المقالات

ماذا لو اعتزل مقتدى الصدر العمل السياسي ؟

1745 18:13:00 2008-05-16

( بقلم : د. خزعل فارس الجابري )

إشكالية مزاولة رجل الدين للعمل السياسي كانت و لازالت إشكالية تحتل الصدارة في البحث و النظر و لسنا نعني بهذه الإشكالية ما تطرحه المدرسة العلمانية و الليبرالية التي تكاد تحكر على رجل الدين مزاولة السياسة تحت حجة إن ذلك يسهم في نسبة الخطأ للسياسي إلى خطأ النظرة و المعالجة التي يطرحها الدين لعديد القضايا و كأن الدين و المتدين أو رجل الدين شيء واحد . بل ننطلق في التحليل و المعالجة ضمن الإطار الإسلامي و بالتالي فإن الإشكالية المعنية ليست سوى " أهلية " المتصدي للشأن السياسي من رجال الدين و نقصد برجل الدين هو المنتسب إلى المؤسسة الدينية بعنوانه الشخصي و فكره الإسلامي معا . فالإسلام السياسي يضع في أولوياته شروطا واضحة لكل من يريد أن ينهمك في التعاطي مع السياسة حاملا فكرا إسلاميا و منطلقا من كونه شخصا يرتدي الزي الديني و ينطبق عليه أي من العناوين الشرفية المتداولة . لهذا فالإسلام الحركي لا يبيح لكل من ارتدى العمامة و انتسب إلى المؤسسة الحوزوية ممارسة السياسة ما لم يكن متوفرا على شروط تجعله مؤهلا بالفعل للقيام بواجبه لما يحفظ له و للإسلام الذي يمثله مصالحه و هيبته و ألا يحط من شأنه في نظر المجتمع . و من بين الشروط التي تختبر ميزان الأهلية هي الإلمام بكيفية التعامل مع الأحداث و مجرياتها و التوفر على قدر معقول من التجربة و الحنكة و بعد النظر و أن يكون ثمة مشروع سياسي واضح يصب في خدمة الصالح العام و مجمل القضايا الوطنية و ألا يكون الشخص مرهونا بمصدر قرار خارجي يملي عليه ما يريد و يحيله إلى مجرد دمية تتحرك بخيوط معلنة أو خفية . و فقدان أي من هذه الشروط سيلحق الضرر عاجلا أم آجلا بالشخص نفسه و بأتباعه و بالفكر العقائدي الذي يدعي الانتساب إليه و بالوطن و المواطنين لا محال .

برز مقتدى الصدر عقب سقوط النظام المقبور بعد تشظي أتباع السيد محمد صادق الصدر بين من ذهب إلى مرجعية معينة أو تحلق حول من ادعى مرجعيته و أعلميته دون غيره و منهم شباب لا زال يراهق في سلم الدراسة الحوزوية كمحمود الصرخي و الطائي و البعقوبي و البغدادي و غيرهم مع احترامنا لأشخاصهم لأن القضية لا تتعلق بالأشخاص قدر تعلقها بالعناوين التي ادعوها لأنفسهم كونهم هم اعلم من غيرهم و يبدو أن شيوع ظاهرة ادعاء الأعلمية كانت بوحي من سابقة السيد محمد صادق رحمه الله الذي سلب مراجع معروفة أهلية الاجتهاد و ادعى أنه أعلم الأحياء و الأموات . و لم يكن مفتدى الصدر قادرا على تكرار دعوة والده لأنه لم يبلغ في دراسته شيئا يذكر و هذا ما يعرفه عن نفسه و ما يعرفه سائر الناس عنه في أروقة الحوزة النجفية و خارجها . و مقتدى الصدر من مواليد 1973 شاب قليل الخبرة و لا عهد له بالشؤون السياسية لا من قريب و لا من بعيد ، و جاء تصدره لما عُرِف فيما بعد بالتيار الصدري تحت ضغوط مجموعة من أتباع والده و الذين خلعوا عليه لقب " السيد القائد " و هؤلاء كان بعض منهم قد قدم من سوريا بعد الإطاحة بالنظام البائد حاملين أفكارا روّج لها بعض الكتاب في سوريا و لبنان و حاولوا الفصل بين عنوان " المرجعية " و " القيادة " في كتبهم و دراساتهم و محاضراتهم و هم من المعجبين جدا بالسيد محمد صادق والد مقتدى و الناقمين لأسباب مختلفة على عموم المرجعيات الشيعية سواء في العراق أو خارجه الأمر الذي دفع البعض للتشكيك في نوايا هؤلاء و تساءلوا عن الجهات التي يعملون لصالحها لما تجلبه أطروحاتهم و آرائهم من ضرر فادح على الشيعة و المجتمع الشيعي .

و منذ البداية كان واضحا للعيان أن مقتدى لا يتوفر على أدنى شروط القيادة و ليست له أهلية التصدي لشأن خطير و اعتلائه لمركز قائد لمجموعة كبيرة من الشباب ، فكانت قراراته طيلة السنوات الماضية قلقلة و متضاربة و غير ثابتة ، و افتقد إلى حصافة التعامل مع القضايا المختلفة و بدا عاجزا عن استقراء آفاق الشأن السياسي و نتيجة لذلك أصبح الصدريون مصدرا لزعزعة الأوضاع و احتقانها حد أن بلغت حد الصدامات و المواجهات المسلحة سواء مع القوات الأمنية العراقية أو المتعددة الجنسيات تحت عنوان عابث هو مقاومة المحتل مع أن مقتدى كان الوحيد من الشخصيات الشيعية في النجف أو في الأحزاب المعروفة الذي رحب بشكل أو آخر بدخول القوات الأمريكية علانية و اعتبارهم ضيوفا ، و نتيجة لهذا الترحيب اتصل معه الجانب الأمريكي عارضا عليه تبوء منصب كبير في الحكومة العراقية التي كان من المزمع تشكيلها وهذا ما ورد على لسان مقتدى في إحدى لقاءاته المسجلة و قال أنه رفضه و اعتبر رفضه استمرارا لما كان قد فعله السيد الشهيد الأول حيث تساءل مقتدى : ألم يكن السيد محمد باقر قادرا على أن يكون وزيرا ..؟

إن أكبر ما يسجل على مقتدى الصدر ومن حيث كونه رجل يرتدي العمامة انه أسهم بجملة قرارات و تصرفات خاطئة أدت إلى إراقة دماء العديد من الأبرياء العراقيين الأمر الذي ساهم في تشويه صورة الإسلاميين و أتاح للآخرين فرصة التشهير و التشنيع عليهم و كان من اكبر أخطائه هو تشكيل مليشيات مسلحة أدت إلى اضطراب الأوضاع الأمنية في مختلف مناطق البلد . و هنا نتساءل ، بعد سماعنا بالأخبار التي نقلت عن مصادر مقربة من الصدر حول نيته في الاعتزال التام للسياسة و الانكفاء على الدرس و طلب العلم و تهذيب النفس و التكامل ليتسنى بعد ذلك طرح نفسه مصلحا اجتماعيا و قائدا سياسيا و مرجعا دينيا ، لماذا لم يكن هذا الطلب للعلم و تهذيب النفس و السعي في " التكامل " منذ البداية و قبل أن يسيّر ألافا من الشباب بجهل و عدم دراية وراءه ، و يتورط بمخالفات و آثام تقصم الظهر و ينساق هو و أتباعه في التسافل نحو همجية و عدوانية و شراسة هي اقرب إلى صفات الضواري المتوحشة لا البشر الأسوياء ؟ و على أية حال فثمة سؤال ملح حول ماذا يمكن أن يصبح عليه الواقع الصدري بعد اعتزال قائده تماما ؟ نرجح أن ما يعرف بالتيار الصدري سوف يتعرض إلى انهيار حتمي بعد انشقاقات واسعة ستعتريه و أن الصراع على مراكز القيادة له ستشتد و تأخذ طابعا شرسا و سيتم اللجوء إلى العنف و التصفية الداخلية في سبيل ذلك . و لهذا فنحن نطرح سؤالا آخر هو : هل بعد حصول مقتدى على درجة الاجتهاد بعد عدة سنوات و بلوغه مراقي في تهذيبه لنفسه و تكامله الروحي و المعنوي الذي نشك في أنه سيحصل ، نقول هل بعد حصوله على ذلك سيكون بعد عودته ثمة ما يعرف بالتيار الصدري أم انه سيبحث عن تشكيل تيار جديد قد يكون ألد أعدائه هو التيار القديم ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زاير
2008-05-18
سلام عليكم بويه اعله كيفك شنهي القضية ابكيف الباطول ان صح التعبير يعني انته اخبصتنه ويه ذوله السرابيت او هوساتهم الالحاديه اتريد انذكركم ( من رخصتج يلبتول مقتدى هووه الرسول ) مو ربعك ذوله يولا؟ انته تعرف نفسك ضاكت حلقاتهه اعليك وتريد تفلت لأن دم عبد المجيد الخوئي ماينسه وانتهاك العتبات المقدسة ابكربله والنجف ماينسه دماء الابرياء اللي سالت ماتنيه البوك والسلب والقتل على الشبهة ماينسه الاعتداء على المراجع اللي يسوون جوزتك والتشهير بيهم ماينسه ابتناءك فلتت ابريشك اشجم مليون خليتلك اعله صفحه ليش مايرادلك مصاريف اهناك ابقم لو تسكنلك بغريفه ازغيره ابوحده من المدارس الدينيه لا يعمي انته وين والزهد وين ترضالك ابغرفة او خمسة الاف تومان بالشهر وين اتصرفلك هاي هاي انطيهه للزهاد للي بايعين الدنية اومايدورون اعليهه ليش عمي جا النجف اشبيهه ماكو حوزة لاسامح الله بس هاي اللوفه ماتفلت منهه بعدك يجيبك البعير الجاب عمر ابن سعد من راد يشرد من الكوفه نص الليل اوخذاه النوم ارجع بيه البعير النفس المجان يجيبك يجيبك البعير الجاب احصين كامل اورجعه المصيره الاسود ايجيبك لأن دم السيد الخوئي ايفور اومايهدأ الا ابأخذ ثاره اوغيره اوغيره موش انته خمس اسنين ماظل شي يعتب اعليك كلشي سويت ابو الويوهلبت حاسبت روحك اوهسا اني نادم عله كلشي صار ليش عمي والحساب وين شنهي ابكيفك اتبطل لا يبويه خاف ماتدري هذا العراق ابتنائك راح ايصير ابراسك خير وتصيرمرجع لاوالله لأن هذا طريق اهل الله اللي ايخافون الله اللي مايستحلون المحارم اللهي ايباتون ابتهجد او عباده الى الصبح هذا الطريق اللي جنابك اتريد اتسلكه هسا هلنوب اتريد اتصير مرجع ترجعلنه حطو طوسكم على روسكم يلعراقيين ولك انته هيج اعله هاي الجهره سويت دمهه للرجاب جالوصرت مرجع انته فاين حظك اومابيك كل خير لأن جاهل جاهل جاهل ماتصيرلك كل جاره اتريد تنزع ذاك الجلد اوتنطوي على نفسك شنهي هييه اخذ واركض لولعب اجعاب ان صح التعبير زين انطيك مخرج الهاي المشكله اوفرلك الجواب انته مواهل ا لهذا الطريق لأن لو بيك خير جابينت من الاول بس عندي ا لك مخرج يخلصك تدري شنهي روح اتباره الذمة ويه اهالي المقتولبن ظلما وعدوانا واللي انكتلوا ابأمرك اوهذا بالمشمش ايصير او انذر نفسك خادم للعتبات المقدسة بس تكنس بيهه اوهذا شرف ماراح اتحصله وتباره الذمه من المراجع والشعب العراقي المراجع اكلوبهم اجبيرة تتحمل بس الشعب العراقي ياويلك منه اوبعدين فكر هيج تفكير اوهاي سهله لان اختصرتلك الطريق اومنهو ايكول انته ترضه اوحته لورضيت ياهو اللي يتنازل الجنابك هذا حجي سولفه علسلاطين الشعب العراقي مايعبر اعليه هلسوالف حارسكم الله
حميد عبد الحميد
2008-05-17
بما انه كل الاحتمالات واردة والاعمار بيد الله ففي ذلك اليوم لكل حادث حديث . اما النقطة التي اريد ذكرها هنا ف (رجل الدين )عندما يتنازل ليمارس العمل السياسي عادة ما يكون لضرورة ما هذا من جهة وحتى لو وصل الى درجة الاجتهاد وغير متصدي اصلا الى العمل السياسي فهو يحتاج الى ان يحصل على تاييد المرجعية ومباركتها لنيل هذا الشرف وتحمل المسؤلية والا فهناك الكثير ممن ادعوا بالاجتهاد فلا المرجعية ايدتهم ولا العوام قلدوه وعندما تصدى للسياسة فالجميع رفضوه وخاصة لو تكون عليه شبهات وتهم قضائية كالضاري!!
محمد العسكري
2008-05-17
طبعن يسويلنة فضل كبير ويريحن الله يريحة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك