التقارير

نقاط على الحروف/صنّاع الكراهية والنصر الموهوم

1680 2016-04-20

محمد محمود مرتضى 

«الحوثي على خطى الخميني» هذا هو عنوان مقالة كتبها  «هاني سالم مسهور» في صحيفة الجزيرة السعودية، سعى من خلالها إلى إجراء نوع من المقارنة بين السيد عبد الملك الحوثي والامام الخميني (قدس سره). ان النقطة التي تمحورت حولها المقالة في اجراء المقارنة هي وقف اطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر الحالي. معتبرا ان وقف اطلاق النار هذا هو بمثابة السم الذي سيتجرعه السيد الحوثي مقارنا ذلك بما قاله الامام الخميني قدس سره عام 1988 عندما اعلن موافقته على وقف اطلاق النار في الحرب التي فرضت على الجمهورية الاسلامية من قبل نظام صدام حسين العراقي حيث اعتبر الامام وقتها ان وقف اطلاق النار بمثابة تجرع السم.

ما يستوقفنا في مقالة الكاتب اعتباره ان هذا السم هو سم الهزيمة متناسيا ان الحرب قد بدأها صدام حسين بهدف اسقاط الثورة والجمهورية الاسلامية التي انبثقت عنها، تلك الحرب التي دعمتها اميركا وانظمة الخليج البائسة على رأسهم نظام آل سعود الذي انفق مليارات الدولارات في دعمه لصدام حسين، لكنها مليارات ما لبثت ان ارتدت على دافعيها عندما قام صدام حسين بغزواته اللاحقة ضد داعميه، فهل كان وقف اطلاق النار هزيمة لايران بالفعل او هو هزيمة لمشروع اسقاط الثورة الاسلامية الايرانية؟. وها نحن اليوم نشهد بزوغ ايران النووية والعلمية والعالمية، مقابل انظمة خليجية سعودية داعشية.

لعل اكثر ما اصاب به الكاتب في مقارنته هذه هو ان ما يحصل في اليمن يشابه الى حد كبير ما حصل في العدوان الصدامي على ايران. فالشعار الابرز لايران الثورة كان وما يزال هو محاربة الكيان الصهيوني الغاصب ودعم القضية الفلسطينية، وهو شعار حركة انصار الله بشكل خاص وعموم اهالي اليمن بشكل عام.

كما ان الحرب على اليمن وقبلها ايران كان الداعم والممول والعقل الشيطاني واحدًا، وأعني مملكة الظلام والفتن مملكة آل سعود. فلا غرابة ان تكون هذه المملكة التي تدمر اليمن وسوريا والعراق هي ذاتها التي شنت حربها بواسطة صدام حسين على ايران الثورة. ولا غرابة ان تقيم هذه المملكة مجالس النواح والعزاء وتتحسر على ايام صدام حسين، فغالبا ما يتحسر المجرمون على بعضهم البعض.

لكن الغريب ان يقول الكاتب ان السيد عبد الملك الحوثي يحمل كأساً "مملوءا بالسُم بل ويكاد يقترب أكثر من أي وقت مضى من شرب الرشفات الأولى ليعلن هزيمته ليس أمام «عاصفة الحزم»، وليس فقط أمام القرار السعودي الحاسم، بل أمام إرادة الشعب اليمني التي ترفض أن يكون اليمن محسوباً لتيارات ما يسمى المقاومة وأن يتم تصنيفه وفق التجاذبات الإقليمية، فالشعب اليمني يبقى عربياً منحازاً لعروبته متشبثاً بتلابيب الجزيرة العربية فهو جزء لا يتجزأ منها". نعم غريب هذا الكلام من كاتب ينتمي لمملكة يقوم ولي ولي عهدها محمد بن سلمان بمساع حثيثة لمنهزم يسعى لوقف اطلاق نار يظهره بمظهر المنتصر.

هذا دون ان ننسى وجه الاشتراك ايضا بين الحرب على اليمن والحرب على ايران لجهة استهداف المدنيين، هذا الاستهداف الذي كان قد طغى على حرب صدام والسعودية على ايران لا سيما في الاشهر الاخيرة من الحرب، دون ان يخرج عن هذا النطاق اسقاط الولايات المتحدة الاميركية للطائرة المدنية الايرانية. وفي المشهد اليمني نجد كيف ان المملكة لم تبق مدرسة او جامعة او مؤسسة تعليمية وتربوية واقتصادية، ولم تبق جسرا ولا مشفى ولا مصنعا الا ودمرته. هي نجحت في حربها بارجاع اليمن عشرات السنين الى الوراء، فلطالما برعت المملكة في ارجاع الناس الى عصور الجاهلية الاولى، الى حيث تعيش هي بملوكها وامرائها ودعاتها ووهابيتها البغيضة.

ربما افلحت المملكة في ارجاع اليمن الى تلك الحقبات، لكنه ارجاع من ناحية عمرانية فقط، لان الشعب اليمني شعب مثقف ومتعلم ومتمسك بحضارة العقل والعلم، ولا يمكن لعقول ظلامية وهابية ان ترجعه الى عصور خلت، ولا يمكن لعائلة بائدة مصيرها البوار ومزابل التاريخ ان تغيّر من طبيعة الشعب اليمني المتحفز للاستنارة دائما.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك