ترجمة: شيماء محمد
بعد غزو الولايات المتحدة للعراق وما حدث بعده من نهب مأساوي للمتاحف العراقية وغيرها من ثروات العراق عموما، بدأ متحف السليمانية – بتوجيه من مجلس وزراء كردستان العراق – بعمل مبادرة مختلفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، المبادرة هي التعامل مع المهربين والدفع لهم من أجل “استرداد” القطع الأثرية المهربة إلى البلدان الأخرى. ومع التعهد بعدم طلب أي معلومات حول من الذي يبيع القطعة أو من أين جاءت ودون أي تبعات قانونية مما حث المهربين على عدم بيع بضاعتهم لمشترين آخرين.
وبالفعل، في أواخر عام 2011، حصل متحف السليمانية على مجموعة من الألواح الطينية من مختلف الأشكال والأحجام. كل هذه الألواح كانت إلى حد ما لا تزال مغطاة بالطين. بعضها كان سليما، في حين أن البعض الآخر كان مجزأ. الموقع الدقيق لأماكن الحفر غير معروف، ولكن من المرجح أنها استخرجت بطريقة غير قانونية.
وخلال عملية التفاوض على أسعار تلك المجموعة مع البائع، لفت انتباه البروفيسور فاروق الراوي – من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن – أحد الألواح الطينية عندما فحص الكتابات المسمارية المنقوشة عليه.
طلب الراوي من السيد هاشم عبدالله، مدير متحف السليمانية، شراءه فورا، قائلا له “أعطه ما يريد، وأنا سأخبرك في وقت لاحق”. كان السعر النهائي 800 دولار .
بالملليمتر قام البروفيسير الراوي بتنظيف اللوح المكتشف حديثا، الذي كان يتألف من 3 أجزاء مضمومة معا. وتبين بعد ذلك أن هذا اللوح واحد من ألواح ملحمة جلجامش ، الملحمة السومرية المكتوبة بخط مسماري على 12 لوحا طينيا واكتشفت لأول مرة عام 1853 ويعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان.
في نوفمبر 2012، بدأ العمل على قراءة وترجمة النصوص المسمارية على اللوح. كما رسم الراوي اسكتشات لكلا من جانبي اللوح.
وفقا للراوي و زميله البروفيسور أندرو جورج ، تم نقش اللوح الجديد باللغة المسمارية النيو-البابلية ويمثل النصف الأيسر من العمود الشعري للوح السادس.
يقول وصف المتحف بجانب اللوح أن تاريخه يعود إلى الفترة البابلية القديمة (2003-1595 قبل الميلاد) . على الرغم من أن تلميحات الراوي وجورج تشير إلى أنه مكتوب من قبل كاتب نيو بابلي في الفترة 626-539 قبل الميلاد.
ومن المعلومات المثيرة للاهتمام التي يقدمها هذا المصدر الجديد:
– استمرار وصف غابة الأرز التي شهدت الصراع بين جلجامش (ملك أوراك الظالم) وأنكيدو (الرجل الذي يعيش في البرية حياة البساطة والزراعة) ضد حارس الغابة خومبابا.
– رؤية جلجامش وأنكيدو “للقرود” كجزء من الحيوانات البرية الغريبة في غابة الأرز. وهذا لم يتم ذكره في إصدارات أخرى من الملحمة.
– يظهر خومبابا، حارس غابة الأرز، ليس كغول وحشي، ولكن كحاكم للغابة يتسلى بالأصوات الغريبة. وثرثرة القرود وصراخ أنواع كثيرة من الطيور شكلوا سيمفونية من الأصوات النشاز التي تسلي يوميا حارس الغابة.
– ما حدث في أعقاب قتل جلجامش وأنكيدو لخومبابا أصبح الآن محفوظا بشكل أفضل.
– المقاطع المذكورة في هذا اللوح المكتشف حديثا تتوافق مع الإصدارات الأخرى وتؤكد ما كان معروفا. على سبيل المثال، أمضى أنكيدو بعض الوقت مع خومبابا في شبابه.
ومن جانبها، تتحدث السيدة هاذها جلال، مديرة قسم بمتحف السليمانية بكردستان العراق، حول هذا اللوح قائلة:
“يعود تاريخ اللوح إلى الفترة النيو بابلية. انه جزء من الملحمة. تم الحصول عليه بواسطة المتحف عام 2011 والدكتور فاروق الراوي قام بترجمته. انه مكتوب كقصيدة شعرية وهذه النسخة أضافت الكثير من الأشياء الجديدة. نحن فخورون بالحصول على هذا اللوح ويمكن لأي شخص زيارة المتحف أثناء ساعات العمل من الثامنة والنصف صباحا حتى الثانية ظهرا”.