نهاية حزينة صحت عليها كركوك، بعد مواجهات عنيفة استمرت ساعات طويلة في محيط مديرية استخبارات كركوك، آلت الى حرق مجمع جواهر مول، واستشهاد عشرة اشخاص وإصابة 109 آخرين. فرغم نجاح القوات الأمنية في تحرير 11 رهينة احتجزوا داخل المبنى، وقتل ثلاثة من المهاجمين واعتقال اثنين آخرين، لكنها في نهاية المطاف تكتيك جديد وعملية ارهابية نوعية سرعان ما تبناها تنظيم ما يعرف بدولة العراق والشام الاسلامية (داعش) الارهابي ، ليثبت مجدداً أنه ند شرس ينبغي التعامل معه بحنكة أمنية أعلى. إحسان محمد، أحد الناجين من عملية اقتحام مديرية استخبارات شرطة كركوك، يروي بعض تفاصيل العملية في حديث لـ" السومرية نيوز"، قائلاً، إنه "كان واقفاً مع مجموعة مدنيين داخل المول، وما هاي إلا لحظات حتى هاجمهم ثلاث مسلحين واحتجزوهم في سرداب الاسواق"، موضحاً أن "المسلحين انتشروا بعدها في أعلى البناية وكانوا يطلقون النار على كل من يقترب من موقع دائرة الاستخبارات". ويبين أن "الهجوم بدأ بعد الساعة الواحدة ظهراً من يوم الاربعاء (4 كانون الاول 2013)، بعد أن فجر انتحاري نفسه عنده بوابة دائرة استخبارات كركوك، اعقبه هجوم مسلح على مقر المديرية"، لافتاً الى أن "قوة أمنية دخلت المول بعد ساعات وساعدتهم على الهروب عبر باب خلفي خارج المبنى". ويوضح أن "الهجوم يشبه هجمات أخرى نفذها مسلحون متطرفون في محافظات أخرى قبل أيام، وخاصة في الانبار وصلاح الدين"، محذراً من أن "هجمات مماثلة قد تحصل مجدداً في أماكن أخرى، لذلك يجب اتخاذ أقصى درجات الحطية والحذر من قبل الإجهزة الأمنية وابعاد الدوائر الامنية والحكومية ومقرات الاحزاب الى خارج الاحياء السكنية لضمان أمن المواطن". فيلم أمريكي هوليودي واقعيأحمد البياتي نجى من الهجوم باعجوبة، وخرج بشظية في كتفه، يشبه ما حدث بأنه "فيلم أمريكي هوليودي لكن واقعي"، موضحاً في حديثه لـ"السومرية نيوز"، أنه يمتلك "محلاً تجارياً في المول الذي تم اقتحامه، حيث بدأ الهجوم بتفجير سيارة أمام المديرية، أعقبه نزول مسلحون بدءوا بتبادل إطلاق الرصاص مع عناصر الأمن". ويشير البياتي الى أنه "سارع الى الاختباء في أحد الأفرع القريبة من مكان الهجوم، بعد أن أصيب بشظية ف كتفه كادت أن تقتله"، مبيناً أن "الهجوم كان مروعاً ولم يكن يتصوره إلا في أفلام الأكشن الامريكية". خيبة آمل من تضارب الإرادات السياسية النائب عن المكون العربي في محافظة كركوك عمر الجبوري، طالب الحكومة الاتحادية والبرلمان ووزارتي الداخلية والدفاع، بالتدخل لمنع تواجد حرس إقليم كُردستان في كركوك"، مبدياً "خيبة أمل لأن إدارة كركوك منعت دخول قوات من الفرقة 12 التي تمتلك عانصر متخصصة في معالجة الخروقات الامنية وحسم قضايا الاقتحامات التي تحتاج الى خبرة عالية وتدريب". وأضاف الجبوري أن "عدم إشراك هذه القوات المتخصصة واستمرار سيطرة المسلحين على مبنى تجاري في قلب مدينة كركوك لأكثر من عشر ساعات، دليل الضعف الأمني، وضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية التي يشكل الجيش العراقي ابرز دعائمها". ويتابع الجبوري أن "المكون العربي يرفض استغلال الخروقات الامنية لتعزيز تواجد قوات غير رسمية في مدينة كركوك، داعيا "الحكومة المركزية والبرلمان للتدخل لمنع التدهور الأمني في كركوك وضمان إدارة مشتركة للملف الأمني بين مكوناتها، وعدم تغييب دور المؤسسة العسكرية التي تمثل إحدى دعائم الوحدة الوطنية وهوية كركوك العراقية". ويؤكد أن "المكون العربي ليس أفضل حالا من باقي المكونات، فدماء أبناءه اختلطت مع دماء مكونات كركوك الأخرى، بدءا من سائق الإسعاف حتى أخر عنصر من القوات الأمنية الذي استشهد يوم أمس". تكتيك جديد يعتمد على الانتحاريين "داعش" بثت بيناً لم يتسنَ لـ"السومرية نيوز" التأكد من صحته، تبنى العملية بالكامل تحت عنوان ما يسمى بـ(حصاد الأجناد)، التي بدأت من الأنبار ومروراً بغداد وشمال بغداد وديالى وصلاح الدين ونينوى و وصولاً الى وكركوك. وفق ذلك يقول الخبير الامني عبد الرحمن العزاوي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "المجاميع المسلحة تعتمد تكتيكاً جديداً يتلخص بمهاجمة مقار أمنية والسيطرة عليها ومن ثم انتظار القوات الامنية للمواجهة، حيث ينتظر المهاجم الانتحاري ساعة دخول أي قوة لتفجير نفسه وقتل اكبر عدد ممكن من القوات الأمنية". ويرى العزاوي أن "القوات الأمنية عليها تحصين مواقعها جيداً، والتنبه لأن أساليب القاعدة باتت معروفة، حيث تفجر سيارة مفخخة عند بوابة أي مؤسسة تريد اقتحامها، ثم يتبعه هجوم منسق". انتحاريون تصعب مواجهتهم مصدر في شرطة كركوك روى جزءا من عملية مهاجمة دائرة استخبارات كركوك، موضحاً أن "مفجراً انتحارياً اقتحم بوابة المديرية واعقبة نزول خمسة مسلحين اثنان اطلقا النار على حرس المديرية وتمكنا من الدخول الى المبنى الخلفي للدائرة، وبعد محاصرتهما فجر احدهم نفسه واعقبه اطلاق نار كثيف من قبل قوة يقودها العميد سرحد قادر، واثناء الاقتحام فجر الثاني نفسه واصاب عدداً من رجال الشرطة". ويؤكد المصدر أن "الشرطة سيطرت تماماً على مقر المديرية، لكن ثلاثة من القناصة التابعين للمهاجمين اقتحمو مبنى مجمع مول جواهر المجاور للمديرية، وقتلوا ضابطاً برتبة رائد في شرطة الاقضية والنواحي وأصابوا اثنين من الشرطة، الى جانب قنص عنصر في الاسايش وأصابة آخر". ويلفت الى أن "القوات الامنية تمكنت من قنص احد المسلحين في اعلى البناية وبقي اثنان أخران في الطابق الثالث تمت محارصتها في الساعة الثانية فجر يوم الخميس، حيث فجر احدهما نفسه وقتل الاخر بنيران القوة المقتحمة للمبنى، وهكذا انتهت العملية في حدود الساعة الرابعة من فجر يوم الخميس (5 كانون الاول 2013)، ارهاب لن يفلح بضرب التعايش السلمي". محافظ كركوك نجم الدين كريم، أعلن من مكان الحدث عن نجاح القوات الامنية في تطهير المبنى التجاري الذي تحصن فيه الانتحاريين، مؤكداً قتل ثلاثة من المهاجمين، واعتقال اثنين اخرين، الى جانب تحرير 11 رهينة احتجزوا داخل المبنى الذي احترق بالكامل. ويقول كريم لـ "السومرية نيوز"، إن "الانتحاريين الذين تحصنوا داخل مجمع جواهر مول وسط المحافظة، كانوا يخططون لتنفيذ اعمال ارهابية داخل المحافظة"، مبيناً أن "القوات الامنية نجحت من تطهير المجمع بشكل كامل، بعد قتل ثلاثة انتحاريين واعتقال اثنين اخرين". ويؤكد كريم أن "مبنى المول احترق بالكامل بسبب الارهاب، وسيتم وضع حجر اساس لتأهيل المبنى او انشاء مباني جديدة في المحافظة"، مشيداً "بدور مواطني كركوك في مساندة القوات الامنية ووقوفهم بوجه الارهاب الاعمى من اجل العيش الكريم وتقوية التعايش التاريخي الذي يسعى الارهاب الى ضربه دوما دون جدوى بفضل وحدة كركوك واهلها"، لافتا الى أن "الخطط الامنية مستمرة، وادارة المحافظة لن تتراجع عن الحفاظ على أمن اهالي كركوك واعمارها". تعويض المتضررين من جهته يقول نائب محافظ كركوك راكان الجبوري في حديث لـ" السومرية نيوز"، إن "محافظ كركوك اوعز بتشكيل لجنة من أجل تقييم حجم الأضرار التي لحقت بمجمع جواهر التجاري وجرد الاضرار الاخرى، الى جانب لجنة اخرى تتولى إكمال طلبات المتضررين يرأسها مدير شرطة البلدة حيث سيطلب تخصيص مبالغ طوارئ للتعويض". ويتعهد أن "إدارة المحافظة ستفاتح لجنة التعويضات التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء لغرض تعويض المتضررين بأسرع وقت". يذكر أن محافظة كركوك شهدت، أمس الاربعاء (4 كانون الاول 2013)، انفجار سيارة مفخخة اعقبها تفجيرين انتحاريين ومن ثم هجوم مسلح استهدف دائرة استخبارات الشرطة المحافظة، ما أسفر عن مقتل عشرة اشخاص وإصابة 109 اخرين بجروح من بينهم قائد شرطة الأقضية والنواحي بالمحافظة العميد سرحد قادر، فيما تمكن انتحاريون اخرون من التحصن داخل مجمع جواهر مول الواقع مقابل مبنى دائرة الاستخبارات وسط المحافظة واحتجاز رهائن فيه، إلا أن القوات الامنية نجحت من تطهير المبنى وقتل الانتحاريين.
https://telegram.me/buratha