في تجاوز سافر للدستور العراقي، وخرق صارخ للسيادة الوطنية، تواصل حكومة إقليم كردستان ممارساتها الفردية بعقد اتفاقات نفطية مع شركات أجنبية، غير مكترثة بالإطار القانوني والدستوري الذي ينظم إدارة الثروات الوطنية في العراق. هذه الخطوة لا يمكن النظر إليها إلا بوصفها استفزازاً مقصوداً للحكومة الاتحادية، وتحدياً فجاً لسلطة الدولة المركزية، ومساساً مباشراً بسيادة البلاد وحقوق شعبها. إبرام مثل هذه العقود بمعزل عن مؤسسات الدولة الاتحادية، وعلى وجه الخصوص وزارة النفط، يعد خروجاً عن النصوص الدستورية التي تؤكد بوضوح أن النفط والغاز ملكٌ للشعب العراقي بأسره، لا لحكومة إقليمية تتصرف خارج صلاحياتها وبتجاهل متعمد لأحكام القضاء العراقي والدولي.
الأخطر من ذلك أن هذه الممارسات لا تعبّر فقط عن انحراف قانوني، بل تفتح الباب أمام مزيد من التفكك السياسي والانقسام الوطني، وتعرض الاقتصاد العراقي لمخاطر استراتيجية طويلة الأمد، في ظل سعي البعض إلى فرض الإرادات الحزبية والفئوية على القرار السيادي للدولة العراقية. فبدلاً من أن يكون النفط أداة توحيد وتنمية، يتحول بفعل هذه السياسات الأحادية إلى أداة صراع وتعميق للخلافات بين المركز والإقليم.
* عقود مشبوهة
في هذا الصدد، قدم النائبان رائد المالكي وباسم الغريباوي، طعناً نيابيا بالعقود والاتفاقات المبرمة بين حكومة إقليم كردستان وعدد من الشركات النفطية الأمريكية، معتبرين هذه العقود تُعد مخالفة صريحة للدستور العراقي.
وأكد النائبان أن هذه الاتفاقات "تمس سيادة العراق بشكل مباشر، كما تؤثر على اقتصاد الشعب العراقي، باعتبار أن النفط والغاز ثروة وطنية وملك للشعب بموجب الدستور".
وشددا على أن "مجلس النواب سيُتابع هذا الملف عن كثب، لضمان احترام المبادئ الدستورية والحفاظ على الثروات الوطنية من أي تجاوزات".
وأشارا إلى أن "العقود المبرمة لا يمكن القبول بها"، مؤكدين أن "الإجراءات القانونية والدستورية سيتم اتخاذها وفقاً للأطر المتاحة".
*تجاوز دستوري
في غضون ذلك، أوضح عضو حركة التغيير غالب محمد، أن القوانين في إقليم كردستان لا تسمح لحكومة تصريف الأعمال في الإقليم بالتعاقد مع شركات أمريكية بمعزل عن المركز، مؤكداً أن وزارة النفط العراقية هي الجهة الوحيدة المخولة بإبرام هذه العقود.
وأوضح محمد لـ/المعلومة/، أن "هذا الموقف مدعوم بأحكام المحكمة الاتحادية العراقية ومحكمة باريس الدولية، التي تؤكد على اختصاص وزارة النفط الاتحادية في هذا الجانب"، مستنكراً "محاولات رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني فرض إرادته على الحكومة المركزية".
وأضاف أن "هذه المحاولات تشكل انتهاكاً صريحاً للدستور وتدفع بالبلاد نحو مزيد من الانقسامات"، محذراً من "تبعات فرض الإقليم لقرارات منفردة قد تؤثر على وحدة واستقرار العراق".
وما يجري اليوم لا يمكن السكوت عنه، ولا يمكن تمريره تحت غطاء الأمر الواقع أو الذرائع السياسية، فالتهاون مع هذه الخروقات يكرس نهج التمرد على الدستور ويشرعن الفوضى الإدارية والاقتصادية في بلد يعاني أصلاً من أزمات معقدة.
https://telegram.me/buratha
