المقالات

(( علاقة انسانية .... مفاهيم اجتماعية مهشمة !.)) نقد المفكر


( بقلم : حميد الشاكر )

تتعرض عادة المفاهيم والتصورات الفكرية الانسانية الى عمليات تهشيم منظم في بعض الاحيان في داخل التجمعات الانسانية من جراء عدة عوامل سياسية او فكرية او اقتصادية .... مختلفة ، ونادرا والحال هذه مايلتفت المجتمع بصورة عامة الى هذا او ذاك من الاثار المعنوية المدمرة ليقوم فيما بعد بترميم ماتبقى من هذه المفاهيم ، لتتم عملية القبول بالمسير مع الحياة !.

نعم المفكرون والكتاب والعلماء والمثقفون .... وعامة اصحاب القلم هم الاقدر على استشعار هذا الخطر الاجتماعي المتسبب من فقدان الرؤية الواضحة لاي مجتمع لمبادئ هذه او تلك من المصطلحات والمفاهيم الفكرية الانسانية ، وذالك باعتبار ان اي مفهوم اجتماعي انساني ان اصيب بحالة مرضية او عملية تخريبية من هنا او هناك فلابد ان تنعكس هذه النكسة الفكرية على سلوك اي مجتمع او فرد يتحرك داخل هذه المنظومة المسماة اجتماعا ، وعليه تكون وظيفة صاحب القلم الانساني ان يعيد طرح المفهوم المراد ترميمة او بناءه او اعادة تأهيله اجتماعيا من جديد ليتسنى للمجتمع ان يلتفت الى هذا المفهوم او ذاك والذي يبدو انه مفهوم بديهي تماما في حركة المجتمع ، ولكن وبعد طرح المثقف لثقافة المفاهيم الاجتماعية من جديد سيكتشف المجتمع حيوية الادامة لهذا المفهوم من جهة ، ونشاط اعادة قراءة المفهوم من جانب اخر .بمعنى مختلف وبصورة ربما تكون اوضح نقول : عندما نجد مجتمعا تضمر فيه حركات بعض المفاهيم الاجتماعية - كالصدق او الانفتاح او الهدوء او الحب او الثقة ....الخ - وغياب حضورها العملي لهذا السبب او ذاك من الاسباب الانسانية ، فعلى المفكر ان يعلم ان واجبه ووظيفته في الحياة هي ان يذكّر بتلك المفاهيم الانسانية التي تراجعت سلطتها على حركة المجتمع ، وذالك من خلال نافذتين للعملية الثقافية :الاولى : هو ان يعيد المفكر طرح صيغة المفهوم المراد ارجاع فعله للحياة الاجتماعية .وثانيا : حتى وان كان المفهوم الانساني حاضرا ذهنيا الا انه غائبا على انعكاس السلوك الاجتماعي فعلى المفكر او الكاتب ان يعيد صياغة و((توحيد )) رؤية المفهوم وربطه في السلوك الفردي والاجتماعي من جديد !.ومن هنا نكون أمام نكبة وكارثة حقيقية اذا ماصادفنا مجتمع يملك اقلاما ومثقفين وكتاب وعلماء وفنانين .... ولكنهم ومع الاسف لايدركون ادوات وظائفهم الاجتماعية ، ولايعون الكيفية الجيدة لادارة ادواتهم المعرفية !.اي ان المفكر والمثقف وكذا العالم ليس فقط هو لايشعر او يدرك حاجات مجتمعه الفكرية والمعنوية والاخلاقية فحسب ، بل وغارق في غيبوبة من الجهل بحيث يساهم في قتل المفاهيم الانسانية والمعنوية والاخلاقية لمجتمعه من حيث يشعر او لايشعر ، فمثلا في زمن (( أزمة الثقة )) في الاخر لاي مجتمع ما ، نجد مفكري ومثقفي وفناني هذا المجتمع - الغير كفوئين - بدلا من ان يطرحوا عملية البناء واعادة تاهيل الثقة لبعضه والبعض الاخر لهذا الاجتماع البشري ، بدلا من ذالك يطرح هذا القلم المعوّق والمحتاج الى علاج نفسي هو الاخر كل ما من شأنه ان يعمق ثقافة الازمات الاخلاقية والنفسية للاجتماع الانساني هذا ؟.

وبدلا من ان يعيد هذا القلم او ذاك المفكر مصطلحات الاجتماع الاخلاقية ويمارس اعادة صياغتها من جديد ، ليشيد عملية متحركة لفكر المجتمع والتفات روحه الاخلاقية لهذه المصطلحات ، نجد ان العكس الحركي هو الحاصل في طرح المفاهيم والمصطلحات التي تتحرك في جانب مغاير من المعرفة الاجتماعية سواء كانت سياسية او دينية او اقتصادية ....الخ !.صحيح ان شبكة الاجتماع الانساني مرتبطة بمعاقد مختلفة من النوعية الاجتماعية ، وتمام ان للحالة الاخلاقية ارتباط كبير بجميع الحالات السياسية والاقتصادية والنفسية او الامنية ....... الاخرى لاي مجتمع ، ولكن للمفكر وللكاتب وللمثقف وللفنان حرية المناورة الفكرية في تقديم الاولويات بعضها على البعض الاخر ، وبأمكان القلم ان يدير العملية بشكل حيوي اذا فهم كيفية ادارة معركة اعادة اعمار الانسان والمجتمع المراد اقامة قيامته الانسا نية من جديد !.

هكذا يساهم المفكر الواعي والمثقف المثقف فعلا في اعادة بناء منظومة مجتمعه الفكرية عندما يدرك الحاجات الحقيقية لمجتمعه ، فعندما تبرز الوعكة الصحية للاخلاق الاجتماعية ، نرى هؤلاء الاطباء الفكريين يدركون عملية العلاج الحقيقية ، كما ان لهم القدرة والكفاءة بتشخيص الحالة المرضية الفكرية للمجتمع لتنتهي العملية باعطاء وطرح الدواء الصحيح لاعادة الصحة للمجتمع ، وليس هم كالمفكرين اللامفكرين او المثقفين اللامثقفين ....الخ ، الذين لايدركون اين الخلل في جسم المجتمع ، ولاالكيفية التي تسلل منها المكروب الى داخل الجسد الاجتماعي ، ولاهم اصلا مؤهلين لمعرفة موضع الالم من الكيان المجتمعي ، فمن الطبيعي عندئذ نجد التخبط لهؤلاء الاطباء الفاشلين ، وبينما يعاني الاجتماع من ازمة اخلاقية قلبية حادة ، نجدهم يعالجون عين السياسة الاجتماعية تلك ، والعكس صحيح عندما يحتاج المجتمع جرعة روح وحب لتنفس رئة المجتمع واعادة نشاطه السلوكي ، نجد ذاك او هذا من الكتاب الفاشلين يعالجون اذني المجتمع واتهامها بالصمم الطبيعي .

اذن : هي مشكلة الطبيب عندما نجد مفاهيم اجتماعية مريضة وبحاجة الى معالجة فكرية صحيحة ، هي مشكلة تشخيص واقعية عندما يعاني الفرد أزمة روحية ، ويعطينا هذا الطبيب وصفة سياسية ، هي مشكلة زوايا عندما يدفع ذهن المجتمع في منطقة العتمة ، ونحن ننير الشمعة في الجانب الاخر من الجدار السميك !.ان طرح اي مفكر او كاتب او مثقف او فنان لأي مفهوم او مصطلح اجتماعي ما ، وكأن يكون مصطلح او مفهوم (( العلاقة الانسانية )) فأن هذا الطرح يعني فيما يعنيه ، ان الكاتب هذا او المفكر ذاك يريد ان يقول شيئا ما حول هذا المصطلح المطروح ، ولكن مع هذه اللفتة من قبلنا كقرّاء يبقى ان هناك اشياء اخرى يراها ذاك المفكر عندما طرح مفهومه اللذي يبدو للوهلة الاولى انه يطرح المطروح بديهية لجميع البشر ولكن ومع هذا ما مراد وهدف هذا الكاتب من طرح مفهوم (( العلاقة الانسانية )) هذه ؟.يبدوا ان مفكرنا يدرك انه سوف لن يضيف شيئا عبقريا عندما يفسر الماء بعد طول عناء بالماء ايضا ، فاذا ماهي الدوافع لهذا الصعلوك المفكر ؟.

من الدوافع التي تبدوا منطقية الاتي :اولا: كأنما يشعر هذا المفكر ان من ضمن الاولويات التي يحتاجها المجتمع اليوم بالتحديد هي اعادة رسم خارطة المفهوم الانساني وتقديمه على باقي المفاهيم الاجتماعية الاخرى .ثانيا : رأي هذا الكاتب والمفكر انه ليس بالضرورة ان تكون عملية اعادة طرح المفاهيم الانسانية بحاجة الى مبرر اكثر من كون عملية التذكير المستمرة لهذه المفاهيم الاجتماعية هي الغاية والهدف الاسمى لمثل هذه الطروحات الفكرية باعتبار ان التذكير المستمر يجعل من المصطلح حاملا لادامة مطلوبة لحضوره في الذهن الاجتماعي باستمرار مما يهيئ عملية حضور المصطلح وحضور سلوكه العملي ايضا لهذا المجتمع .ثالثا : كأنما يريد ان يقول هذا الكاتب الطيب ان خطر نسيان المصطلح الانساني لايقل خطورة عن المساهمة في تدميره وتهشيمه واقصاءه من الفعل الانساني ، فكما ان الطغاة السياسيين والتجار الفاسدين والمجرمين المنحرفين يحاولون بشتى الطرق التخلص من المفاهيم الاخلاقية والانسانية الراقية ليتعبد لهم الطريق للوصول الى مخططاتهم الشريرة في اضعاف روح وتوقد ويقظة المجتمع نحوهم ، فكذا عندما يتناسى الكتاب والمفكرين والفنانين ادامة واشاعة واستمرارية التذكير والكتابة حول المصطلحات والمفاهيم الاخلاقية الاجتماعية فانهم بهذا يساهمون من حيث يشعرون او لايشعرون بتهميش وتهشيم هذه المصطلحات وغيابها عن الذهن الانساني ، ومن ثم انزوائها تماما للتاثير على سلوكه ، فهم بذالك مساهمون في عملية الابادة المعنوية للمجتمع ، لاسيما ان رأينا طغيان المصطلحات السياسية على المصطلحات الاخلاقية الانسانية للقلم الثقافي فهي وان لم تكن من قريب ولكنها ايضا عملية تساهم في اختلال التوازن الذهني للمجتمع ورؤية الاولويات بشكل خاطئ !.

رابعا : نعم تناول ومناقشة (( العلاقة الانسانية )) من المواضيع المهمة جدا لمجتمع اليوم باعتبار عدم كفاية ان يدرك المجتمع وبصورة عامة مفهوم (( العلاقة الانسانية )) والتي يعتبرها حالها في ذالك حال (( العلاقة العاطفية )) او (( العلاقة الاقتصادية )) والاشكالية ليس في ادراك المجتمع للمصطلح بصورة ضبابية عائمة ، وانما الاشكالية في عدم (( توحيد )) الرؤية للمجتمع قبالة المفهوم الانساني للعلاقة هذه ، فليس صحيا ان يكون افراد المجتمع ولكل منهم رؤيته الخاصة لمفهوم (( العلاقة الانسانية )) باعتبار ان هذا الانقسام والنسبية في الرؤية هذه سبب مشكلة ودليل على ضعف تواجد هذا المصطلح وليس حضوره في الذهن والسلوك ، وعليه ياتي هنا دور المثقف والكاتب والمفكر في البحث عن (( توحيد )) مفهوم ومعنى مصطلح (( العلاقة الانسانية )) ليدعوا جميعا مجتمعهم الى مرجعية وفهم ورؤية موحدة لمفهوم ومصطلح (( العلاقة الانسانية )) وعندئذ نجد ان هناك انسجام لرؤية هذا المجتمع لهذا المصطلح مما يساهم في توحيد سلوكه الاجتماعي العام ، وامكانية فهم هذا المجتمع وبصورة واضحة لعملية (( العلاقة الانسانية )) ليمارسها فعلا كقانون وليس ليفكر او يتأمل حولها كرؤية نسبية لهذا الفرد او ذاك ، وهنا يكون الكاتب والمفكر والمثقف في اوج تألقه في القيام بوظيفته الفكرية لتنظيم فكر المجتمع وهكذا باقي العناوين من العلاقات الانسانية !.

تمام : نحن بحاجة حقيقية اليوم الى كتاب انسانيين واجتماعيين بامتياز يلتفتون بوعي وذكاء الى الجوانب الحيوية للمجتمع بقدر مايبتعدون عن الجوانب السلبية ، ليثيروا دوما المصطلحات والمفاهيم التي تثير جدلا روحيا واخلاقيا ونفسيا ...، وبصورة نقدية علمية لتعيد طرح المفاهيم التي هشمت تماما لمجتمعنا الطيب ، ومن ثم لتعيد الصياغة والبناء من جديد ، ولسنا بحاجة حقيقة الى كتاب لايفقهون من الكتابة الا انها كتابة فحسب فلابعدها ولاقبلها شيئ يذكر وكثير ماهم ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم .

نحن بحاجة الى كلمة تعيد لنا التفكير في الحب والاخر والعلاقة والانسان والله والارض ......الخ ، ولايهم ان كانت مذكورة من قبل ولكن المهم ان تطرح بشكل مختلف عن الاخر وان اتحدت الفكرة والمضمون تماما.نحن بحاجة الى فكرة الهدوء والسكينة والطمأنينة ، كحاجتنا الى الانسان والسياسي والتاجر والمرأة والشجرة تماما .نحن بحاجة الى المثقف بقدر حاجتنا الى القلم !.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك