نضال حماده
في تطبيق لنظرية تيودور هرتزل ـ مؤسس الحركة الصهيونية ، الذي دعا في العام 1902 إلى حفر قناة تصل البحر المتوسط بالبحر الميت – تستعد الأردن و”إسرائيل” والسلطة الفلسطينية لحفر قناة تصل البحر الميت بالبحر الأحمر خلال العام المقبل. وقد وقع الاتفاق كل من الأردن والسلطة الفلسطينية و”إسرائيل” وبموجبه سيدخل الى البحر الميت كمية من المياه تساوي 8 مليارات متر مكعب ما يغير معالم وطبيعة البحر الميت الذي يحتوي طبقة من الملح بسماكة 40 متراً .
وقد استغرقت المفاوضات حول هذا المشروع ثمانية أعوام، ووصل الى خواتيمه بعد وعود من البنك الدولي بتمويل هذا المشروع الذي سينفذ خلال العام 2014 على ثلاث مراحل هي:
1ـ إنشاء معمل لتحلية المياه المالحة
2ـ حفر قناة بطول مائة كلم لوصل البحر الميت بالبحر الأحمر
3ـ إعادة توزيع للمياه بين الأطراف الثلاثة
ووقع البند الاخير ببرتوكول منفرد يعترف بالأمر الواقع المائي الذي فرضته “إسرائيل” على الفلسطينيين والأردن منذ حرب العام 1967 حيث تستغل “إسرائيل” حوالي 90 بالمائة من مصادر المياه السطحية والجوفية لحوض نهر الاردن وضفتيه الشرقية والغربية.
وأشارت دراسة البنك الدولي التي اعتمد عليها في تسويق هذا الاتفاق الى أن الينابيع القليلة الموجودة في المنطقة في طريقها الى النضوب. كما يشير تقرير البنك الدولي الى دراسة قامت بها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، قالت فيها إن كمية المياه المفقودة خلال العام 2007 في حوضي نهري دجلة والفرات بلغت 144 كلم مكعب، أي ما يساوي حجم المياه في البحر الميت الذي يجف بشكل سريع حيث فقد خلال الخمسين عاماً الماضية ثلث حجمه ومساحته.
ويعتبر البحر الأحمر النقطة الأكثر انخفاضا على كوكب الأرض وهو يتزود بالمياه من نهر واحد هو نهر الأردن المستخدم في ري المناطق الزراعية وتزويد الصناعة ما يمنع نهر الأردن من تزويد البحر الميت بكمية مياه إضافية تمنع جفافه المتواصل.
وفي سعي لإقناع الرأي العام الفلسطيني والأردني والعربي بهذا المشروع، وُضع تحت عنوان حماية البحر الميت الذي يعتبر منطقة سياحية عالمية مهمة. وتقوم “اسرائيل” منذ بداية العام 2013 ببناء معمل لتحلية المياه قرب ميناء العقبة، وحسب الاتفاقية سوف توزع المياه المحلاة من البحر الأحمر على كل من الاردن و”إسرائيل” حيث ستقوم “اسرائيل” ببيع الاردن 20 مليون متر مكعب في العام ، وسوف يتصل هذا المعمل الاسرائيلي بالبحر الميت عبر قناة ما يسمح بتحلية 2 مليار متر مكعب من المياه في العام، ما يعني ان القناة الواصلة بين البحرين سوف تمر على معمل التحلية الإسرائيلي حصرا.
وهذا المشروع الكبير الذي سوف يُتبع بمشاريع اخرى سياحية ومائية سوف تكون “إسرائي” القائد الفعلي له والمستفيد الأكبر منه، كونه يحتاج الى التقنيات العالية والأموال اللازمة لتنفيذه، وهذان الامران تفتقدهما الاردن والسلطة الفلسطينية، على عكس “اسرائيل” التي تمتلك المال والتقنية اللازمة، وبذلك سوف تكون المحدد لمسار المشروع والمقرر لتنفيذه وصاحبة المصلحة الاولى في إنهائه بالطريقة والشروط التي تضمنتها الاتفاقية، التي وقعها الأطراف الثلاثة منذ أسبوعين تقريبا.
وكان تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية قد كشف العام 1902 عن اطماع صهيونية بحفر قناة بين البحر الميت والبحر المتوسط كونه الأقرب الى بحر الميت جغرافيا ما يؤمن لـ”إسرائيل” اتصالا بحريا مهما بالعالم ويفتح الباب على قناة رديفة بين الميت والأحمر تجعل قناة السويس تفقد الكثير من قيمتها الاستراتيجية وتضع “اسرائيل” التي كان يدعو هرتزل لقيامها في موقع استراتيجي أهم، ويبدو ان العمل بدأ بالقناة الرديفة ومن ثم سوف يتم العمل على القناة الأصلية بين المتوسط والميت، لكن هذا له حسابات مغايرة تتعلق بالموقف المصري أولا وأخيراً من حالة الحصار المائي الذي تمارسه “اسرائيل” على مصر تارة عبر أثيوبيا في مياه النيل وطوراً عبر الاردن والسلطة الفلسطينية عبر قناة البحر الميت.
14/5/131216
https://telegram.me/buratha