المقالات

طائفية الوهابية سلاح ذو حدين يستخدمه آل سعود في العراق


بقلم: حسن الهاشمي

هل أن الصراع الحاصل في العراق بعيد سقوط الصنم هو صراع سياسي أم طائفي؟ وهل له امتدادات خارجية أم أنها صراع تكتلات الأحزاب السياسية العراقية للحصول على مكاسب ولو خارج نطاق العملية السياسية؟ وما هي أجندة الدول الأقليمية من تحريك بعض الخيوط العراقية؟ وكيف ارتضت بعض القوى العراقية بالرغم من ادعائها الوطنية أن تكون ذيلا للأجنبي على حساب خراب العراق وأهله؟! وإلى متى يبقى العراق منطقة خصبة لتصفية الصراعات الإقليمية متوغلا في أنفاق الفقر والجهل والتخلف بالرغم مما يحمل من معطيات الإنبعاث الحضاري؟ هذه الأسئلة وغيرها هي غصة في حلق كل عراقي شريف يرنو نحو البناء والتقدم والعيش الكريم؟! يبدو أن بعض الدول الإقليمية تسير بالتضاد مع مصلحة العراقيين الذين ما كادوا أن يتنفسوا الصعداء بعد خلاصهم من عهد الصنم حتى وجدوا أنفسهم في مكائد ومؤامرات هم في غنى عنها لكثرة ما توالت عليهم من محن وبلاءات طوال العهود البائدة.

ويبدو أن السياسة قد ذابت في بوتقة التطرف والإرهاب لتأخذ منحى طائفيا مقيتا يكتوي العراقيون بناره ولظاه من دون ذنب ارتكبوه سوى الرغبة الملحة في العيش الكريم كما تعيش بقية الشعوب المتحضرة في بلدانهم، وهذا المنحى هو الذي لجأ إليه حكام السعودية التي ما فتأت إلا وتحيك المؤامرات تلو المؤامرات لوضع العصي في عجلة التقدم الديمقراطي الذي تشهده الساحة العراقية لأول مرة في التاريخ العربي والاسلامي القديم والمعاصر.حفاظا على مصالحهم الشخصية غلّبت العائلة المالكة السعودية نزعتهم الطائفية، فانخرطوا في سياسة إبعاد (المجاهدين الوهابيين المنبوذين داخل المملكة والمحبوبين خارجها ) إبعادهم من ديارهم ليمارسوا الجهاد في العراق! وأصدر مشايخ السعودية وجوب الجهاد في العراق، وأعدوا له العدة والعتاد والرجال. أي أنهم اعتبروا العراق ساحة جهاد (ضد حكم الأكثرية الشيعي) خاصة وأن الجميع يعلم بأن من يخرج الى العراق لا ينضوي إلا في تنظيم القاعدة. لقد مول السعوديون المقاتلين بالمال، وزودوا الساحة العراقية بالفكر التكفيري إضافة الى القنابل البشرية (حسب الإحصاءات فإن 70% من التفجيرات الإنتحارية قام بها سعوديون).. بل أن معظم ما زرعته الوهابية من نفوذ في العالم تجمّع في العراق بشراً وفكراً ومالاً ليخدم غاية واحدة: لا لحكم الأكثرية، سواء كان عبر الديمقراطية والإنتخاب، أو عبر التوافق، أو حتى عبر الغلبة العسكرية على الأرض.

إن القطيعة السياسية بين الحكومة السعودية وبين ممثلي الأغلبية (الشيعية) عزّز مشاعر الإنقسام السياسي والمجتمعي العراقي، ولم يكن المسؤولون السعوديون في أعلى المستويات يخفون غايتهم، الى حدّ أن الملك عبد الله الذي اجتمع بوفد عراقي قبل بضعة أشهر يضم في أكثره شيعة وأكراداً، قال لهم بأن المملكة قد صرفت على حرب ايران والعراق 35 مليار دولاراً، وصرفت نحو 45 مليار دولاراً على حرب صدام وإخراجه من الكويت، وهي مستعدة لأن تصرف مائة مليار دولاراً أخرى لإسقاط الحكم الشيعي الحالي. وقد اعتبر الوفد العراقي قول الملك صلافة غير معهودة في العلاقات بين الدول.

السعودية ضد فيدرالية الوسط والجنوب ولا تعارض فيدرالية الأكراد، ضد قانون النفط والغاز من أن يمرر في مجلس النواب العراقي وتغض الطرف عنه عند إقراره في مجلس نواب إقليم كردستان، ضد الإستثمار والإنتعاش الإقتصادي في المناطق الشيعية ومعه في المناطق السنية ومن ضمنها كردستان العراق، ضد الأسواق ومساطر العمال والعتبات والجوامع والحسينيات الشيعية ومعها في المناطق الغربية والشمالية، وهذا الموقف الغريب من هذه الدولة الطائفية حدى بالنائب وائل عبد اللطيف عضو مجلس النواب عن الكتلة العراقية الوطنية، إلى اتهام المملكة العربية السعودية بالضغط على بعض الكتل النيابية لتعطيل إصدار قانون النفط والغاز. وقال عبد اللطيف: إن المملكة العربية السعودية وضعت خطا أحمرا على قانون النفط والغاز كي يبقى العراق في حالة فقر وتبقى السعودية هي الرقم واحد في الشرق الأوسط، ويبقى العراق رقما متدنيا، حتى أنه عندما يحضر إلى الأوبك، لا يوقع على محضر الدول المصدرة للنفط، وذلك لتدني صادراته النفطية. وأضاف عبد اللطيف أن كثيرا من القوانين في مجلس النواب تم تعطيلها بإرادة أجنبية ولكن بذهنية وأيادي عراقية مشاركة في العملية السياسية، وعلى الإرادة الصلبة التي تريد إعادة بناء العراق من جديد أن تمرر هذه القوانين لأن فيها خيرا كثيرا للعراق.

لكن السعودية المهووسة بخوفها من رياح التغيير العاتية في العراق، تغلّب عليها هوسٌ (طائفي) أكبر، الأمر الذي شجّعها على اتخاذ مواقف ساهمت بشكل أساسي في كبح جماح الإعمار والنهوض الإقتصادي الذي يطمح إليه العراق الجديد، والهدف من ذلك كله أن السعودية لا تريد للشيعة العرب أن يحكموا العراق أو أن تنجح تجربتهم الرائدة، هذا ليس موقف السعوديين وحدهم، بل هو موقف مصر والأردن، بل هو موقف الأنظمة العربية عامة. لهذا السبب لقد تدفقت الأموال السعودية والإماراتية والقطرية سخية لرفد المليشيات السنية في العراق بما تحتاجه من كافة أنواع الأسلحة والإمكانات والأموال بمباركة مخابرات دول الجوار العربي ومن بينها الأردن وسوريا اللتين أصبحتا مرتعا لإيواء المجرمين والبعثيين والطائفيين لصب جام حقدهم الطائفي على الأكثرية الشيعية التي طالما انفتحت على الآخرين وأعطتهم مكاسب تفوق بكثير حجمهم الواقعي، ولم تستأثر بالحكم طيلة الفترة الماضية وإنما تطالب دائما وأبدا الشراكة في الحكم والعدالة في توزيع الثروة والمناصب، ويبدو أن الأقلية السنية لا تفقه سوى لغة العنف والإبتزاز لإرجاع مجدهم الغابر في التسلط على الحكم بأجمعه وارجاع عقارب الساعة إلى الوراء، وهذا ما تنفخ في صوره معظم الدول العربية المجاورة للعراق. وما تسلم نائبهم في العراق طارق الهاشمي الحوالة المصرفية السعودية مؤخرا والتي مقدارها (200) مليون دولاراً إلا غيظ من فيض، تلك الحوالة التي قدمت إليه كهدية من البلاط الملكي السعودي، وفاء لما قام به وجبهته وما زالوا من عرقلة مسيرة الديمقراطية الناشئة التي تشهدها الساحة العراقية.

ونرجو إن ما طرحه وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية نايف بن عبد العزيز في الاجتماع الرابع لدول جوار العراق الذي عقد في الكويت في الثالث والعشرين من تشرين الأول 2007م في كلمته إمام مؤتمر جوار العراق في دولة الكويت، على أهمية تغيير واقع ما يعيشه العراق وشعبه من أعمال قتل وتشريد وتهجير، وان على العرب ان لا يكتفوا بالتألم والشعور بالمرارة وإنما ينبغي بذل الجهود بكل صدق من اجل وقف هذه المعاناة. يكون نابعا من المنظار الإنساني وليس من البعد الطائفي المقيت التي ظلت السعودية وبقية دول الطوق تغذيه بكل ما أوتيت به من قوة منذ سقوط الصنم حتى هذه اللحظة، وعلمتنا السعودية وغيرها من دول الجوار أنهم ينظرون إلى العراقيين بعين واحدة في الإعلام والمؤتمرات فقط وبعيون متفرقة من وراء الكواليس.

ومن خلال ما تقدم تبين أن النزاع الإقليمي في العراق طائفي بامتياز لأجندات واضحة والنزاع الداخلي سياسي بامتياز لأهداف طولية لا تتقاطع بالضرورة مع ما ينتاب الدول المجاورة من مخاوف إزاء الوضع الذي افرزه الواقع بعد السقوط، وها هو الشعب يدفع الضريبة غاليا ليتنفس الصعداء بعد حالة الإختناق التي عاشها عشرات السنين ويحاول الأشقاء العرب أن يطول أمدها حيث أن بقاءها مرهون ببقاءهم، وزوالها إيذان بزوالهم، ويبقى الصراع على أشده بين الفكر المفخخ والفكر الخلاق ولننظر لمن الفتح والغلبة في عاقبة الأيام والأحوال.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حيدر التميمي
2007-10-26
ان الصراع الحاصل في العراق بعد سقوط الصنم هو صراع سياسي ذات اجندة خارجية متورطة فيه معظم دول الجوار والدول الاقليمية التي لا يروق لها ان ترى حكومة ديمقراطية في المنطقة. والحل الوحيد للخلاص من هذه الصراعات هو وحدة كلمة الشعب من جميع اطيافه والتغاضي عن الخلافات الموجودة والقضاء على الفساد الاداري المستشري في الدولة والالتفاف الى خدمة المواطن هو السلاح الذي نسكت فيه الاصوات التي تنبح.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك