مهدي على اكبر
نُشِرَ بثمانينات القرن الماضي، في مجلة "الوطن العربي" صورة للقيادي في مليشيا الكتائب اللبنانية سمير جعجع، وهو يحمل سلاح نوع (كسرية) وهو يمشي في شوارع بيروت تحرسه مجموعة من نفس "شاكلته" الذي تربى عليها حزب الكتائب، حين ساهم بقوة في اجتياح لبنان من قبل جيش الكيان الإسرائيلي الغاصب، أواخر أيام حكومة سر كيس، وما رافقها من مآسي على بيروت، جراء الخيانة عائلة "بيار الجميل" التي برز منها بشير الجميل، رغم أنهم يطلقون عليه وصف " شيخ"!
لا يمكن الادعاء ان المتكلم كان محللا سياسياً، فالتعتيم الاعلامي كان بأقصى درجاته، ولا يوجد سوى إعلام البعث، يملأ شوارع بغداد يمجد بصدام وحزبه الشوفيني، ورغم صغر العمر والقصور عن النضوج السياسي، لكن بعد الاحداث الاخيرة كنا مجبرين للبحث في تلك الفترة، لنتفاجأ بدرجة الخيانة والخسة والسقوط، عند تلك العائلة القذرة، التي باعت كل شيء للوصول لكرسي الرئاسة، فتم تدمير بيروت وقتل أي شيء يتحرك، كما وصفه رئيس وزراء الكيان الغاصب حينها مناحيم بيغن .
كل ما ذكر وأكثر هو الحقيقة، ومن يريد الاطلاع أكثر يذهب الى الكاتب "جوزيف ابو خليل" المستشار لعائلة الجميل الخائنة، التي لا تستحق الإنتماء للبنان، أو ليقرا ما وثقه الكاتب القدير "محمد حسنين هيكل" الذي توسع وطرح حقائق يشيب لها الرأس.. وحينها لن نتعجب كم الجواسيس الذين قُبِضَ عليهم، وعشرات غيرهم افلتوا من قبضة الامن اللبناني، ولكن ان تتخيل حجم تأثيرهم المؤذي، عندما تلاحظ دقة إصابة الطيران الصهيوني في إصابة أهدافه، نتيجة لشبكة العملاء المزروعة بالجسد اللبناني .
من يعتقد أن امريكا ليس لها وجود في كل الانظمة العربية، أو حتى الأخرى، فهو إما غبي، أو في عقله لوثة ويحتاج لعلاج مستعصي.. ولا يستثنى من ذلك أحد، إلا ربما بمقدار أقل في كوريا الشمالية كونها منغلقة على نفسها، ولو أتيحت الفرصة لكانت كحال كوريا الجنوبية، منزوعة الإرادة وتأتمر بأمر أمريكا..
ما يؤدي ما سبق، مواقف اوربا التي يفترض أنها قوية ومستقلة، ورغم ذلك فكل مواقفها تنظر بعين عوراء، وتصرح كأنها الببغاء بأن " من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها" رغم أن آلتها العسكرية موغلة بالدم الفلسطيني، وأبادت الأخضر، بهذه الحجة الفارغة الكاذبة.
بالعودة لعائلة الجميل فعندما تعاونت مع الكيان، للتوغل داخل لبنان وإرتكاب المذابح، لم يهاجمها احد من كلاب وذباب الإعلام، والتي نراها اليوم تنبح على المقاومة، التي منعت الجيش الاسرائيلي من التوغل داخل لبنان، دمرت آليات ودبابات العدو وقتلت جنوده وضباطه، على أعتاب الجنوب الأبي.. حاول هؤلاء تحميل المقاومة في لبنان، مسؤولية التدمير، الذي ارتكبته آلة الحرب الإسرائيلية، التي لا تعترف بالقوانين الدولية والاتفاقات، بحماية امريكا وأوربا..
بتعاون منظومة الجواسيس والعملاء، استطاع الكيان الوصول لقادة ورموز المقاومة، وعلى رأسهم سيد المقاومة.. لكن عزم المقاومة لن يلين، وكذلك سيظهر جيل جديد من الخونة والمحسوب على لبنان، يهاجم ويحمل المقاومة التدمير الحاصل، رغم أن الأذى الأكبر كان من حصة الضاحية، وكل ما له صلة بالحزب، وقد استطاعت المقاومة القبض على كثير من أولئك، واتضحت الصورة حيث استطاع الاحتلال تجنيد ما لا يمكن تصوره .
الأمين العام الجديد للحزب، يواجه اليوم ضغطاً كبيراً من الذين يسيرون بركب الاحتلال، محاولين نزع سلاح المقاومة ليصبح لبنان ساحة تصفيات، كما يحدث اليوم بسوريا التي يسرح بها الكيان، وأستحوذ على اماكن مطلة واستراتيجية، والعالم يتفرج لا يحرك ساكنا، والتزم الصمت وبداخله رضى يثير العجب، والمستنكر الوحيد محور المقاومة وايران..
أما دول الخليج فهم مشغولون بكيفية ارضاء ترامب وهداياه وعطاياه، وقد لاحظنا كيف جمع الاموال كأنها الجزية لقاء حمايتهم.. والمضحك بالامر ان ترامب لم يخجل عندما قال لهم، نحن من يحميكم ومن دوننا انتم منتهون !
أكبر رد كان نتائج الانتخابات، التي سجل فيها ابناء المقاومة ومؤيديهم، النسبة التي لم يتوقعها الشارع اللبناني، والتصميم على اعادة البناء، وجعل بيروت وباقي المناطق التي دمرها الاحتلال اجمل من قبل.. لتليها رسائل أمين عام الحزب، بقوله "لا تختبروا صبرنا، وان سلاحنا جاهز للرد على التجاوزات المتكررة من قبل الكيان، اذا كنتم غير قادرين، وان لم تكونوا فاتركوا الامر لنا، وعلى الحكومة اللبنانية تحمل مسؤوليتها بإيقاف تلك التجاوزات التي بلغت حد لا يمكن السكوت عنه "
كل هذا والعرب صامتون، إلا من بيانات خجولة هنا ومواقف إغاثية هناك، إلا اليمن فهي الدولة الوحيدة التي بقيت على العهد، بشهادة ترامب نفسه، فهم رجال صعبوا المراس ولا يمكن مجابهتهم، والتاريخ يشهد على ذلك، والالة العسكرية التي قصفت البنى التحتية، لم تؤثر على موقفهم، وما يذهل اكثر، هو حجم الصمود والبناء السريع للاماكن التي طالها التخريب، وجرأتهم على ضرب السفن والمدمرات الحربية الامريكية، التي لم يسجل التاريخ أن احداً هاجمها يوماً، مما اضطرها للهروب بعيدا عن الصواريخ والمسيرات اليمنية، وعقد اتفاق معهم برعاية عمانية، وبقي الاحتلال وحده بمجابهتهم .
ستبقى المقاومة عصية على العدو، فهي طبع عند الشرفاء، وسيبقى الخونة وكلابهم ينبحون، بعد ان باعوا دينهم وعقيدتهم ووطنيتهم، بالثمن الأقل الأرذل، فهم طبعوا أنفسهم عليها.. وسنعرف قريبا لمن الغلبة والنصر
https://telegram.me/buratha
