( بقلم : حسن الخفاجي )
حلاق لنكات,حكم لنكات،خياط لنكات ،خلفه لنكات ،لاعب لنكات،. كل العراقيون سمعوا بهذه المسميات المرادفه للعمل السيء، وانطبعت باذهاننا واذهان الكثيرين (اللنكات ) تعني السوء وعدم الجوده، وامتد هذا الاعتقاد من الخمسينات حتى الثمانينات، وبعدما استولت عصابات صدام والبعث على مقاليد الامور وتغيرت المفاهيم تغيرت الصوره،واصبحت(اللنكه)تعني جودة الصناعه الغربيه،كانت اللنكات او(الباله)محدودةالاستعمال وتختص بالملابس، وكان العراقي وبالرغم من وضع اقتصادي متردي يعانيه يأنف الدخول علنا الى اسواق اللنكه ويدخلها المحتاج سرا .
بعدما منع صدام عام1981دخول اللنكات ازدهر سوقها، وصارت تدخل البلد بطرق غير شرعيه، واهتم مستوردوها بجلب الاصناف الجيده التي تحتمل البيع باسعار عاليه فازدهر سوقها وتبدلت نظرة العراقيين لها، ومن ذلك الوقت بدأ التحول في تفكير وذوق العراقيين واصبحت اللنكه وما تجود به حلما ومفاخره!!بعدما كانت عيبا!!وهذه ابسط قضيه خدع بها صدام العراقيين وبدل بها قناعاتهم وغير من نظرتهم للاشياء، ولحقها الكثير فصار اغلب العراقيين يرددون ببغاويا ما تريده السلطه فصرنا نسمع مرادفات عجيبه مثلا الفرس المجوس، حزب الدعوه العميل،وصار كل معارضي النظام جواسيس وعملاء لايران وسوريا والاتحاد السوفيتي، وبعدما انهار الاتحاد السوفيتي صار الشيوعيون عملاء روسيا!!وحتى ان قسما من العراقيين حوكموا بمحكمة البندر على عمالتهم لموزنبيق!! وظهرت للشارع العراقي تسميات مغايره لقناعات الكثيرين مثل قميص (باله ايخبل ) ،وتنوره لنكه (اتجنن)، وقاط لنكه مو طبيعي (كلش حلو).
الذي اراده صدام حقق اغلبه بحقبته السوداء التي حكم بها العراق،حيث تبدل الكثير من المفاهيم وتغيرت السلوكيات، واصبحت سرقة بيوت العرب بالمحمره في الحرب على ايران مفخره عند البعض، وسرقت المدن الايرانيه المحتله و(فرهدت ) بيوت اهلها غنائم، وبعدها اصبح مال الكويت المسروق حكوميا وشعبيا غنيمه، وحتى ان بعضهم صار متدينا ودفع زكاة ماله المسروق !!
وبعد السقوط ونتيجه طبيعيه للقهر ولسياسة تغيير القناعات ظهرت ظاهرة الحوسمه !!، الحواسم الذين سرقوا ممتلكات الدوله، وبررها البعض بالانتقام من السلطه، واخرون قالوا عنها انها اموال عامه مجهولة المالك!!.وبعد التغيير حدث الخراب الكبير الذي بدأ بظاهرة ادخال السيارات المستعمله التي سميت منافيست، حيث استعملت هذه السيارات والتي ظلت فتره طويله دون لوحات تسجيل، استعملت في الجرائم وفي التفجير والتفخيخ .لقد كان دخول سيارات المنافيست كارثه على الاقتصاد العراقي المثقل اصلا، حيث اخرجت مئات الملايين من العمله الصعبه لشراء هذه السيارات المستهلكه، والتي اصبح سوق العراق بين ليله وضحاها اهم سوق بالعالم لشراء هذه النفايات، هدرت الاموال الطائله ولا زالت تهدر لشراء الادوات الاحتياطيه لهذه السيارات التي سرعان ما استهلكت محركاتها، واصبحت مصدرا اخر من مصادر تلوث البيئه العراقيه، هذا بالاضافه الى ان كثير من (الغشمه ) اشتروا سيارات لاتوجد لها ادوات احتياطيه، وظلت جاثمه على قلوبهم للان وفقدوا اغلب ما ادخروه طوال سنوات ليواجهوا هذا المصير.
لم نفق من صدمة سيارات المنافيست، حتى لحقتها تجاره واسعه وظاهره غريبه على العراقيين، حيث تحولت الاسواق العراقيه الى مصدر لاستقبال نفايات دول الجوار والعالم . حيث اصبح مصطلح (باله ) نافذا، وصار للباله اسواق عامره، فصرنا نسمع عن غرف نوم باله وقنفات باله وكراسي وطاولات، وامتدت ظاهرة الباله بتعميمها الجديد،لتشمل الشراشف والمناشف وهذه من اخطر الاشياء على الصحه العامه.
فتحت بعدها المنافذ الحدوديه على مصراعيها لتستقبل كل شيء (باله) ،فصرنا نرى درجات بخاريه (ماطورات) وبايسكلات باله وثلاجات وطباخات واركندشنات وكمبيوترات وصوبات، وكل ما يجول ببالك وتتخيله تجد له الان في العراق سوقا بديلا يسمى سوق الباله، واخطر هذه الاشياء لعب الاطفال وبالخصوص ما يسمى (السوفتات )اي لعب الدمى القطنيه، والتي كانت ولا زالت سببا من اسباب موت ومرض الكثير من الاطفال، لما يحمله بعضها من جراثيم وامراض معديه، واخيرا تفتقت قريحة تجار (الباله) من دول الخليج تحديدا ليدخلوا الهواتف المحموله (الخلوي)، .فالمتى تظل الحكومه غافله وساكته عن نهب الثروات العراقيه، وعن عدم تنظيم قوانين . للتجارهوان كانت الحكومه قد سنت ونظمت ومنعت دخول بعض مما اشرنا اليه فلا زالت وللان تدخل حتى السيارات الممنوعه منذ عام الى الاسواق، ولازالت الدرجات البخاريه سوقها رائجه وتدخل علنا من ميناء ام قصر بسبب سيطرة بعض المرتشين النافذين على شؤون الميناء. .
ان اصدار قوانين صارمه تنظم العمليه التجاريه، و تمنع بموجبها دخول المستعمل ونفايات دول العالم للعراق واجب وضروري. . لقد جاء الوقت الذي تعيد فيه الحكومه الوطنيه الاعتبار للمواطن العراقي، وتعيد اليه كرامته التي امتهنها النظام السابق، وتعيد اليه عزته بنفسه، وتجعله يشعر بغنى بلده العراق العظيم، وان تزيل وللابد ما لحق بالشخصيه العراقيه من غبن وحيف ومسكنه.
ان اعادة الاعتبار للشخصيه العراقيه يبدأبمنع دخول كل ما اصطلح عليه مؤخرا باله، حتى يشعر العراقي بالعزه التي تمنعه عن لبس المستعمل، واستعمال نفايات الاخرين، وتوفير فرص عمل، وتحسين مداخيل العراقيين، ليشعروا انهم يعيشون ببلد نفط وخيرات.الى متى تستمر عيون العراقي محملقه بالتطور الحاصل ببلدان الجوار العراقي حتى غير النفطي ؟؟الى متى نصبح سوقا مفتوحه لنفايات دول الجوار ؟؟
اعرف ان تركة النظام السابق ثقيله، لكننا لنبدأ بالممكن، ولنغير بالتدريج من حالة الذل والهوان التي ارادها النظام السابق للعراقي، ولنعيد اليه الكرامه والعزه والشمم التي طبعت وجدان العراقيين ،كل هذا يبدأ حينما يشعر العراقي بانه السيد، ولا حاجةله بالبحث في قمامةدول الجوار ليلبس منها، ولينام عليها، وليركبها، وينشف جسده بها ويلعب اطفاله بها فهل حكومتنا جاده للعمل بهذا الاتجاه؟؟ مع تقديري لثقل التركه .. لكننا بحاجه الى قرار شجاع، وعراقيين مخلصين ينفذون، لننتظر ونرى ما الذي يحدث ؟ .
https://telegram.me/buratha