قال وزير الخارجية الامريكية الأسبق هنري كسنجر، في كلمة له أمام مؤتمر السياسات الدولية في نيويورك في شهر شباط الماضي، إن ايران النووية هي أفضل شريك ممكن للولايات المتحدة الامريكية في الشرق الاوسط، وذلك لاسباب متعددة.
وحيث أن أولوياتها في المنطقة هي استمرار تدفق النفط، ومحاربة الارهاب وحماية اسرائيل، فإن الولايات المتحدة ترى أنها في حال تصالحت مع ايران يمكن لها أن تضمن أمرين وتحيّد أمراً:
1. تضمن تدفق النفط لأنها الدولة الأقوى في المنطقة، ولديها القوة الأكبر لحماية تدفقه، وبنفس الوقت لديها مصلحة ببيع نفطها.
2. تضمن جدّية في الحرب على الارهاب، كون ايران هدفاً اساسياً للتكفيريين والارهاب عموماً.
3. تحتمل تبريد الجبهة مع اسرائيل، لاسيما بعد طمانة اسرائيل أن لا نوايا عسكرية في البرنامج النووي الايراني.
هذا بالاضافة الى أن الكباش بين ايران واميركا في الأماكن والدول التي يتصارعان فيها، دائماً ما تكون الغلبة فيه لإيران، إما بالضربة القاضية أو بالنقاط، وما العراق ولا افغانستان ولا العراق ولا لبنان وحتى سوريا، إلا نماذج واضحة لذلك.
في المقابل، وفي حالة استمرار العداء، فإن حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، لا يملكون القدرة على حماية تدفق النفط فيما لو استمر التوتر بين ايران واميركا بدون تدخل عسكري اميركي مباشر غير معروفة نتائجه. ولم تلمس واشطن جدية من قبل حلفائها العرب في محاربة الارهاب، انما يقوم حلفاءها بتقويته، لا بل هم مصدره. اما في الموضوع الاسرائيلي، فإن كل العلاقات السرية والعلنية بين الدول العربية واسرائيل لم تمنع المقاومة المدعومة من ايران ان تقلق اسرائيل بشكل دائم وتحقق عليها انتصارات.
فلماذا لا تصادق القوي الذي يمكن ان تتشارك معه وتحقق معه الجزء الاكبر من اهدافها ومصالحها، وتترك حلفائها البائسين الذين، في كل الأحوال، لن يتخلوا عنها كون حكوماتهم هي صنيعتها أصلاً؟
فالسياسية تحكمها المصالح ولا تديرها الشهوات، وعندما اتخذت واشنطن قرارها بالانفتاح على ايران، لم تفعل ذلك حباً بالسجاد العجمي أو شوقاً إلى الكافيار، إنما لأنها وصلت الى قناعة أنها لا تستطيع أن تحكم سيطرتها على الشرق الاوسط وحدها، كما لا تستطيع وحدها أيضاً أن تحكم سيطرتها على العالم .
ففي الشرق الاوسط دولة قوية لها نفوذ مشرقي قوي، وسبق أن قضت على آمال وأحلام الولايات المتحدة الاميركية فيه، هي الجمهورية الاسلامية في ايران، التي جعلت الولايات المتحدة الامريكية تضطر للعودة الى الواقعية والتعامل معها كدولة اقليمية عظمى تتقاسم معها النفوذ بدل أن تستمر بالخسارة أمامها.
لقد أثبتت الجمهورية الاسلامية الايرانية انها دولة حاذقة في تعاطيها السياسي وبعيدة النظر، وتحيك سياساتها كما يحيك شعبها السجاد العجمي، وهي ليست دولة مغامرة تستند إلى عواطفها وأهوائها وأحقادها، إنما دولة تستند الى قوتها الفعلية وتدير مصالحها ومصالح شعبها وأمتها بشكل ذكي.
هذه القناعة الأميركية لم تأت فقط من خلال تجارب «الصراع»، فإيران هذه، لم تقبل يوماً، خلال مفاوضاتها السابقة مع مجموعة 5+1 أن تفاوض على كل الملفات سلّة واحدة كما كان يطرح الغرب عليها، وذلك كي لا تفرّط بأي من ملفاتها، وأصرّت أن تأخذ بالمفرّق كل شيء، وهي في طريق الحصول على كل شيء.
» يوسف وهبي – سلاب نيوز
7/5/131027
https://telegram.me/buratha