في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوترات بين طهران وواشنطن، تبرز معطيات جديدة تفتح الباب واسعًا أمام سيناريوهات أمنية وسياسية غير مسبوقة، حيث يؤكد خبراء أمنيون عراقيون وجود رابطٍ وثيق بين التطورات الأخيرة المتعلقة بحزب العمال الكردستاني (PKK)، والمفاوضات النووية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران.
حل الحزب الكردي.. "عملية جراحية" للمنطقة
اللواء المتقاعد والخبير في الشأن الأمني، جواد الدهلكي، وفي تصريح خاص لـ"بغداد اليوم"، اليوم الاثنين (12 أيار 2025)، اعتبر أن إعلان تفكيك حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، وانخراطه في العملية السياسية، يمثل مقدمةً لإعادة ترسيم حدود نفوذ جديدة في الشرق الأوسط، واصفًا هذا التحول بأنه "عملية جراحية لإعادة ترتيب أطراف الجسد الإقليمي على حساب تعزيز الجسد العثماني في المنطقة من جديد".
وقال الدهلكي: إن "هذه الخطوة من شأنها إعادة هيكلة الخارطة السياسية والأمنية في المنطقة بما يتماشى مع المصالح التركية، وهو ما يرتبط بشكل وثيق بالمفاوضات الأمريكية-الإيرانية"، موضحًا أن هذه التطورات ليست معزولة عن مشهد المفاوضات، بل "جزءٌ من تفاهمات إقليمية ودولية أكبر، ستؤثر على ميزان القوى في المنطقة".
التداعيات الأمنية في سوريا وإعادة رسم الأولويات
وأضاف الدهلكي في تحليله، أن "تفكيك الحزب وانخراطه سياسيًا، يخدم بشكل مباشر التغيرات الأمنية الأخيرة في سوريا، ويمهد الطريق أمام تفاهمات أمنية جديدة قد تُغير الواقع على الأرض بشكل جذري"، موضحًا أن هذه التحولات تُشير بوضوح إلى "توافقات إقليمية غير معلنة تتعلق بترتيبات ما بعد حقبة الصراع السوري، وتحديد مناطق نفوذ الأطراف الفاعلة فيها".
منيو تفاوضي جديد بين طهران وواشنطن
وبيّن الدهلكي أن "هذا التحوّل المتعلق بحزب العمال، سيُطرح كملف إضافي في قائمة المفاوضات بين طهران وواشنطن، خصوصًا وأنه يشكل عنصرًا غير متوقع، سيعيد خلط الأوراق في الحوار الجاري بين الجانبين"، مشيرًا إلى أن إدخال هذا العنصر الجديد "سيؤدي إلى تعقيد مسار التفاوض، ويجعله أكثر تعقيدًا بما لا يخدم بالضرورة مصالح الجمهورية الإسلامية، ولا يتوافق مع رغباتها".
وأكد الدهلكي في ذات السياق أن "تقديم هذا الملف ضمن الأجندات الأمريكية في المفاوضات المقبلة، يمثل تحديًا حقيقيًا لإيران التي تحاول إبعاد قضايا المنطقة عن المفاوضات النووية، لكن دخول حزب العمال كطرف تفاوضي ضمنيًا، يُجبر الإيرانيين على مراجعة مواقفهم".
المنطقة في انتظار التداعيات
وحذّر اللواء الدهلكي من أن خطوة تفكيك حزب العمال الكردستاني، بالرغم من ظاهرها الذي يوحي بتهدئة إقليمية، "ستترك آثارًا عميقة على جميع دول المنطقة"، متوقعًا أن تؤدي هذه التطورات إلى إعادة تشكيل معادلات النفوذ، والتأثير بشكلٍ مباشر على الاستقرار الأمني، خاصة في العراق وسوريا وتركيا وإيران.
واختتم الدهلكي حديثه لـ"بغداد اليوم"، قائلًا: "نحن أمام مرحلة جديدة، ستُغير شكل المنطقة كما نعرفه اليوم، وستكشف الأيام المقبلة عن المدى الحقيقي لهذا التغير، وعن طبيعة التفاهمات التي تُدار في غرف التفاوض المغلقة بين إيران والولايات المتحدة، بمشاركة تركية غير مباشرة، حول هذا الملف الحساس".
https://telegram.me/buratha
