بقلم سامي جواد كاظم
بعيدا عن ضرورات البحث العلمي وتعريف كلمة الدين لغويا واصطلاحيا ولإكتب بالمستوى العقلي العام لدى الانسان المتوسط المدارك فالدين كلمة يفهم معناها من خلال الاعمال العبادية من صلاة وصوم وحج وزكاة وكل من يقول هذا حلال وهذا حرام فيكنى انه متدين وهذا المعنى سطحي لكلمة الدين الا انه كثير من الافكار والمباديء الهدامة ظهرت تنادي بعزل الدين عن بقية مسالك الحياة خصوصا السياسية او الصاق كل ما هو سلبي بالدين بسبب الفهم السطحي للدين مع الاخذ بنظر الاعتبار ممن اساء للدين الاسلامي من المسلمين واساءتهم اما بجهل او بدوافع تخريبية والمجال الذي اكتب عنه يحتاج الى موسوعة ولكن ساخذ عينة من الوقائع التي وقعت وترتبت عليها نتائج سلبية سواء كانت على مستوى فرد او مجتمع وبضمنها الحكومات والاحزاب .
فالدين هو كل شريعة سماوية منزلة من الله عز وجل بواسطة رسله فالمسيحي هو من اعتنق الدين المسيحي واليهودي هو من اعتنق الدين اليهودي والمسلم هو من اعتنق الدين الاسلامي ، ولان الاسلام هو خاتم الاديان لهذا نجد ان كلمة الدين والمتدين الصقت بالاسلام اكثر من غيره وحتى ان كثير من المصطلحات المستحدثة نسبت الى المسلمين دون غيرهم منها ( المتشدد والمتطرف والاصلاحي والمحافظ ) والملاحظ ان هذه المصطلحات استخدامها في الاوساط الغير اسلامية اكثر من الاوساط الاسلامية بل حتى ان الاوساط الاسلامية لا تكاد تذكر هذه المصطلحات ،المهم هنا هو التداعيات والاسباب التي ادت الى ظهور مثل هكذا مصطلحات يتحمل الاسلاميون الوزر الاكبر من غيرهم بسبب التصرفات والتصريحات البعيدة عن الاسلام التي تصدر منهم سواء كانت بقصد او غير قصد فالنتيجة واحدة .
ولكي ابسط مفهوم الدين للعقول البسيطة والمتعلمة استطيع ان اوجزها بالعبارة التالية والتي تمخضت في فكري من خلال ما قرات من كتب دينية وغير دينية فالدين هو ( المنظم لعلاقات الانسان الاربعة ) وهنا يظهر سؤال وما هي العلاقات الاربعة اجيب هي علاقة الانسان مع الله عز وجل ونفسه والمجتمع والمخلوقات الاخرى مثل الحيوانات ، فما من تصرف يقدم عليه الانسان الا وله مردود ايجابي او سلبي على احد او بعض الاطراف ذات العلاقات الاربعة فالدين الاسلامي هو الدين الذي اشتمل على تنظيم هذه العلاقات والتي لم ولن تترك لاصغيرة ولا كبيرة الا وذكرت في القران الكريم والسنة النبوية والكل يعلم عن الجامعة التي كتبها الامام علي (ع) بخط يده وانها تحوي حتى ارش الخدش وهذا يعني ضمن قانون الحقوق المتمثلة بالعقوبات لابسط الانتهاكات .والان كيف نفهم الدين طبقا للعصر الحديث وننجو بنفسنا من المهالك بدلا من الصاق السلبية والمحدودية به وجعل كلمة الدين لرجال الدين والسياسة لرجال السياسة هي السلعة الاكثر رواجا في الرواق الاعلامي والاجتماعي والسلطوي ، هنا سؤال مهم ودقيق وتتوقف على اجابته كثير من البحوث المتعلقة بهذا الشان الا وهو ما هي الامور او المشاكل المستعصية والتي لا وجود لها ولا لحلولها في القران والسنة ؟، كثيرا ما تخلط الاوراق في موضوع معين او عدة مواضيع وتكون النتيجة اتهام الاسلام بالمحدودية والتخلف ويقود المجتمع الى الوراء وما الى ذلك .
ليكن بحثنا مسند بحوادث وادلة من واقعنا المعاصر حتى يكون الفهم اقرب الى الذهن ، المعروف لدى الفقهاء ان الحكم الشرعي ينقسم الى تكليفي و وضعي والتكليفي ينشطر بدوره الى خمسة اقسام الا وهو الواجب والحلال والحرام والمستحب والمكروه اما الوضعي هو الذي يشمل العقود على سبيل المثال منها عقد الزواج والعقود التجارية والتي ان تمت تترتب عليها احكام تكليفية ، ولكن النقطة الجوهرية التي يجب الوقوف عندها والتي تكون نقطة الفصل لمداركنا الا وهي من يحق له الزام الفرد بالواجب او معاقبة من يقوم بالحرام وما هي نسبة الاختلاط بين هذا وبين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
الواجب تكون وجوبيته لله عز و جل قبل المجتمع او الوسط الذي يعيشه المكلف وبالنتيجة كل واجب خاضع لله عز و جل يكون الله هو الاولى في العقوبة والعفو عن هذا المكلف اذا ما اخل في الواجب ، اما الحرام فتكون مسؤولية تعزير او معاقبة من بقدم عليه موزعة بين الله عز و جل والسلطة الحاكمة في ذلك المجتمع ، ولناخذ مثلا مسالة الصلاة او الصوم فإنها من الواجبات التي يجب أن يأتي بها الإنسان المسلم الراشد العاقل السوي ولا عذر لمن يتركها وفي نفس الوقت لا يوجد تعزير أو عقوبة من قبل السلطة الحاكمة لمن يخل بهذه الواجبات ، نعم قد تستخدم إجراءات تنهي عن ترك الصلاة وتشجع على الالتزام بها وعلى شرط ان لا تتجاوز الحدود الإسلامية ، ومسالة الحجاب كذلك فأنها مسالة تخص المرأة والله عز و جل وقد يكون هنالك طرف ثالث هو المتولي على المرأة من ذويها وهو أبيها وجدها لأبيها وزوجها وبالرغم من ذلك فان لا وجود لعقوبة للمرأة أن خالفت هذا الأمر ، هذا الكلام لا يعني تشكيك في مسالة الحجاب لا بل قيمة المرأة بحجابها ، ولكن الانتقاد لشكل الحجاب أولا وللمتزمتين في تطبيقه على من لا سلطة لهم عليهن ثانيا.اما مسالة الحرام فمثلا السرقة والغش والقتل والربا وما الى ذلك من اعمال هي محرمة قطعا وتكون العقوبة عليها دنيويا واخرويا .
هنا اصبح الخلط في اعتبار ان الاسلام لا يمكن له ان يقود مجتمع بسبب سلبية من يتبنى الخطاب الاسلامي وله سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية وبالتالي تكون هذه السلبية صورة مشوهة للدين الاسلامي ، واحد الاشكالات على ذلك نشاة الرؤية المختلفة لمبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي لم يحسن استخدامها في المجتمعات الاسلامية ، ةاتعس ظاهرة للتطبيق هذا المبدأ هو ما موجود في الدولة الوهابية حيث ان هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي لها اليد الطولى في تحجيم ما هو منكر وباساليب ما انزل الله بها من سلطان والتي غالبا ما تكون نتيجة استخدام هذه الاساليب هو قتل المتهم بالمنكر من وجه نظرهم اثناء العذيب الذي لا يقره الاسلام جملة وتفصيلا .
التفسير الصحيح للامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ان ما انزل الله عز و جل من ايات بخصوص الامر بالمعروف هي ثمانية ايات في مواضع مختلفة كلها تبدأ بالامر بالمعروف ومن ثم النهي عن المنكر ، وعليه ان النهي عن المنكر يتم من خلال الامر بالمعروف والامر بالمعروف هو تهيئة الاجواء الاسلامية الصحيحة في مختلف مجالات الحياة من اجتماعية وثقافية واقتصادية وبالتالي تهيء نفوس خيرة تبتعد عن كل ما هو منكر او رذيلة وليس النهي عن المنكر هو التربص الى كل من يقدم على المنكر ومن ثم معاقبته ، النهي هو عملية تجنب المسلم من الوقوع في براثن المنكر اصلا ولا يتم النهي عنه الا من خلال تهيئة مجتمع مفعم بالتعاليم الاسلامية الصحيحة وعليه يكون المنكر قد انهي عنه بهذه الطريقة.
هنالك اية مقلوبة في القران تقول الامر بالمنكر والنهي عن المعروف وهي الاية (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة : 67]، هنا لننظر الى عملية الامر بالمنكر والنهي عن المعروف هل يقوم الشيطان باستخدام جنود لتمنع المسلم من الاقدام على المعروف والزامه بعمل المنكر لا ابدا ولكن يدخل الشيطان من خلال تهيئة الاجواء السلبية والمفعمة بالمنكر مع تسول النفس الى ما هو سيء عندها ينهي الانسان نفسه عن المعروف بارتكابه المنكر ، اذن وسيلة الشيطان في النهي عن المعروف تتم من خلال خلق اجواء كلها منكر ، انظر الشيطان يامر بالفحشاء والمنكر فالامر هنا هو تهيئة جو سلبي لهذا الامر فيتحقق ، والعكس بالعكس صحيح فتهيئة جو مفعم بالايمان هو الذي ينهي عن المنكر .
من هذا يتضح بسبب سوء استخدام مفردات الاسلام يجلب بالنتيجة مساوئ للاسلام والمسلمين وعليه لا بد من التدقيق في مفردات الخطاب الاسلامي لا الدين الاسلامي حتى نستطيع من تحقيق النتيجة المرجوة والتي تصب في خلق مجتمع سليم مسلم يرضى الله عز وجل عنه وعنا .
بقلم سامي جواد كاظم
https://telegram.me/buratha