داود رمال
بعد سقوط منطقة القصير السورية بيد النظام، كان لقطب لبناني تواصل مع مسؤول امني عربي رفيع، بادر الاول بالقول للثاني: «ان الميدان يتغير لمصلحة بشار»، فجاءه الجواب: «ان الحرب ليست فقط بالجيوش والعسكر والسلاح»، فسأله اللبناني «بماذا؟»، ليرد المسؤول الأمني العربي «بالاقتصاد والمال، بعد شهرين لن يكون لدى بشار المال لدفع الرواتب»، حينها، يقول القطب اللبناني: «ايقنت ان الاسد انتصر».
وتكرّ السبحة في تقدّم النظام السوري ميدانياً، إذ يروي القطب اللبناني نفسه «انه بعد سلسلة الخسائر للمحور المعادي للاسد، ابلغ عن واقعة حصلت على هامش مؤتمر اصدقاء سوريا الذي انعقد مؤخرا في لندن، حيث عقد لقاء بين وزيري خارجية كل من السعودية سعود الفيصل وتركيا احمد داود اوغلو، فكان اللقاء عاصفا جدا وتصرف الفيصل خارج اللياقات الديبلوماسية، وكان فحوى اللقاء ان الفيصل خاطب اوغلو بما مضمونه: لا يحق لكم التدخل في اي مكان في العالم العربي، لا في مصر ولا سوريا ولا العراق ولا تونس ولا ليبيا ولا لبنان ولا فلسطين.. وموقفنا منكم هو بالتصنيف عينه للاخوان المسلمين الذين نقف في مواجهتهم في موقف معاد. ورد عليه اوغلو بديبلوماسية سائلا: هل انت غاضب من الرئيس باراك اوباما لانه لم يسقط بشار الاسد؟، لكن الفيصل واصل تصعيده بقوله: حتى لو سقط الاسد ممنوع عليكم الدخول والتدخل في سوريا او في اي دولة عربية».
ويتابع القطب روايته قائلا: «خرج اوغلو من اجتماعه مع الفيصل اكثر من ممتعض، كما ان الاخير لم يتدارك الموقف بالاعتذار او ترطيب الموقف. وعلى ضوء هذا الاجتماع في لندن جاء الرد التركي القاسي جدا، فبعدما كان تبلّغ رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من مدير مخابراته العامة هاقان فيدان ان نظيره السعودي بندر بن سلطان سيزور أنقرة، سارع اردوغان الى ابلاغ فيدان بإلغاء الزيارة ردا على تصرف الفيصل مع اوغلو، فأبلغ فيدان أردوغان ان طائرة بندر في الاجواء التركية، فكان رد اردوغان: ممنوع ان يطأ الارض التركية، فغادرت طائرة بندر بعد هبوطها عائدة من حيث قدمت».
يروي القطب اللبناني تلك «الوقائع»، بحسب ما توفّرت له، ويرى «أن في لبنان من لم يقرأ بعد تلك التحوّلات»، مشيراً إلى ضرورة متابعة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط بدقّة. «صحيح أن استدارة الرجل لم تكتمل، لكن لا يمكن أن تكتمل بهذه السرعة، وموضوعياً، لجنبلاط اليوم ظروف يجب تقديرها، وما فعله حتى اليوم كافٍ لفهم قراءته».
وينقل احد أصدقاء جنبلاط عنه انه «دخل في خلوة مع الذات»، وهو مستاء مما آلت اليه الاحوال في العالمين العربي والاسلامي راهنا. وبرأيه ان «التاريخ الاسلامي تاريخ مشرّف وحمل للانسانية حضارات وصولا الى رواد عصر النهضة، ولا يجوز اننا قبل قرن كنا في رحاب فكر شكيب ارسلان وجمال الدين الافغاني والامام محمد عبده، مطلقي النهضة الاسلامية الحضارية اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وأكمل بعدهم العلامة عبدالله العلايلي وغيره من المجلّين، ووصلنا في يومنا الحاضر الى الظواهري والقرضاوي والبغدادي و… ممن يسيئون للاسلام».
ويقول صديق جنبلاط: «ان رئيس الحزب الاشتراكي مرّ في حديثه معه على الازمة السورية، معتبرا ان الحل هو باقتناع المعارضة بضرورة الحوار مع النظام لان ما يحصل هو تدمير لسوريا من قبل الطرفين، وهو على اقتناع ان التطرف القائم في المنطقة لن يوصل الا الى نتيجة واحدة وهي اخذ المنطقة والعالم العربي الى مزيد من التراجع الفكري والتخلف الانساني».
ويشير المصدر الى ان «الزعيم الجنبلاطي يعيد حساباته على المستويين الداخلي والخارجي، وهو مطمئن لموقعه الداخلي لانه رفض مجاراة من يريدون الذهاب الى التهور، ويرى ان لا حل الا باقتناع الفريق الآخر بضرورة محاورة حزب الله واعادة الانفتاح عليه، وعدم استمرار الرهان على إحداث تغيير في الميدان السوري من أجل إعادة خلط الاوراق انطلاقا من الساحة السورية، خاصة انه ثبت عدم قدرة المعارضة والنظام على الحسم، لذلك فان استمرار الحرب في سوريا امر عبثي، والمطلوب الجلوس الى الطاولة والتحاور بعقلانية وروحية منفتحة للوصول الى حلول تؤمن مستقبلا مستقرّا وباهرا ومزدهرا، سواء في لبنان او في سوريا، للشعبين اللبناني والسوري».
السفير
36/5/131111
https://telegram.me/buratha