المقالات

النظر الى الدين من ثقب الأبرة..!

1893 2018-07-11

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

على الرغم من أن العراق بنى دولته الحديثة، منأكثر من قرن من الزمان قبل الآن، إلا أننا لم نتوصل بعد الى مقاربة واقعية، فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة.

الدستور العراقي الذي كان نافذا، في وقت الحكم الملكي للأعوام من 1921ـ 1958، ودستور عبد الكريم قاسم للأعوام من 1958ـ 1963، ودستور فترة البعث الأولى وحكم العرافين، الذي أمتد للسنوات 1963 ـ 1968، ودستور البعث من 1968ـ 2003، وكلها دساتير مؤقتة ما عدا دستور الحكم الملكي، كانت تشير الى عبارة لا معنى لها على ارض الواقع إطلاقا، العبارة تقول؛ أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام.

فقهيا فإن الدولة ليست كائنا "مكلفا"، حتى يمكن أن تكون نات دين، فضلا عن أن الدولة مكونة من عدة عناصر، هي السلطات التنفيذية(الحكومة)، والتشريعية (البرلمان)، والقضائية (المحاكم)، وجميع هذذه السلطاتا تعمل بقوانين دنيوية، قليل منها مستمد من الشريعة الأسلامية.

اذا ذهب الفكر نحو مفهوم آخر للدولة، وهو البلاد بسكانها ونظامها السياسي والأداري، ومساحتها الجغرافية ايضأ، فإن إطلاق صفة "الدين" على هذه العناصر، يبدو خارج الممكن أيضا، لعدم ملائمة الوصف للموصوف.

ثمة منطلق هام يتعين الألتفات له، وهو أن الدولة ليست ناطقًا باسم الإسلام؛ ولا تلزم قراراتها بهذا الصدد حتى السكان المسلمين، لأن الدولة ليست فقيها ولا يمكن أن تكون، فضلا عن أن المواطنين المتدينيين يأخذون معارفهم الدينية عن فقهاء مذاهبهم فقط.

إذا أقررنا بهذه الحقائق، يتعين أن نكون فهما مؤداه، أن الإسلام أكبر وأعظم من أن يتمثل كلّه، في شخوص معنوية كالدولة،  وهنا نتسائل أنه إذا أخطأت الدولة؛ فهل يخطئ الإسلام؟!.

في هذا الأطار أيضا ثمة حقيقة مهمة؛ وهي أنه ليس من مهمّة الدولة؛ فرض نمط حياة معيّن، والتدخل فيما يأكل الناس وما يشربون وما يعتقدون، إنما وظيفة الدولة؛ توفير إطارعام للمجتمع، يتعايشون ويبدعون فيه.

وعندنا مثال الدولة السعودية الوهابية، التي حاولت فرض إسلامها؛ بأساليب القمع فشلت تربويًا، فترى الناس فيها يتفلتون من الدين، وإن من يتديّن خوفًا من الدولة يصبح منافقًا، ونحن لا نريد منافقين، فيجب أن يكون الإنسان متديّنًا عن قناعة وبحريّة.

لتفكيك علاقة الدولة بالإسلام، يتعين أن نفهم وبوضوح تام، أنه لا تناقض بين الإسلام والحداثة، فالإسلام دين لكل زمان ومكان، وأن الإسلام أول دين اعترف بالحرية الدينية: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (سورة الكافرون: 6)، {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} (سورة الكهف: 29)).)

كلام قبل السلام: هذا النوع من الفكر الإسلامي، يشكل سببًا في العلاقات الطيبة، بين الأطراف السياسية المختلفة، ومما لا شكّ فيه أنه يعطي تطمينات، للجهات التي تبدي مخاوف مشروعة، من الخطابات والتصريحات المنفّرة لجزء من الإسلاميين، الذين ينظرون إلى الدين من ثقب إبرة، ولا يرون منه سوى المظاهر والقشور، والذين يدسّون في الدين؛ ما لم ينزل به تعالى من سلطان، كقتل المرتدّ وعقوبات الرجم، إلخ

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك