ذكرت مصادر دبلوماسية متابعة أن تركيا بدأت تنسحب من الأزمة السورية وتعود إلى سياستها الأولى التي جعلتها تحتل المكانة 17 كأقوى اقتصاد في العالم أي "صفر مشاكل" مع الجيران، لثلاثة أسباب رئيسية:
الأول، تصاعد قوة الجماعات الإسلامية القريبة من فكر تنظيم القاعدة أو المتبنية الأيديولوجية الجهادية المتشددة مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، والخوف من تحول سورية إلى أفغانستان أخرى الأمر الذي لا يمكن السماح به من وجهة نظر الرئيس التركي عبد الله غول مثلما قال لصحيفة "الغارديان" البريطانية قبل أيام.
الثاني: تبلور شرق أوسط جديد وبشكل متسارع حيث تنقلب التحالفات القديمة رأسا على عقب وتحل محلها أخرى جديدة، فمن كان يتصور حوارا إيرانيا أمريكيا، وحرداً سعودياً على واشنطن، وتحولاً مصرياً نحو موسكو لشراء أسلحة كبديل عن الأسلحة الأمريكية وبتمويل سعودي، وحتى إسرائيل بدأت تطرق أبواب موسكو التي سيزورها نتنياهو الشهر المقبل.
الثالث: انعكاس التدخل التركي بشكل سلبي مدمر على الوضع الداخلي التركي، ونزول الآلاف من أبناء الطائفة العلوية التركية (يقدر عددها بخمسة عشر مليونا) إلى الشوارع في تظاهرات ضد أردوغان وحكومته تطالب بالمساواة ومساجد خاصة بالطائفة.
وأضافت المصادر: إن أبرز مظاهر التوجه التركي الجديد هي: الابتعاد عن الملف السوري، ومنه مرور شحنات أسلحة عبر أراضيها إلى سورية، وإبعاد مقاتلي الدولة الإسلامية من السيطرة على المعابر الحدودية السورية التركية، وتخفيف قنوات التمويل لها عبر أراضيها.
واللافت أن تركيا بدأت ترمم علاقاتها مع كل من إيران والعراق، فقد زار أحمد داوود اوغلو وزير الخارجية بغداد والتقى السيد نوري المالكي، كما زار المالكي أنقرة قبلها ولقي استقبالا حارا من السيد أردوغان.
وقالت المصادر: التطور الأهم يتمثل في العلاقات الإيرانية التركية التي تتحسن بشكل متسارع، فبعد زيارة محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران لأنقرة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي ولقائه مع اردوغان وترحيب اوغلو بالحوار الإيراني الأمريكي، من المتوقع أن يصل الرئيس حسن روحاني إلى أنقرة الشهر المقبل، حيث سيطير اوغلو إلى طهران يومي 25- 26 من الشهر الحالي للترتيب لهذه الزيارة.
وأضافت: أردوغان الذي كان من أبرز المتحمسين للإطاحة بالنظام السوري وأنظمة أخرى في المنطقة من خلال ثورات الربيع العربي، بدأ يدرك أن الربيع العربي لم يوّلد غير الفوضى ويخلق دول فاشلة قرب حدود بلاده ولهذا قرر التراجع بسرعة عن حماسه.
دولة قطر التي وضعت كل بيضها في سلة اردوغان باتت تشعر أنها تقف وحدها في ظل التحول التركي المتسارع، بينما اتخذت منافستها السعودية احتياطاتها ونقلت كل عملياتها في سورية إلى البوابة الأردنية.
27/5/131116
https://telegram.me/buratha