أنطوان الحايك
أعرب دبلوماسي شرقي عن خشيته من تضاؤل فرص انعقاد مؤتمر جنيف 2 اذا ما استمرت المعارضة المسلحة في فقدان مواقعها، والمعني هنا ليس “داعش” و”جبهة النصرة” انما “الجيش السوري الحر” والفصائل العاملة تحت الويته وكتائبه، وذلك على اعتبار أن التسوية الأميركية الروسية لا تلحظ مشاركة من وصفتهم واشنطن بـ”الارهابيين” في أي حوار يتعلق بمستقبل سوريا، ما يعني أن المشاركة ستقتصر على المعارضة السورية الممثلة بـ”الجيش الحر” وأجنحته السياسية، وبالتالي فإن فقدان هذا الفريق لمواقعه السياسية والعسكرية يفقده تلقائياً مواد الحوار التي قد تطرح على طاولة جنيف، وتدفعه إلى العرقلة للمطالبة بحد أدنى من المكاسب السياسية خصوصاً للمصلحة المعارضة السياسية المتمثلة بمعارضة الداخل كما يصفها النظام.
لم ينته كلام الدبلوماسي عند هذا الحد، بل رد على سؤال طرحته ” النشرة” حول السبب الحقيقي الكامن وراء انقلاب المشهد برمته وعما اذا كان تقدم الجيش النظامي المتسارع يعود إلى مفاعيل التسوية الأميركية الروسية أو لتداعيات الانفتاح الاميركي الايراني أو الى اداء الجيش السوري واستعانته بخبراء من روسيا وايران و”حزب الله”، فأشار إلى انخفاض منسوب الضغط السياسي على الحكومة السورية بعد انضمامها رسمياً إلى لائحة الدول المناهضة للسلاح الكيمائي والبيولوجي وحرمان نظامها من ورقة ضغط اقليمية ودولية، وبالتالي فإن تخفيف الضغط هذا يشكل دفعة أولى من الثمن السياسي الذي قبضه الرئيس السوري بشار الأسد لقاء تدمير ترسانته الكيماوية، ومن المرجح أن تتوالى الدفعات والانتصارات الميدانية التي تشكل الفرق وقت الحساب.
هذا لا يعني على الاطلاق أن التفاهم الأميركي الايراني لم يترك اثره الايجابي على النظام والسلبي على المعارضة، خصوصاً أن المفاوضات الأميركية الايرانية لا تدور حول الملف النووي وحده، بل تشمل أيضاً سلة من الملفات يختصرها الدبلوماسي بالانفتاح على بحث حجم الأدوار التي تحفظ لطهران حصة الأسد كما تضمن لها أمن وسلامة الخط الشيعي الممتد من ايران إلى لبنان مروراً بالعراق وسوريا، وما فورة التفجيرات التي تشهدها العراق وسوريا بشكل عنيف ومركز سوى تعبيراً عن استياء الدول الخليجية والعربية من التساهل الأميركي مع ايران وسوريا، وهذا بدوره أعطى دفعة جديدة من الدعم المعنوي للنظام السوري الذي أعاد التوازن إلى ادائه الدبلوماسي والعسكري، وكل ذلك على حساب المعارضة التي تعيش حالة من الاحباط مردها أولاً وأخيراً إلى سقوط مشروع التدخل العسكري الغربي في سوريا، وهذا لم يكن وارداً من الأساس انما لمجرد الضغط للوصول إلى تقليم اظافر النظام الاقليمية والابقاء عليها بالنسبة للوضع داخل سوريا، نظراً للحاجة لأي فريق يحارب الارهاب قولاً لا فعلاً.
وعن اداء الجيش السوري، كشف الدبلوماسي عن معلومات تملكها بلاده تؤكد أن النظام السوري بدأ منذ مدة غير قصيرة بالاستعانة بخبراء من خارج الحدود والاستفادة من تراكم الخبرات في مطبات حروب الشوارع وتكتيكات حروب العصابات، والنتيجة المشهود لها حالياً تعود إلى انتهاء الدورات القتالية التي كان الأسد قد خص بها بعض الكتائب الموالية له، لكن كل ذلك في المحصلة يؤدي إلى نتيجة واحدة وهي دق مسمار في نعش جنيف والسير بخطى ثابتة باتجاه الحسم العسكري، وهذا أيضاً ما تطلبه موسكو باعتباره يمنحها المزيد من الأوراق الصالحة للمقايضة مع تقدم التسوية وبروز معالمها.
15/5/131016
https://telegram.me/buratha