أنطوان الحايك
وكأنه يوم الحشر في سوريا حيث ازدحمت المواقف المتصلة بازمتها بدءا من تحميل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسؤولية العنف في سوريا للجماعات المتطرفة مرورا باعلان الامن التركي عن دخول اربع سيارات مفخخة تابعة لدولة الاسلام في العراق والشام داعش” وليس انتهاء بأسف رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان على ضحايا الازمة السورية المئة وخمسين الفا، وإشارة الاعلام البريطاني إلى دخول أكثر من أربعمئة وخمسين إسلاميا بريطانيا إلى سوريا ومصرع عشرين منهم، فضلا عن مواقف أميركية مستنكرة للارهاب المستشري هناك ودعوات للعمل على الحد من مخاطره، ناهيك عن معارك شرسة بين الجيش النظامي وجبهة النصرة على أكثر من جبهة متحركة في حمص والقلمون وحلب مع تحريك مماثل لجبهة درعا.
في ظل الحراكين السياسي والأمني، سجلت البورصة الدبلوماسية استمرار اللقاءات بين طهران ومجموعة الدول الست في جنيف وسط تسريبات إيجابية من شأنها بلورة التقارب الايراني الاميركي المرشح للاتساع ليشمل باقي المجموعة المكونة لدول “الناتو”، وما عزز هذا الاتجاه هو الخلوة الجانبية التي عقدها الوفدان الايراني والاميركي بعيدا عن اعين سائر المكونات. وتوقفت عند اللقاء بين الرئيس بوتين ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان في موسكو وما صدر عنه من مواقف معلنة وغير معلنة صبت بمجملها في خانة رجحان كفة التفاهم على نقاط عديدة متصلة بالازمة السورية بينهما، خصوصًا أنّ القيصر الروسي نجح في تطبيق سياسة العصا والجزرة مع التحالف الغربي المؤيد لضرب النظام السوري واسقاطه، فهو من جهة لوّح باستمرار الحراك الكردي وما يتبعه من محاذير على الحدود التركية السورية من جهة والتركية العراقية من جهة ثانية، فضلا عن سياسة الترغيب الاقتصادية المتمثلة بوعود لزيادة التسهيلات الاستثمارية لرجال الاعمال الاتراك اضافة الى تفعيل الاتفاقات السابقة واعادة المعلقة منها الى حيز التنفيذ، وذلك لقاء مغرياتٍ مقبولة.
ما عزز هذا الاعتقاد بحسب الاوساط المتابعة هو جملة حقائق أبرزها تعاظم دور روسيا في المنطقة لاسيما بعد ان نجحت بتنفيذ تعهداتها للدول الغربية بالضغط على النظام السوري والتأثير عليه للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 من دون شروط مسبقة ولا ممنوعات فيما فشلت واشنطن باقناع المعارضة السورية في تحقيق هذه الخطوة. بيد أنّ موسكو أثارت هذا الموضوع مع تركيا لاقتناعها بأنّ الارهاب المرابض على حدودها لن يوفرها باعتباره خرج عن السيطرة ولم يعد يقيم وزنا لاي من الدول التي دعمته في معركته على سوريا وما الحراك الكردي سوى استغلال للوضع القائم لتحقيق مكاسب طويلة الامد خصوصا ان النظام السوري لن يتخلى باي شكل من الاشكال عن الذين وقفوا الى جانبه في حربه على النصرة والقاعدة ومتفرعاتهما.
هذا لا يمنع بحسب المتابعين من ان يكون اللقاء الروسي التركي استكمالا للقاءات جنيف النووية وتسهيلا لجنيف السورية، فصحيح ان اوراق الضغط بيد تركيا تتقلص بصورة واضحة ولكنها ما زالت تملك اوراق ضغط يمكن ان تمارس من خلالها عمليات ابتزاز سياسية انطلاقا من معابر التهريب والامداد المفتوحة مع سوريا لاسيما في عصر الصفقات والتسويات حيث لكل خطوة في هذا الاتجاه او ذاك ثمنها المرتفع على ابواب استحقاقات اقليمية ودولية داهمة لا يمكن التكهن بنتائجها ولا بمضمونها، بحسب المصادر.
النشرة
14/5/131123
https://telegram.me/buratha