المقالات

في ذكرى 14 تموز..القاسميون والعارفيون في كل زمان..!

1709 2019-07-14

أحمد كامل عودة

 

بعد مضي 61 عاما على ذكرى حادثة قصر الرحاب ، وسقوط عروش الملكية في العراق ، معلناً بدء مرحلة جديدة من الحكم الجمهوري والعسكري ، ولازال ليومنا هذا الصراع الفكري الدائم ، بين من أيد تلك الثورة ومن يدينها ويلعن من قام بها إلى يومنا هذا ، وبين هذا وذاك يتساءل الجيل الجديد والذي لم يعاصر تلك الفترة ، هل كانت الثورة لصالح الشعب ؟ وغيرت من حياته نحو الأفضل؟ ، وهل هي فعلا أنهت الإستعمار البريطاني الذي كان يستحوذ على خيرات البلاد آنذاك ؟ ، أم كانت الثورة مفتاحاً للأزمات والصراعات والانقلابات ، وحكم العسكر الدموي الذي حكم العراق بالحديد والنار.

تستمر التساؤلات الكثيرة حول ذلك اليوم التأريخي والذي لازال العراق يحتفل به كعيداً وطنياً.

التأريخ والشخصيات التي عاصرت تلك الأيام هي الوحيدة المسؤولة عن نقل الحقيقة ، ومادارت في رحى الدولة آنذاك ، وبغض النظر عن مستوى الشخصيات ،فمنهم من ينقل ما دار في غرف الحكومة من أحاديث وأحداث ، بشرط عدم الانحياز لهذا او ذاك ، ومنهم من ينقل ما دار من أحداث في الشوارع وبين الشعب ومعاناته وحياته اليومية ، وهذا الطرف أقرب ما يكون لنقل الحقيقة ! لأن المواطن دائما يبحث عن ترافته وحياته الشخصية ، ويتكلم فيما بعد عن سلبيات حياته وايجابياتها دون الميول للأشخاص على أقل تقدير .

فنقلَ البعض من الشخصيات المثقفة في بغداد قبل أيام 14 تموز ، يقولون أن بغداد كانت مدينة جميلة ، يستقطبها المثقفين تتميز في حياتها الهادئة ، يمتازون أهل بغداد بالحياة الآمنة والمستقرة ، وقام جلالة الملك عبر رئيس وزرائه نوري السعيد بوضع خطط إستراتيجية لبناء العراق ، ليكون دولة من الدول المتحضرة والمتطورة ، وبدأوا بإنشاء بعض المشاريع العملاقة ، ولولا ثورة 14 تموز لكان العراق كدول الخليج حالياً ، هذا من جانب ومن جانب آخر ينقل الناس الذين عاشوا تلك المرحلة خصوصاً في الأرياف ومن عملوا بالزراعة ، ينقلون أن تلك المرحلة كانت صعبة جداَ وهم يرددون عبارة ( الله لايردها ) اي إختصار شديد لما كانوا يعانونه أيام الإقطاع الزراعي والاستبداد والعبودية ، وكيف كانوا جياعاً حفاةً لايمتلكون أبسط مقومات حياتهم ، ورووا الكثير من الأحداث التي جابهتهم في تلك الأيام ، ووصفوا فرحتهم الكبيرة بثورة 14 تموز وانتهاء حكم الإقطاع وتوزيع الأراضي بين عامة الشعب ، وتوفير فرص العمل بشكل واسع خصوصاً في بغداد ، ويكملوا أن هناك من عكر فرحة الشعب بتلك الثورة ، واستغلوها لمصالحهم الشخصية ، أو في طلب الثأر أو الاستبداد على الناس الفقراء مما أدى ذلك إلى نفور عدد كبير خصوصاً من الأرياف ليهاجروا إلى بغداد ويعملوا في الأعمال المدنية ، ويختفوا وسط ازدحام العاصمة ، وطامعين في مكرمة الزعيم بمنحهم السكن الصغير المجاني في العاصمة ، ليرموا معاناة بؤسهم وفقرهم في الريف خلف ظهورهم ، ويبدؤا بحياة جديدة وسط صخب العاصمة ، وإدخال أبنائهم المدارس وزجهم في مناصب الدولة فيما بعد ، بعد أن كانت حكراً للطبقة المترفة في بغداد .

تتصارع الأفكار دائماً عند الانتقال من مرحلة إلى أخرى ، فبين مهاجم ومدافع يبقى للمتلقي البحث عن الحقيقة ، ف 14 تموز كان يوماً تاريخياً لكثير من الناس خصوصاَ الطبقات الفقيرة ، وبفضله ارتقت تلك الطبقات وخلفت اجيالاً كان لها أثراً في حياة البلاد الثقافية والاجتماعية والسياسية وغيرها من التخصصات التي أبدعوا فيها ، لكن مفعول هذا اليوم إنتهى بعد أربع سنوات تقريبا ليتلقفها من كانوا ينتظرون الاستحواذ عليها ، وتحول النظام الجمهوري بشكل فعلي إلى نظام عسكري دموي ملئت سجونه من المظلومين والأحرار ، وصار النظام الجمهوري نقمة على كثير من الناس لأنه لم يطبق نظامه الحقيقي ، وحرقوا كل أفكار الزعيم التي كان يتمنى أن يقوم بها للعراق ، وهذا ما ذكره أحد المؤرخين الألمان خلال اللقاء به في إحدى القنوات ، وكان هذا الشخص من الذين عاصروا عبدالكريم قاسم يتحدث قائلاً،( أننا كنا نتوقع بحدوث أشياء لمستقبل الدول ، وحسب حاضرها فإن العراق لو استمر عبدالكريم قاسم بحكمه سوف يصبح العراق من الدول العظمى في العالم ) ، أن عبدالكريم قاسم جاء بأهداف تمنى ان يحققها للعراق ، وكان يتسلح بحب الشعب له ، لكن نسى هناك ذئاب تعمل معه وتتربص به ، وتنتظر الفرصة السانحة للاستحواذ على كرسي الرئاسة ، وهذا ما تحقق لهم فعلاً فحولوا العراق إلى دمار وحروب وسجون ، ثم تأتي الناس لتلعن الزعيم ولايلعنوا عارف الذي هو سبب مأساة العراق! وهذا ما ذكره التأريخ والمؤرخين ، والآن أيها العراقيون أن العراق يمر بنفس الحقب ، فهؤلاء سياسييكم وقادتكم امامكم فهل تستطيعون تمييز القاسميون منهم من العارفيين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك