل في الظل، بلا محاسبة ولا عقاب، بانتظار الضحايا الجدد.

لم تكن فاجعة الحريق الذي اندلع في أحد المجمعات التجارية وسط مدينة الكوت بمحافظة واسط، وأسفر عن سقوط أكثر من 60 ضحية، بينهم نساء وأطفال، مجرد حادث مأساوي عابر، بل جاءت لتعيد طرح السؤال الذي يلاحق العراقيين منذ سنوات بلا جواب: لماذا تُترك أرواح الأبرياء رهينة لمبانٍ تفتقر إلى أبسط معايير السلامة، ومؤسسات عاجزة عن تطبيق القانون، وسلطة تكتفي بإعلان لجان تحقيق لا تُفضي إلى شيء؟ وهل سيفلت المسؤول من العقاب كما في كل مرة؟

النائب عارف الحمامي قال في حديثه لـ"بغداد اليوم"، اليوم الخميس (17 تموز 2025)، إن هذه الفاجعة تمثل صدمة للرأي العام، وتتطلب تحقيقاً شفافاً وشاملاً لكشف ملابساتها وما إذا كان الحريق مفتعلاً أو نتيجة إهمال جسيم. وأشار الحمامي إلى تشكيل لجنة مركزية للتحقيق، لكنه حذر من تكرار السيناريو المعروف سلفاً، حيث لا تُعلن النتائج، ولا يُحاسب أحد، ولا تظهر الحقيقة للناس، بل يتم طيّ الملف بهدوء بانتظار مأساة أخرى تشتت الانتباه. وأكد أن وجود مجمع تجاري ضخم بعدة طوابق من دون إجراءات سلامة حقيقية يمثل خللاً كارثياً يستدعي إعادة النظر بكل ملف السلامة في البلاد، مضيفاً أن هذه الحادثة فتحت ثلاثة ملفات خطيرة طال إهمالها: المجمعات والمخازن والشركات غير الملتزمة، ضعف تنفيذ القوانين بحق المخالفين، وتقصير الجهات الرسمية في متابعة تطبيق معايير الحماية، محذراً من أن هذا الإهمال لا يهدد حياة المدنيين فحسب، بل يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب.

مراقبون للشأن الأمني والاقتصادي يرون أن ما جرى في الكوت لا يختلف عن مشاهد كثيرة سبقتها، كلها تُظهر هشاشة الدولة في فرض أبسط معايير السلامة العامة، وسط غياب حقيقي للرقابة، وتهاون واضح من قبل الحكومات المحلية في إلزام أصحاب المشاريع بتنفيذ أنظمة الحماية الحديثة، رغم تكرار الكوارث.

 الخبير الأمني اللواء المتقاعد صفاء الأعسم أوضح خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن الأسباب التي تقف وراء هذه الحوادث معروفة، من غياب أنظمة الإنذار المبكر، إلى ضعف ثقافة السلامة، إلى البنية التحتية المتهالكة، إلى استخدام المواد الرديئة وعدم الالتزام بالمواصفات. لكنه أشار أيضاً إلى عامل جوهري يعمّق هذه الأزمات، وهو الفساد الإداري والرقابي الذي يسمح بتمرير المشاريع والمجمعات دون التحقق من استيفائها لشروط السلامة.

وأشار الأعسم إلى أن الكوارث الإنسانية في مثل هذه الحوادث تتفاقم بسبب تأخر وصول فرق الدفاع المدني نتيجة الازدحام وسوء التنظيم، إضافة إلى نقص المعدات الحديثة، داعياً إلى إعادة النظر في المنظومة الوقائية من جذورها، بفرض الأنظمة الحديثة في كل المباني العامة والخاصة، واستخدام مواد مقاومة للحريق، وإنشاء هيئة مستقلة تعنى حصراً بملف السلامة العامة.

لكن خلف كل هذه الدعوات، يبقى السؤال الأعمق: هل ستُحاسب الجهات المقصّرة؟ وهل ستُعلن نتائج التحقيقات؟ العراقيون يتذكرون جيداً عشرات اللجان التي شُكّلت على مر السنوات، من لجان التحقيق في تفجيرات الكرادة، إلى كارثة مستشفى ابن الخطيب، إلى كارثة مستشفى الحسين في الناصرية، إلى حرائق الوزارات والمولات والأسواق، إلى لجان سقوط الموصل بيد داعش، وقبلها لجان الكهرباء، وملفات فساد شركات النفط، وسوء إدارة المنافذ الحدودية، والاغتيالات السياسية، وعمليات اختطاف الناشطين. كلها انتهت بلا نتائج تُعلن، بلا محاسبة واضحة، وبلا كشف للمسؤول الحقيقي.

تقول الوقائع إن معظم هذه اللجان انتهى بها المطاف إلى الصمت، أو تم دفن تقاريرها في الأدراج، أو استُبدلت بأزمات أخرى تُشغل الرأي العام. أحياناً تأتي فاجعة جديدة، وأحياناً تُفتعل أزمة سياسية، وأحياناً يُخرج الإعلام قضية مصطنعة، والنتيجة واحدة: "المسؤول المجهول" يفلت كالعادة، والدم يُنسى، كما نُسي من قبل.

وبحسب مراقبين، فإن فاجعة الكوت اليوم لا تختلف في جوهرها عن هذه السلسلة الممتدة منذ 2003، وما دامت الدولة بلا منظومة واضحة للسلامة، ولا جهة رقابية تملك صلاحية المحاسبة لا مجرد إصدار التقارير، مع ضعف وانتقائية بتطبيق القانون، فإن الكوارث ستتكرر، والخسائر ستُدفن، والمسؤول الحقيقي سيظل في الظل، بلا محاسبة ولا عقاب، بانتظار الضحايا الجدد.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك