من سني ومصادر سنية:
حين تقرأ الرواية الرسمية، تظن أن بني أمية نشروا الإسلام من السند إلى الأندلس، وأن الأمم دخلت في دين الله أفواجًا بفضل خيولهم وسيوفهم وراياتهم.
لكن حين تقرأ التاريخ الحقيقي، بالأرقام، بالتواريخ، بالوقائع… تكتشف الحقيقة الصادمة:
أكثر من 90% من المصريين ظلوا مسيحيين حتى نهاية القرن الثاني الهجري (نحو سنة 800م)، رغم أن “الفتح” بدأ سنة 641م بقيادة عمرو بن العاص.
وفي الشام، معقل بني أمية، لم يُصبح المسلمون أغلبية إلا في القرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي)، أي بعد زوال الدولة الأموية بقرابة 100 عام.
وفي بلاد المغرب، استمرت القبائل على وثنيتها ومسيحيتها حتى ثورات منتصف القرن الثاني الهجري (سنة 740م وما بعدها)، حين بدأت الدعوة الحقيقية على يد الأمازيغ أنفسهم بعد انهيار الحكم الأموي.
فإن كان الإسلام قد انتشر فعلًا بفضل الأمويين، فلماذا لم يُسلم الناس؟
الجواب واضح ومؤلم: بنو أمية لم يريدوا للناس أن يُسلموا.
لأن المسلم لا يدفع الجزية.
والمسلم لا يُسبى.
والمسلم لا يُعامل كعبد.
أما الكافر؟
فهو مورد مالي متجدد: جزية، خراج، عبيد، غنائم
خذ العراق كمثال.
في سنة 82هـ (701م)، كتب الحجاج بن يوسف إلى الخليفة عبد الملك بن مروان يشكو أن “أهل السواد” في العراق يُسلمون بأعداد كبيرة، مما قلّل أموال الجزية.
فجاءه الردّ الذي يُلخّص فقه الدولة الأموية كله:
“قيّدهم بالجزية، فإنهم لا يُسلمون إلا فرارًا منها”
[الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج5، ص196]
هذه ليست حادثة معزولة، بل سياسة ممنهجة.
⟶ في مصر، تشير روايات البلاذري (فتوح البلدان، ص243) أن الأقباط كانوا يُجبرون على دفع الجزية حتى بعد إسلامهم، بأمر من الولاة الأمويين.
⟶ في بلاد الشام، كان يُمنع غير العرب – حتى لو أسلموا – من تولي المناصب أو قيادة الجيوش.
⟶ في خراسان، كانت تُفرض ضرائب مضاعفة على من “يُشتبه” في أنه أسلم فقط ليهرب من الجزية.
⟶ في بلاد المغرب، تم أسر آلاف النساء، كثير منهن مسلمات، وأُرسل بعضهن كجواري إلى قصور بني أمية.
يذكر ابن عبد الحكم (فتوح مصر والمغرب، ص156) أن موسى بن نصير أهدى إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك 80 جارية بكرًا من بنات زعماء البربر.
هل هذا نشر للإسلام؟
أم تجارة بالرؤوس والرحم والأرواح؟
من جهة العقيدة، القرآن ينص:
“لا إكراه في الدين”
و”إنما الجزية على من لا يُؤمن بالله ولا باليوم الآخر”
لكن دولة بني أمية جعلت من الجزية ركنًا ماليًا أساسيًا.
فإن أسلم الناس، انهارت الخزينة
ولذلك، لم يكن الخلفاء يُسرّون بإسلام الشعوب
بل كانوا يرونه “تهربًا ضريبيًا”!
فلا عجب أن الدولة الأموية لم:
– تُترجم القرآن إلى أي لغة محلية
– تُرسل دعاة إلى الأمم المفتوحة
– تُقيم مدارس لتعليم الدين
– تُساوي بين العربي وغير العربي
– تُوقف تجارة الجواري والعبيد حتى في حق الداخلين في الإسلام
بل العكس تمامًا، من أسلم ولم يكن عربيًا، ظل مواطنًا من الدرجة الثانية، يدفع مثل الكافر، ويُعامل كخادم، ويُجند في أقسى الجبهات.
ويكفيك أن تعلم أن الخلفاء أنفسهم لم يكونوا قدوة.
– مروان بن الحكم قال بوضوح:
“الخلافة بالسيف، لا بالشورى”
– هشام بن عبد الملك سخر من العُباد:
“إذا جاعوا عبدوا، وإذا شبعوا فسقوا”
– يزيد بن عبد الملك كان يُلقب علنًا بـ”يزيد الفاسق”، وقد عرف عنه المجون والشراب العلني، دون نكير من أهل البلاط.
بل إنهم أحرقوا الكعبة سنة 73هـ (692م) بالمنجنيق، في عهد عبد الملك بن مروان، لإسكات المعارضة بقيادة عبد الله بن الزبير
فأي راية إسلامية هذه، إن كانت تُوجّه ضد البيت الحرام؟!
والسؤال الآن: متى بدأ الإسلام ينتشر فعلًا؟
ليس في عهد بني أمية
بل بعدهم، بل رغمهم
– في بلاد المغرب، انتشر الإسلام الحقيقي على يد الدول الأمازيغية كالرستميين (161هـ) والمرابطين لاحقًا
– في إفريقيا جنوب الصحراء، دخل الإسلام بالتجارة والقرآن، لا بالسيف
– في آسيا الوسطى، جاء الإسلام مع التصوف والطرق السلمية
– في الأندلس، بقي غير المسلمون أغلبية طوال القرن الثامن الميلادي، حتى بدأت الدولة في التراجع الأموي التدريجي
إذًا الحقيقة المُرّة:
بنو أمية فتحوا البلاد، لكنهم أغلقوا أبواب الإسلام
فتحوا الأرض للجباية، لا للهداية
وسمّوا الدولة “خلافة”، لكنها كانت إمبراطورية عربية عنصرية، لا تمتّ لروح الإسلام بصلة
ولذلك، فإن كل من ثار عليهم – من آل البيت، من الأمازيغ، من الفقهاء، من عامة الناس – لم يكن خارجًا على الدين، بل مدافعًا عنه*
فهل هؤلاء كانوا “فاتحين”؟
أم سلاطين لبسوا عباءة الدين ليحكموا بالسيف؟
وهل ما فعلوه يُسمّى “فتحًا”؟
أم احتلالًا باسم السماء؟
فتحوا الأرض… ودفنوا النور
رفعوا راية محمد ﷺ… وذبحوا سنّته على عتبات القصور
https://telegram.me/buratha
