( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
اهم مميزات التجربة العراقية الجديدة انها استحدثت مؤسسات متخصصة بادارة الممارسة الديمقراطية وضمان نزاهتها وشفافيتها والاطمئنان الى نتائجها، ولقد كانت المفوضية المستقلة للانتخابات احد اهم عناوين هذه التجربة ولعلنا نتذكر ان معظم القوى السياسية العراقية كانت تتعامل مع هذه المفوضية بحذر شديد قبيل ممارساتها الثلاث التي ادارت فيها عملية الانتخابات التشريعية الانتقالية والتصويت على الدستور ومن ثم اشرافها وادارتها للعملية الانتخابية الدستورية الاخيرة، ولقد كان مكمن الحذر هذا متأت من عدم الاحاطة الكاملة من قبل بعض احزابنا وحركاتنا بهكذا نوع من المؤسسات من جهة وباعتبار ان المفوضية تكاد تكون جهة مستقلة غير مرتبطة بالسلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية،حيث كان البعض يرى بهذه المفوضية وكأنها سلطة فوق كل السلطات الا ان المعطيات التي تمخض عنها عمل المفوضية عبر الاستحقاقات المشار اليها اعلاه جعل منها مؤسسة لابد منها لضمان سير العملية الديمقراطية باتجاهها الصحيح شرط ان تبقى المفوضية مجسدة لاسمها الذي يتصف قبل كل شيء بالاستقلالية والشفافية
نحن هنا لا ندعي ان المفوضية الجديدة فاقدة للشرعية او انها غير شفافة وغير نزيهة لسبب بسيط يتمثل بكونها لم تخض أي استحقاق تخصصي حتى الان، الا ان المؤشرات التي توافرت عند العديد من الاطراف السياسية العراقية والبرلمان العراقي وحتى من قبل المنظمة الدولية تذهب الى ان الجميع ليست لديهم اشكالية معينة على المفوضية او المفوضين انفسهم، بل على الاليات والقوانين الجديدة التي اعتمدتها المفوضية لجهة القرارات التي بموجبها تم ترشيح المفوضين والعاملين بهذه المؤسسة المناط بها مسؤولية حفظ النظام الديمقراطي في العراق. ان خطأ الآليات وكذلك خطأ التشريعات التي تم بموجبها اختيار المفوضين والتحفظات التي ابدتها الامم المتحدة المعنية بالدرجة الاساس بهذه المؤسسة كلها تؤكد بأن الشفافية المفترض تحققها في عمل انتخابي قادم سيكون مطعوناً فيه نتيجة الاليات الخاطئة التي اعتمدتها المفوضية الجديدة في الترشيح وليست ادل على ذلك من الكتاب الموجه من قبل مجلس النواب العراقي الى المفوضية نفسها والذي حمل تحفظات المجلس النيابي على مجمل الاليات والترشيحات والانظمة المعمول بها.
ان عدم التعاطي الواقعي من قبل المفوضية مع رؤى القوى السياسية صاحبة العلاقة الاولى بالعملية السياسية الديمقراطية وكذلك عدم الاكتراث بمضامين كتاب البرلمان العراقي واهمال هذه المؤسسة لتحفظات المؤسسة الدولية يجعلنا جميعا ندخل حيز الشك الذي يميل الى عدم وضوح الاتجاهات التي تسير وفقها هذه المؤسسة بالوقت الذي يفترض فيه ان تكون هي دون غيرها اكثر وضوحاً.
https://telegram.me/buratha