رغم تصاعد حدة العنف في العراق وعمليات القتل المستمرة حتى كاد لا يهم عدد القتلى كل يوم، يعلق خبير أمريكي متخصص بشؤون العراق ويكشف جانبا متفائلا للمستقبل العراقي.
ولفت إلى ان مشاكل العراق لا تكمن برئيس حكومته نوري المالكي، إنما باتباع سياسة صدام حسين المركزية القوية، وبمجموعة " غاضبة تحيط به"- أي المالكي-.
"نفق العراق طويل، لكن في نهايته ضوء"، بهذه الجملة بدأ مايكل نايتس، الخبير في معهد واشنطن للشرق الأدني، تصوراته المستقبلية للوضع في العراق، حيث يرى أنه بعد 20 سنة، سيخرج العراق من محنته "وسيكون دولة رائدة، ومتسامحة، ومنفتحة".
وبين أن "كثيرا من الصور الإعلامية عن مشاكل العراق فيها مبالغات: القتل كثير، لكنه أقل مما كان عليه. وأيضا، القتل ليس في العراق وحده".
ويرفض نايتس وصف ما يجري بالحرب الأهلية، ويقول "كنت في العراق خلال أصعب السنوات 2006 و2007، لكن لم تكن تلك سنوات حرب أهلية. ولا الآن. ورغم أن كثيرا من العراقيين ينتقدون حكومة نوري المالكي، يبقى عاملان: أولا، تحرص أحزاب سياسية كثيرة على البقاء في البرلمان، وفي الحكومة، وثانيا، يحرص الكورد على عدم الدخول في مواجهة عسكرية مع الحكومة في بغداد".
وبسؤاله عن ما يمثله تنظيم القاعدة الارهابي من تهديد في ضوء تصاعد هجماته أخيرا، قال نايتس "لم نسحب فقط جنودنا من العراق، سحبنا، أيضا، أجهزة التجسس والمراقبة والمطاردة. سحبنا قدرات عملاقة تربط الأقمار الفضائية بما يجري على الأرض، ربما في كل شارع، وفي كل بيت. وهكذا، أعطينا (القاعدة) فرصة لتعيد تنسيق نشاطاتها، وتواصل القتل.
السبب الثاني هو أن (القاعدة) استفادت من الغضب الشعبي العام على الحكومة، الغضب على الفساد، والفوضى، والتقصير في تقديم الخدمات. بصرف النظر عن الانتماءات الإقليمية والطائفية والعرقية.
وتابع "السبب الثالث هو أن (القاعدة) زادت نشاطها في سوريا المجاورة، وصار غرب العراق مركزا، ليس فقط للقتل هناك، ولكن، أيضا، لتمويل القتل في سوريا".
وبسؤاله عن أنه ربما يكون الوحيد الذي يبدو متفائلا بمستقبل العراق، أجاب "لا تخطئ فهمي. العراق في وضع صعب جدا في الوقت الحاضر. لكني أعتقد أن المسؤولين في العراق سيستفيدون من أخطائنا نحن في العراق. بعد الغزو، نحن استهدفنا السنة بحكم أن نظام صدام حسين كان نظاما سنيا في الأساس. وخلطنا بين السنة المقاتلين والسنة السلميين. وها هي حكومة المالكي ترتكب نفس الخطأ، ولا بد أنها ستصل إلى ما وصلنا إليه نحن. هذا هو ما أركز عليه. ليس في الوقت الحاضر، ولكن في المستقبل".
وردا على سياسات رئيس الوزراء نوري المالكي، يقول نايتس "خلال وجودنا في العراق، قلنا إن المشكلة لم تكن صدام حسين بقدر ما كانت النظام العراقي المركزي القوي. لهذا، ركزنا على اللامركزية، ولهذا وضعناها وفصلناها في الدستور.
لكن، بعد أن خرجنا، عاد المالكي إلى مركزية صدام حسين القوية (...) وأحاط نفسه بمجموعة غاضبة، إن لم تكن انتقامية. وسيطر هؤلاء على تعيينات القوات المسلحة، والمحاكم، والبنك المركزي".
ويضيف أن "أساس مشاكل العراق ليس الاختلاف بين السنة والشيعة، أو العرب والكورد. ولكن بين المركزية واللامركزية. بين أن يحكم كل إقليم نفسه، وأن تحكم بغداد العراق حكما قويا، ومرة أخرى، أقول إن العراقيين، يوما ما، سيختارون اللامركزية".
وحول مسؤولية الولايات المتحدة عما يجري في العراق، يوضح نايتس "نحن سعداء لأننا خرجنا من العراق. أليس خروجنا دليلا على أننا اقتنعنا بأننا أخطأنا؟ أنا أفضل ألا نركز على الماضي، إلا بتحاشي أخطائه، والتركيز على محاسنه".
واضاف "إن لم يكن أي شيء آخر، الدستور اللامركزي الذي وضعناه والذي أعتقد أن فيه حل مشاكل العراق، كما قلت لك. واضح من سؤالك أنك تقول إننا تعمدنا نسيان العراق، وطرده من ذاكرتنا بعد أن خرجنا منه. كان هذا صحيحا خلال السنتين الماضيتين. لكن، ها هو وزير الخارجية جون كيري يحاول إنهاء هذا الإهمال، أو هذا النسيان".
https://telegram.me/buratha