التقارير

الصراع بين المواطن والسلطة على الأرض في العراق أنموذجا


 

أسعد تركي سواري ||

 

·        إشكالية العلاقة بين أركان الدولة الثلاثة الأساس : الأرض والشعب والسلطة ، الصراع بين المواطن والسلطة على الأرض في العراق أنموذجا

 

تثير الرأي العام بعض الأحداث التي قد تبدو لوهلة بأنها حوادث فردية ، إلا إنها تعبر عن معاناة وإشكاليات عامة ، لذا ينبغي رصدها وتحليلها والسعي الجاد لمعالجة جذورها ، ومنها الجريمة التي حدثت في كربلاء وأثارت الرأي العام العراقي ،

ومع إدانتي الكاملة للجريمة التي قام بها مواطن عراقي بقتله لموظف عام في كربلاء ، وبقطع النظر عن تفاصيلها وخلفياتها ، إلا إنني أجد بأن الحكومة شاركت في دمه أيضا حينما زجته للصدام مع المواطن ، وتجنبا لتكرار ماحصل على الحكومة :

١ - رفع تجاوزات المسؤولين أولا ليقتدي بهم المواطن .

٢ - تقديم بدائل منصفة للمتجاوز .

٣ محاسبة المسؤول الفاسد الذي سمح للمواطن بالتجاوز على أراضي الدولة لقاء رشوة .

إذ توجد ست صور  لمعالجة الإشكالية بصورة حكيمة تهدف إقناع المواطنين بالتخلي عن الأرض التي يشغلونها بشكل دائم أو مؤقت ، وبشكل قانوني أو بشكل مخالف ،

وهي :

١ - إن العتبات المقدسة حين تروم توسعة مراقد الأئمة (ع) تبدأ بشراء المساكن والأراضي المجاورة على مدى زمني طويل وبأسعار عالية نسبيا ، بهدف إرضاء المواطن وعدم إرغامه ، مع أن المصلحة العامة تقتضي التوسعة لخدمة الزائرين على المستوى الديني ، وبهدف إجتذاب السائحين على المستوى الوطني .

٢ - إنطلاقا من مسؤوليته الشرعية والوطنية والأخلاقية ، ولتعويض المواطنين اللبنانيين الذين تكبدوا خسائر فادحة في حرب الكيان الصهيوني على لبنان الحبيب سنة ٢٠٠٦ ، قام حزب الله بإستئجار مساكن مؤقتة للمواطنين المتضررين ، ثم أعاد إعمار المساكن المهدمة بأفضل مما كانت عليه ، ثم أعادهم إلى مساكنهم ، حفاظا على كرامة المواطنين سيما بيئة المقاومة .

٣ - حينما إرتأت الدوائر البلدية في زمن الطاغية المقبور ضرورة هدم سوق شعبي في مدينة شعلة الصدرين كان يسمى (سوق المنكوبين) ، وهي محلات تجاوز ، بمعنى أن أصحابها متجاوزون على أرض الدولة  ، بنى لهم سوقا حديثا في منطقة مقابلة وأجرها لهم ، وهو السوق الذي يسمى الآن (سوق النصر) ، فعل ذلك وهو حاكم دكتاتور وطاغية متجبر ، وكان يمكن أن يقمعهم ويزيل تجاوزاتهم ، ولكنه لم يفعل ، وكان الأولى بمؤسسات النظام السياسي (الديمقراطي) أن تعتمد هذا الأسلوب في التعامل مع المتجاوزين على الأملاك العامة ، سيما ما يتعلق بالسكن ومصدر الرزق البسيط .

٤ - توجد بعض الأراضي الزراعية التي ورثتها الأحفاد عن الأجداد ، على وفق القاعدة الإسلامية ( الأرض لمن أحياها ) ولم يجد الأحفاد ضرورة لإجراءات تسجيل الملكية ، تحت العنوان الفقهي ملكية ( أمارة وضع اليد) ، ولا يستطيع أي مستثمر أن يدخلها على الرغم من حصوله على الموافقات القانونية الأصولية للإستثمار ، إلا أن يمنح نسبة من الأرباح لواضعي اليد على الأرض وبشرط تشغيل أبنائهم ، وهذا ما عطل الكثير من المشاريع القومية في الجنوب ، سيما في القطاع السياحي والصناعي ، وهذه الإشكالية تستلزم من الدولة إما أن تقمع ساكني الأرض وطردهم ، وهذا خلاف الحكمة ، سيما في الأنظمة الديمقراطية ، وإما أن تتفاوض معهم وتمنحهم التعويض المناسب ، ولو لقاء المشيدات المقامة على الأرض ، بهدف إقامة مشاريع قومية في بيئة آمنة تجذب رؤوس الأموال والمستثمرين .

٥ - توجد بعض القرى ذات الكثافة السكانية العالية ، مثل قرية الشموس في قضاء الفجر التابع إلى محافظة ذي قار ، حتى الآن لا يمتلكون سندات ملكية ، وبذلك يطلق عليهم نعت التجاوز ، من الناحية القانونية ، فهل من الحكمة إشعال حرب بين الدولة وهذه العشائر العراقية ، أم إنه ينبغي تلافي الإشكالية وتقصير مؤسسات الدولة ، عبر تصحيح الوضع القانوني لهذه الإشكالية وتكييف أوضاعهم ، إما بتعويضهم إذا كانت الدولة بحاجة ماسة لهذه الأرض لإقامة مشاريع قومية إستراتيجية ، أو بتمليكهم الأرض لقاء رسوم تقدرها الدولة .

٦ - توجد أراضي بنيت عليها مشيدات تجارية كبيرة ، بمعنى إنها ليست مساكن لعوائل متعففة ، ولا محلات بسيطة يقتات عليها الفقراء ،

 وهذه الحالة فيها صورتان ، وهي أن المتجاوز قد دفع الرشاوى لبعض المسؤولين لغض الطرف عنه أو لمنحها إياه خلافا للقانون والتخطيط العمراني المركزي ، وهنا ينبغي محاسبة ذالك المسؤول الفاسد ، وتعويض المتجاوز بقيمة المشيدات واسترجاع الأرض ، في حالة إحتاج الدولة للأرض لإقامة مشاريع قومية أو حيوية ،

والصورة الثانية أن الدولة لا تحتاج للأرض في الوقت الراهن ، وأن المتجاوز قد سيطر على الأرض بالقوة وفرض أمرا واقعا من دون تخويل أي جهة رسمية ، وهنا ينبغي التعاقد مع المتجاوز لإستثمار الأرض التي سيطر عليها لقاء أجور مناسبة تقدرها الدولة وتحسب مدة الإستثمار من تاريخ إقامة المتجاوز مشيداته على الأرض ، وليس من تاريخ التعاقد .

حفظ الله تعالى عراقنا العظيم وشعبنا الكريم .

 

أسعد تركي سواري

مفكر إستراتيجي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رسول حسن نجم
2021-08-12
احسنت واجدت ونطقت بالصواب شرعا وقانونا ياليت لرئيس الوزراء مستشار واحد بمستواك لتغيرت كثير من الهموم الى افراح لكنهم ابوا ان يستشيروا من هو ذو مهنيه عاليه وليس لديهم فكر استراتيجي (اللهم الا في مصالحهم الشخصيه فتفكيرهم ابعد من فكر الصهاينه) ومستوى فكرهم لايتعدى اقدامهم..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك