يُفكر عدد من مربي الجاموس في أهوار الناصرية النزوح إلى أماكن اخرى، بعد انخفاض نسب المياه التي تتدفق الى الاهوار، حفاظاً على حياة الجواميس التي يربونها، وإيجاد مكان آخر تتوفر فيه المياه بشكل كبير.
منذ تسعينيات القرن الماضي تجدد الجارة الشمالية للعراق، تُركيا، تهديداتها بقطع المياه عنه، وتتكرر هذه التهديدات بين فترة واخرى، لكن الايام الاخيرة شهدت انخفاض كبير في المياه العراقية بنهري دجلة والفرات، وهو ما قد يتسبب بكارثة انسانية، في ظل عدم تحرك حكومي عراقي واضح.
حاجة العراق السنوية من المياه تبلغ نحو 50 مليار متر مكعب، في حين يتوقع مختصون أن تبلغ الاحتياجات المائية له حتى العام 2015 ما يقرب من 77 مليار متر مكعب مقابل انخفاض الواردات الى أقل من 43 مليار.
الأهوار العراقية التي تمتد في ثلاث محافظات، هي ميسان وذي قار والبصرة، تعد ثروة طبيعية وتاريخاً انسانياً يمتد لخمسة الاف عام، لكنها في منتصف ثمانينات القرن الماضي بدأت تتعرض الى عملية تجفيف من قبل نظام صدام حسين، حتى ان عدد من المختصين الدوليين وصفوها بالـ "حرب ضد الثروة الطبيعية”.
النائب عن محافظة ذي قار، محمد اللكاش، يحذر في تصريح تابعته وكالة انباء براثا اليوم ، من "حدوث كارثة إنسانية وبيئية كبيرة، ما لم تتم معالجة الجفاف الذي تتعرض له الاهوار العراقية، محملاً الحكومة مسؤولية اي خطر قد يحدث بهذه الأهوار”.
ويطالب، بضرورة "تشكيل لجنة حكومية لمتابعة الجفاف الذي تتعرض له الاهوار العراقية، والاسراع بفتح المياه عليها، للحد من الهجرة التي يقوم بها سكان الاهوار”.
ويضيف اللكاش، أن "التقارير تشير الى نزوح 83% من مربي الجاموس من اهوار الناصرية الى أماكن اخرى، وهذا تهاون وعدم اهتمام بهذه الثروة الطبيعية”.
ورغم أن مسؤول في وزارة الموارد المائية، أعلن عن زيادة حجم الاطلاقات المائية في محافظة ذي قار، الا ان محافظها، أكد "حاجة المحافظة الى دفع اكبر من المياه، للحفاظ على الاهوار، ومنع اي كارثة بيئية قد تحصل بتجفيفها”.
ويضيف أن "أكثر من ثلاثين قرية تضررت بسبب الجفاف الذي تتعرض له الاهوار الانط، معرباً عن أمله بأن "تعمل وزارة الموارد المائية على تلافي الامر والاسراع بمعالجته منعاً لأية نتائج سلبية”.
وحذرت عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية، شروق العبايجي، مؤخراً، من نفوق جماعي لاكثر من 20 الف حيوان من الجاموس في الاهوار، اضافة الى نزوح وموت اهالي القرى القريبة منها بسبب شح المياه.
وتقول العبايجي إن "تعرض الاهوار للجفاف يُهدد سكانها بالنزوح والامراض وفقدان ثرواتهم الحيوانية، كل هذا بسبب انخفاض منسوب المياه المتدفق للاهوار، وهذا امر قد يتسبب بكارثة كبيرة، مشابهة لكارثة تجفيف الاهوار في القرن الماضي”.
وتضيف أن "مناسيب نهر الفرات انخفضت بنسبة 28 سم، وربما تنخفض أكثر ما لم تعمل وزارة الموارد المائية بالتعاون مع الوزارات الاخرى المعنية الى معالجة هذه القضية، قبل أن نندم على اي خطوة لم نتخذها لانقاذ الاهوار”.
وتشير الى ان "المياه المتدفقة الان من نهر الفرات الى الاهوار، لا تعادل نسبة 10% مما تحتاجه الاهوار، وهذا امر يشكل خطورة على الاهوار التي تعد جزء من تاريخ وارث العراق”.
الخبير المائي، عامر محسن، يقول إن "تعرض الاهوار الى الجفاف يعد امراً خطيراً، وتهديداً كبيرة للثروة الطبيعية، ولنظام بيئي يمكن الاستفادة منه والاهتمام به أكثر، لكننا نجد اليوم اهمالا حكوميا كبيرا لهذه الاماكن التي تشكل ارثاً انسانيا وطبيعياً للبلاد”.
ويضيف أن "هناك الاف العوائل التي تسكن الاهوار وتعتمد عليها في تربية الجاموس، وكذلك الاستفادة من الثروة السمكية فيها، بالاضافة الى اعتمادها المباشر في معيشتها على الاهوار، وهذا يعني ان تلك العوائل ستتعرض الى وضع اقتصادي وانساني صعب في حال استمرت بالنزوح وعدم معالجة الجفاف الذي يتعرض له موطنهم الصغير لكارثة بيئية.
ووفقاً لتقارير بيئية مختصة، فإن مساحة الأهوار في الناصرية تُشكل خمس مساحة المحافظة، حيث تقدر مساحة الأهوار قبل تجفيفها ابان فترة حكم صدام حسين، بمليون و48 ألف دونم، في حين تبلغ المساحة التي أعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50 بالمئة من مجمل المساحة الكلية للاهوار، لكنها بدأت تنحسر خلال الفترة الاخيرة بسبب قلة الاطلاقات المائية التي تغذيها.
https://telegram.me/buratha
