( بقلم : عدنان الخفاجي )
ان الاسلام ككيان متكامل يضمن السعادة والاستقرار للبشر اذا ماطبق باكمله ,ففي الدين الاسلامي الجانب الروحي والاخلاقي والاجتماعي المتمثل بالصلاة والصوم والحج وما الى ذلك , وفيه الجانب الاقتصادي المتمثل في الزكاة والخمس وغيرها , وكذا فيه الجانب السياسي اي قيادة المجتم باكمله وادارة شؤونه وهو جانب ودور مهم جدا بدونه تضطرب الجوانب الاخرى للمجتمع كسفينة جيدة الصنع ومجهزة بكل وسائل الملاحة الحديثة تبحر في بحر لجي متلاطم الامواج وبدون ربان فما هو مصيرها ؟ انها بكل تاكيد ستسير في البحر على غير هدى فاما ان تموج بها الرياح الى حيث جبل تصطدم فيه اوتحيلها الامواج الى اعماق البحر السحيق او تاخذها الريح حيث ميناء لم تقرر هي مرساها فيه وهذا ما حصل في التاريخ الذي وصلنا لمسيرة المسلمين من تخبط في سدة الحكم فتارة الخليفة يعين بما يدعوه انه الشورى واخرى يتعين بامر ممن سبقه الى ان انتهت بالوراثة كما فعل القياصرة والاكاسرة على يد معاوية والامويين وانتها الحال بتشتت الدولة الاسلامية الى دويلات وامارات متناحرة فاصبحت لقمة سائغة لقوى اخرى طامعة وخير مثال ماحصل في الغزو المغولي والحكم التركي بلبوس اسلامي ومن ثم الاستعمار الاوربي والى يومنا هذا التشتت مستمر .
قد يـَتهم البعض ان مسالة الخلافة او الحكم في نظرية اهل البيت فيها نوع من الدكتاتورية والانفراد في الحكم والاسلام يدعوا الى التحرر وفك القيود واطلاق الحريات . والرد على هذا التشكيك يتضمن مسالتين الاولى فيما يتعلق بالقران الكريم وما جاء فيه من ذكر للامم السابقة وانبيائهم فلم نجد مايشير في القران الى تحديد من يخلف النبي ومن يقوم مقامه لم نجد فيه شورى من قبل مجتمعات الانبياء آنذاك وانما الاستناد الى الاختيار والتدبير الالاهي كقوله تعالى " وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً، قالوا أتي يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه، ولم يؤت سعة من المال، قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وغير ذلك من الآيات القرآنية ..
اما الشق الثاني من الرد فان مسالة تغيير مجتمع عاش لعقود من الزمن في ظلمات الجاهلية والوثنية كمجتمع الجزيرة العربية لايمكن تغييره بفترة وجيزة وهي ثلاث وعشرون سنة من عمر البعثة النبوية الشريفة وان جذور ومخلفات الجاهلية تبقى في كثير من الافراد وحتى المؤمنين منهم , وهذا تجدوه واضح في الكثير من الروايات والقصص عن حوادث حصلت في الصدر الاول من الاسلام كقول النبي صل الله عليه وآله وسلم وهو يوزع الغنائم " اعدل يامحمد ليس المال لك ولا لابيك " فهذا الرجل لم يفهم معنى النبوة والنبي بعد !! رغم مصاحبته للنبي .ومثل اخر ادعاء بعض الشخوص النبوة بعد النبي كالاسود العنسي ومسيلمة الكذاب وسجاح وهؤلاء لم يفهموا ولم يدركوا معنى الاختيار الالاهي لشخص النبي صل الله عليه واله وسلم ويتصورون ان النبوة سلطة دنيوية ممكن يشتركوا فيها ويتقاسموها . فوجود شخص محدد من قبل السماء لخلافة النبي لضمان سير الدعوة بشكل صحيح وموفق مئة بالمئة امر ضروري جدا وهو امر مكمل للرسالة فوجود اثنا عشر خليفة لو قدرنا ان كل خليفة يعيش من 60 الى 70 سنة كمتوسط عمر للانسان تكون تعاليم الاسلام ومفاهيمه بعد اثنا عشر جيلا قد ترسخت في المجتمع واندثرت رواسب الجاهلية , ومن الممكن بعد ذلك ان يحكم المجتمع نفسه بنفسه وبامكاناته الخاصة , فمن الثابت عند علماء النفس والاجتماع اننا اذا اردنا ان نغير عادة او تصورا او خلقا في مجتمع ما ففي احسن الاحوال يكون التغيير في الجيل الاول بنسبة الثلث والجيل الثاني بنسبة الثلثين وفي الجيل الثالث يكون التغيير كليا عدى بعض الشواذ مع الاخذ بنظر الاعتبار ان من اصعب الاتجاهات تغييرا في المجتمع هي الاتجاهات العقائدية في نظر علم الاجتماع .
ان وجود الاوصياء بعد الانبياء بمثابة ضمان وحفظ لرسالة النبي وديمومتها ولانجد نبي لايخلفه وصي بعده بدءاً من آدم وانتهاءا بنبينا محمد صل الله عليه و اله اما كون مجتمع النبي يرفض الوصي او يحاربه او يقتله وما يلحق ذلك من ضرر بليغ في المجتمع فهو ذنب المجتمع ونتيجة طبيعية لعدم انصياع ذلك المجتمع لامر السماء , فالمسلمين اجتازوا امتحانانت التوحيد والتصديق بالنبوة والايمان بالمعاد وطبقوا كل مايتعلق بالفروع كالصلاة والزكاة والصيام ووووو .. ولكنهم مع الاسف فشلوا في امتحان الامامة ووصل بهم الامر الى الاقتتال فيما بينهم وهم قريبي العهد بالوحي وبالنتيجى انتهى الامر الى التشتت والتشرذم ومن الواضح في تاريخ المسلمين الى يومنا هذا ان تاريخ الامامة تلعب دورا مهما في بناء المجتمع الاسلامي بل هي المرتكز وهي الراس اذ بدونها يصبح ايمان الفرد ايمانا فرديا منطويا على نفسه ولايرقى لمستوى بناء المجتمع وهو الهدف الرئيس للددين الاسلامي الحنيف وبذا نفهم قول النبي صل الله عليه واله وسلم " من مات وهو جاهل لامام زمانه مات ميتة جاهلة " ونفهم تركيز الائمة عليهم السلام على جانب الامام كقول امامنا الباقر عليه السلام " بني الاسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادى بشئ كما نودي بالولاية " ونفهم معنى اخر اية نزلت بعد بيعة الغدير بعد بيعة الغدير المشهورة عند كل المسلمين قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " فبدون الامامة يعتبر الاسلام ناقصا لاانها القيادة والنظام لهذه الامور .
https://telegram.me/buratha