المقالات

غوبلز و"الكذب المصفط"

1273 2021-07-06

 

حمزة مصطفى ||

 

برغم من فضائعها فقد  إختزل الناس الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945) بالفوهرر هتلر. ثم أختزلوا هتلر بغوبلز (وزير الدعاية) الذي إنتحر بعد يوم من إنتحار زعيمه. غوبلز نفسه جرى إختزاله بنظريته الدعائية الشهيرة "إكذب, إكذب حتى يصدقك الناس". بلاشك نجح غوبلز في توظيف الإشاعة لمايريد تحقيقه من أهداف. لكن توسع هتلر في أوربا وروسيا تحديدا أكثر من قدرة جيوشه على المقاومة أدى الى إندحاره وإنتحاره معا. لم تكن وسائل الدعاية والإعلام متاحة كثيرا على عهد غوبلز بالقياس الى عالم اليوم. فالصحف والإذاعات كانت محدودة التأثير, كما أن البث التلفزيوني لم يصبح بثا فضائيا حتى مطلع الستينات من القرن الماضي. حرب الخليج الثانية التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية على العراق 1991ومعها حلف من 30 دولة من أجل إخراجه من الكويت كانت أول حرب وصفت بأنها " حرب تلفزيونية". كانت قناة "السي أن أن" قد إنفردت بنقل مشاهد الصواريخ وهي تسقط  على بغداد.  

مع ذلك بقي غوبلز ونظريته مثار إهتمام حتى في عصرنا الفضائي الرقمي الحالي ومن مسمياته العالم الإفتراضي الذي يدار عبر الريموت كونتول أو غرف الدردشة أو وسائل التواصل. ولو أخذنا المحتوى الرئيس لنظرية غوبلز "الكذب" بهدف التأثير على الآخر  بتكرار "الكذبة" وطبقناها على مابات يجري اليوم عبر صيغة جديدة تحت مسمى "منقول" أو "كماوردني" فإننا حيال تطبيق لكن من نوع آخر لتلك النظرية. غوبلز كان هو صانع المحتوى وناشره بين الناس لكن  على طريقة مانسميه في أمثالنا "الكذب  المصفط". الذي يردنا الآن عبر صيغ مختلفة مثل "منقول" أو "كما وردني" هو حيلة ذكية لمن يريد خلط الأوراق أوالإساءة أو التسقيط.

المشكلة التي تواجهنا في العالم الإفتراضي اليوم لاينطبق عليها الركن الآخر من معادلة الكذب "المصفط" وهو الصدق "المخربط". فإذا فحصنا من يتولى القيام بدور الوسيط الناقل لمحتوى كاذب لكنه "مصفط" دون فحص كمية الصدق حتى لو كان مخربط لوجدناهم ليسوا من أولئك الذين كان يستهدفهم غوبلز, أي عامة الناس. المتأثرون بالدعاية الغوبلزية اليوم طبقا للمفهوم الدعائي للعصر الرقمي هم من مستويات سياسية أو تعليمية راقية. مسؤولون وقادة رأي وأحيانا أساتذة جامعة ينقلون عبر هواتفهم النقالة محتويات هزيلة, ساذجة, غبية تحت عنوان .. كماوردني .. أو منقول.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك