التقارير

رغم تكدّس المليارات في أمريكا.. لماذا لا يوظف العراق أمواله لإنقاذ اقتصاده؟


رغم امتلاك العراق لاحتياطيات مالية ضخمة تُقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات، يظل السؤال مطروحًا: لماذا لا تنعكس هذه الأموال على الداخل العراقي بشكل فعّال؟ في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية متراكمة، وبنية تحتية هشة، وتراجع في القطاعات الإنتاجية، تستمر الحكومة في ضخ نسبة كبيرة من هذه الاحتياطيات في سندات الخزانة الأمريكية، وهي أدوات مالية معروفة بانخفاض عوائدها وطول أمد استردادها.

وبينما تُصنّف هذه السندات دوليًا كأدوات آمنة لحفظ القيمة، يرى خبراء أن النهج العراقي في استثمار أمواله الخارجية بات تقليديًا جامدًا، لا يواكب متطلبات التنمية ولا يعكس أولويات اقتصاد بحاجة إلى إنعاش داخلي عاجل. وما يزيد من حساسية هذا الملف أن جزءًا كبيرًا من أموال العراق مودعة فعلًا في البنوك الأمريكية، ما يضعف من هامش القرار الوطني الحر في إدارة هذه الموارد الحيوية.

في هذا السياق، يقدّم الخبير المالي عباس الشطري رؤية نقدية شاملة، يدعو فيها إلى إعادة التفكير كليًا بالسياسة الاستثمارية للاحتياطيات العراقية، والتحوّل من منطق "التجميد الآمن" إلى منطق "الاستثمار المنتج"، لضمان الأمن الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.

وقال الشطري في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "استمرار العراق في ضخ جزء كبير من احتياطاته المالية في سندات الخزانة الأمريكية يُعد قرارًا غير مجدٍ اقتصاديًا، في ظل العوائد المنخفضة التي تحققها تلك السندات مقارنة بفرص استثمارية أخرى يمكن أن ترفد الاقتصاد الوطني بشكل مباشر".

وأشار إلى أن "رغم تصنيف سندات الخزانة الأمريكية كأدوات مالية آمنة ومعتمدة دوليًا، إلا أن العراق، بوضعه الاقتصادي الراهن، بحاجة ماسة إلى توجيه أمواله نحو استثمارات أكثر ديناميكية، سواء من خلال مشاريع إنتاجية داخلية أو أدوات استثمار إقليمية تدرّ عوائد أكبر، وتسهم في خلق فرص عمل حقيقية، وتعزيز البنية التحتية".

وأوضح الشطري أن "الاعتماد المفرط على هذه السندات لا يلبّي حاجات العراق التنموية، بل يحرم الاقتصاد من فرص تنويع مصادر الدخل وتنشيط قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والطاقة المتجددة، وهي قطاعات تُعدّ أساسًا لأي بناء اقتصادي مستقر ومستدام".

وفيما أشار إلى أن "السياسة المالية المتبعة تميل إلى التجميد الآمن بدلاً من التحفيز الإنتاجي"، دعا الشطري إلى "إعادة النظر بشكل جذري في السياسة الاستثمارية للاحتياطيات المالية العراقية، بعيدًا عن النهج التقليدي القائم على التجميد في أدوات منخفضة العائد، والتوجه نحو رؤية اقتصادية أكثر طموحًا ترتكز على تعظيم العوائد وتحقيق الأمن الاقتصادي".

ومن المعروف، أن جزءًا كبيرًا من الاحتياطيات العراقية موجود فعلًا في البنوك الأمريكية أو تحت إشراف النظام المالي الدولي المرتبط بها، إلا أن الخبراء يرون أن العراق لا يستفيد فعليًا من تلك الأموال في سياق يخدم احتياجاته الاقتصادية الداخلية، بل يُقيّد أحيانًا بقيود سياسية ومالية تجعل استثمار تلك الأموال محكومًا باعتبارات خارجية أكثر من كونه قرارًا سياديًا مستقلًا.

ويُثير هذا الواقع تساؤلات جادة حول مدى استقلال القرار الاستثماري العراقي، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى سياسات مالية أكثر مرونة، تُسهم في حماية الاقتصاد من التقلبات العالمية، وتُوظّف الموارد المالية الضخمة في مسارات تنموية مستدامة داخل البلاد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك